صحيفة دولية: حسابات هادي السياسية تكرس الاحتقان في عدن
كرّس قرار الرئيس الانتقالي اليمني عبدربّه منصور هادي بإحالة اثنين من القيادات العسكرية الجنوبية إلى القضاء، على خلفية الأحداث الدامية التي شهدها حفل تخريج طلاب من الكلية العسكرية نهاية الأسبوع الماضي، حالة الاحتقان التي تشهدها محافظة عدن بجنوب اليمن التي يتخذ هادي من مركزها عاصمة مؤقتة، دون أن تكون له بصمة فعلية على أرض الواقع، الأمر الذي قوّى حركة المعارضة لسلطته، وخصوصا في صفوف الجنوبيين الذين عادوا يرفعون الصوت مطالبين بفصل جنوب اليمن في دولة مستقلّة عن الشمال.
وقُتل السبت طالب بالكلية العسكرية بعدن، وجرح عدد آخر في مواجهات اندلعت فجأة أثناء حفل تخريج دفعة جديدة من الطلاب.
وقرّر هادي إحالة العميد منير المشالي أحد قادة القوّات الخاصّة المعروفة بـ”الحزام الأمني”، وعبدالناصر البعوة القيادي في المقاومة الجنوبية المشاركة في الحرب ضدّ المتمرّدين الحوثيين، على القضاء، ما جعل ساسة وقادة رأي جنوبيين يهاجمون القرار ويعتبرونه جزءا “من تصفية حسابات ضدّ القوى الجنوبية”.
وعلّق السياسي الجنوبي أحمد عمر بن فريد على قرار هادي بالقول “اليوم فقط تذكّر هادي أن لديه قضاء وقانونا. لكن هذا القضاء لا يجوز له أن يقترب من أكبر مؤسسي الفساد ولو حتى بالمساءلة”.
وتسلّط الأحداث والتطورات السياسية والعسكرية الجارية في اليمن، ضغوطا شديدة على الرئيس الانتقالي عبدربّه منصور هادي والسلطة التي يقودها، وتدفعه إلى التحرّك بسرعة لإثبات وجوده على الساحة ولتأمين دور له في مستقبل اليمن بعد الحرب ضدّ المتمرّدين الحوثيين سواء تمّ حسمها عسكريا على يد التحالف العربي والقوات اليمنية المتعدّدة التي يدعمها، أو تمّ الخروج من تلك الحرب بتسوية سلمية عبر الحراك السياسي الذي يقوده المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث.
وتنظر دوائر سياسية يمنية وعربية إلى الدور الذي قام به هادي منذ انقلاب الحوثيين على السلطات الشرعية وفرضهم حكم الأمر الواقع على العاصمة صنعاء وعدّة مناطق يمنية على أنّه “كان دورا رمزيا واعتباريا وقانونيا إلى حدّ بعيد، فيما كان أداؤه على الأرض ضعيفا، بل شبه منعدم فعليا سواء في إدارة المناطق المحرّرة أو في مواصلة جهود تحرير باقي المناطق اليمنية من أيدي الحوثيين”، بحسب توصيف دبلوماسي عربي سبق له أن عمل في اليمن خلال فترة حكم الرئيس السابق علي عبدالله صالح.
وقال الدبلوماسي الذي طلب عدم ذكر اسمه، إنّ “أطرافا أخرى على رأسها التحالف العربي هي من قامت بالعمل الفعلي في اليمن بدلا من سلطة هادي التي لم تسلم من صراعات داخلية على السلطة، واخترق أجهزتها فساد كبير”.
وحملت حادثة الكلية العسكرية والإجراءات الرئاسية في إثرها، بوادر صدام جديد بين عبدربه منصور هادي والقوى الجنوبية اليمنية.
وتؤكّد مصادر مطلّعة على الأوضاع في اليمن، اتساع الفجوة بين هادي والقوى الجنوبية التي تتهم الرئيس الانتقالي بمحاولة “إحكام قبضته على السلطة وتحييد معارضيه، عبر محاولتين فشلت أولاهما فيما الثانية مستمرّة، رغم ما تنطوي عليه من مخاطر”.
وقال مصدر سياسي يمني طلب عدم الكشف عن هويته إنّ المحاولة الأولى الفاشلة تمثّلت في استمالة قادة حزب المؤتمر الشعبي العام لتوحيد شتات الحزب تحت قيادة هادي بعد مقتل مؤسس المؤتمر وقائده الرئيس السابق علي عبدالله صالح.
وتقيم الكثير من قيادات حزب المؤتمر المنقسم داخليا في مصر التي زارها هادي مؤخّرا حيث أجرى اتصالات مع تلك القيادات التي كشفت له بشكل نهائي وواضح عن موقفها السلبي منه وعدم رغبتها في العمل تحت قيادته. أما المحاولة الثانية، فتتمثّل بحسب نفس المصدر، في رهان الرئيس الانتقالي على الإخوان المسلمين الممثّلين في اليمن بحزب الإصلاح، وذلك عبر التمكين لهم في السلطة التي يقودها، وتشجيعهم على السيطرة ميدانيا عن طريق ميليشياتهم المسلّحة، على مناطق الجنوب اليمني وهو ما تعكسه بشكل واضح الأحداث الأخيرة في مدينة تعز.
وأدان فضل الجعدي القيادي بالمجلس الانتقالي الجنوبي ما سماه “الاعتداءات والانتهاكات والممارسات الاستفزازية التي تقوم بها قوى وجماعات مسلحة تابعة وموالية لجماعة الإخوان المسلمين داخل الشرعية بحق أبناء بيحان في شبوة وفي مديريات الوادي في حضرموت، وفي عدن”، داعيا سلطة هادي إلى ضبط من سمّاهم “أدواتها وعناصرها التي تحاول جر البلاد ومناطق الجنوب نحو الفوضى والانفلات بسلوكياتها الاستفزازية”.