تحليل: ما أسباب الاهتمام العربي والدولي المتزايد بالانتخابات التركية؟

السبت 13 مايو 2023 13:01:00
testus -US

أعلن تحالف الأمة المعارض في تركيا الذي يضم ستة أحزاب عن تسمية زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليجدار أوغلو مرشحاً له في الانتخابات الرئاسية، والذي يخوض معركته الأولى في السباق الرئاسي ضد الرئيس الحالي زعيم حزب العدالة والتنمية رجب طيب أردوغان.

وانسحب محرم إنجه أحد المرشحين من السباق الرئاسي، ومن المحتمل أن تعزز هذه الخطوة فرص كليجدار أوغلو أكبر منافسي أردوغان.

لكن السؤال الأبرز الذي سنحاول الإجابة عنه يتعلق بتأثير تلك الانتخابات ونتائجها في الحالتين، (فوز أردوغان أو فوز مرشح المعارضة كمال كليجدار أوغلو)، على منطقتنا العربية، التي ترتبط بعلاقات وثيقة مع أنقرة في ملفات متعددة، ليس أهمها الاقتصاد والتجارة البينية مع مختلف الأقطار العربية، بل أيضا على المستوى السياسي الذي يشهد تشابكا في الملفات والمصالح بين أنقرة والعديد من العواصم العربية.

ملف اللاجئين:

هو الملف الأصعب الذي من المتوقع فتحه عقب انتهاء الانتخابات التركية، وهو ملف يحظى بمتابعة عربية عامة، وسورية على وجه الخصوص، خاصة من السوريين الموجودين في تركيا.

تؤكد بعض الإحصاءات إن أكثر من 5.5 مليون سوري موجودون في تركيا، ومكمن الخطورة في هذا الملف هو حالة الاهتمام التركي على مستوى المعارضة به، حيث حدد مرشحها كمال كليجدار أوغلو في أحد خطاباته الانتخابية، مدة عامين في حال نجاحه، لإعادة اللاجئين السوريين لبلادهم.

لم يكن القلق من خطاب المعارضة التركية موجودا لدى السوريين أو الأفغان أو أي من الجنسيات التي لجأت إلى تركيا، بل إن منظمات حقوقية، ودول أوروبية أعلنت تخوفاتها من عزم المعارضة التركية معالجة ملف اللاجئين بهذه الطريقة.

ورقة العلاقات العربية

الدول العربية كانت حاضرة وبقوة في المشهد الانتخابي التركي.
صحيح أن السلوك التصويتي في أي انتخابات يعتمد بالأساس على الأوضاع الداخلية، فالوضع الاقتصادي والامني والاجتماعي والمعيشي، هو ما يحدد اتجاهات هذا السلوك التصويتي، لكن في الحالة التركية الوضع الداخلي مرتبط بشكل كبير بالأوضاع الإقليمية والدولية، ما يعني أن العلاقة مع العالم العربي تبدو مؤثرة وبعمق في الشأن الداخلي التركي الذي يحدد بالتالي السلوك التصويتي للناخب التركي.

خصوصية الملف السوري:

كان للصراع السوري تأثير كبير على الخطاب السياسي الداخلي التركي، حيث تركز معظم النقاش حول الصراع نفسه، ودور تركيا في شمال سوريا، وأزمة اللاجئين.
(المعارضة) إذا نجحوا في الانتخابات المقبلة، فإنهم يخططون للانسحاب من شمال غرب سوريا، إضافة إلى نظرتهم إلى نظام الأسد وحكومته كشريك محتمل للتعاون المستقبلي، وقد اقترحت بدء مناقشات مع الحكومة السورية وأصحاب المصلحة الإقليميين الآخرين، باستثناء "المنظمات الإرهابية"، لحل الصراع السوري وفقًا لقرارات الأمم المتحدة.

الخليج العربي:

يعد الملف الاقتصادي العربي من الملفات المرشحة وبقوة للتأثر بنتائج الانتخابات التركية المقبلة، حيث تمتلك العديد من دول الخليج العربية حصة كبيرة من الاستسمارات في تركيا، وبالتالي فإنها معنية وبقوة بنتائج تلك الانتخابات.

الملفات العربية المتعلقة بالسياسة التركية كثيرة ، والتأثيرات ربما تتعدى نواحي اقتصادية إلى آثار سياسية تتعلق بالأوضاع الداخلية في عدد من الدول العربية، وأردوغان هو الورقة التي يراهن عليها كثير من العرب في حين يتمنى آخرون لأسباب أخرى فوز كليجدار...

اهتمام دولي:

لعل مصدر هذا الاهتمام الدولي والعربي بالانتخابات التركية يعود إلى موقع تركيا الاستراتيجي في السياسة الدولية، وتأثيرها على العديد من الملفات الحيوية، لا سيما أزمة أوكرانيا، وملف الطاقة في شرقي المتوسط، فضلا عن الأزمتين السورية والليبية، والصراع بين أذربيجان وأرمينيا في القوقاز.

فروسيا التي تطورت علاقاتها كثيرا مع تركيا خلال السنوات الأخيرة باتت ترى في تركيا جدارا سياسيا لها في مواجهة السياسة التوسعية لحلف شمال الأطلسي ( الناتو )، فيما يرى الغرب بشقيه الأمريكي والأوروبي أن تركيا بتقاربها مع روسيا، وعقد صفقات سلاح نوعية معها، باتت تخرج عن ثوابت العلاقة التاريخية مع الغرب، لاسيما جناحه العسكري حلف الناتو.

الخلاصة:

كل المعطيات المتعلقة بالانتخابات التركية تشير إلى أن تركيا أمام منعطف تاريخي - سياسي يوم غد الأحد ، وليس مجرد استحقاق دستوري يتعلق بإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية فحسب، وعليه يمكن فهم سر الاهتمام الدولي والإقليمي بمعرفة هوية الفائز في هذه الانتخابات، فكل من أردوغان وكليجدار أوغلو يمثل رمزية سياسية مختلفة، تشكل محددا لطبيعة نظام الحكم وخياراته السياسية.

العميد الركن/ ثابت حسين صالح

*باحث ومحلل سياسي وعسكري في بوابة المشهد العربي.