تحليل: حرب كسر عظم
غالبا ما كنت أكتب أكثر، في القضايا السياسية والعسكرية...لكنني لم انسى يوما أن "السياسة هي اقتصاد مكثف"، وأن حرب الخدمات هي جزء رئيسي مؤثر من الحرب الشاملة.
بل أن حرب الخدمات استخدمت ضد شعب الجنوب بشكل مكثف ومركز يشبه القصف المدفعي والصاروخي الذي يسبق ويرافق أي مرحلة من مراحل الحرب ومعاركها بكل أنواعها وأشكالها.
حرب الخدمات ضد الجنوب بدأت بعد تحرير عدن مباشرة باعتبارها جزء من الخطة (ب) إلى جانب الأنواع الأخرى من الحروب كحرب الجماعات الإرهابية والحرب النفسية والمرتبات...الخ.
غير إن حرب الخدمات ضد الجنوب تضاعفت وأصبحت أكثر شراشة بعد فشل محاولات إخضاع الجنوب بالقوة العسكرية مرة أخرى لاحتلال شمالي سوى كان باسم الشرعية او باسم الحفاظ على الوحدة، وتحديدا بعد أن أصبح للجنوبيين حاملا سياسيا جامعا هو المجلس الانتقالي الجنوبي، فرض على الجميع احترامه كتجسيد استحقاقي لاحترام إرادة شعب الجنوب المعبر بمليونية تفويض القائد عيدروس الزبيدي يوم ٢٧ أبريل ٢٠١٧م.
على أن أشد مراحل حرب الخدمات ضراوة كانت بعد هزيمة مؤامرة الاستيلاء على عدن تحت يافطة "الشرعية" في أغسطس ٢٠١٩م وفشل غزوة "خيبر".، وبعد أصبح الانتقالي وفقا لاتفاق الرياض ومشاورات الرياض الرقم الصعب ليس فقط في المعادلة العسكرية بل في المعادلة السياسية أي سلما وحربا.
خلال هذه المرحلة إشتركت قوى عدة في شن هذه الحرب بتنسيق وتنظيم يحسد عليه المنظمون، سواء الحوثيون بضربهم للمصالح الجنوبية بالصواريخ والمسيرات وحرب استنزاف العملة في الجنوب وحرب الأسعار والبضائع والسلع والعمالة والنازحين أو الطرف الشمالي في الشرعية الذي ظل وما زال، بالتعاون مع سلطة صنعاء، يمسك بمفاتيح الايرادات والمساعدات الخارجية والقروض وبمراكز المؤسسات المالية والايرادية كالاتصالات والطيران والصناديق...الخ.
ليس هذا فحسب ، بل أن سلطة الشرعية تماهت مع تصرفات الحوثيين وخدمتهم تلقائيا بسياساتها الفاشلة وسلوكياتها وممارساتها الغارقة في الفساد والإفساد.
الآن وصلت حرب الخدمات في هذا الصيف الجهنمي إلى آخر مداها وفقد الجنوبيون القدرة على الصبر ، ووجد المجلس الانتقالي نفسه بين مطرقة الشعب الغاضب وبين سندان حرب الخدمات ، بل وضغوطات التحالف وبعض الدول لمقايضة الخدمات مقابل التنازلات المبدئية التي تمس الوطن قبل المواطن.
لذلك هذه المرحلة هي مرحلة كسر عظم...فيا ترى من يكسر عظم الآخر؟...
ينتظر الناس انكسار هذه الحرب اللعينة والدنيئة وليس انكسار ظهورهم.