مآساة عمال مونديال قطر.. أجور زهيدة بلا رعاية صحية ووفيات بالجملة
أكد عمال بمنشآت مونديال قطر 2022، أنهم يعيشون في غرف ضيقة بطريقة مهينة حيث يتكدس أكثر من 7 أشخاص في الغرفة الواحدة، مشيرين إلى أن كثيراً منهم قضوا نتيجة العمل تحت درجات الحرارة العالية.
وقال العمال في مقابلة بثتها إذاعة صوت ألمانيا "دويتشه فيله"، إنهم يعملون في ظروف قاسية مقابل أجور زهيدة، وسط انعدام الرعاية الصحية على الرغم من الوعود التجميلية التي بذلتها السلطات القطرية مراراً دون أي تغير يُذكر في أوضاعهم التي تتقهقر كل يوم، مسفرة عن المزيد من الضحايا.
وخلال إحدى فترات الظهيرة في فصل الصيف، كان العمال يواصلون أعمالهم بنحت قطعة ماس في الصحراء، وهو الشكل الذي سيكون عليه استاد المدينة التعليمية في قطر، الذي من المتوقع أن يستضيف 40 ألفاً من مشجعي كرة القدم وأن يكون جاهزاً بحلول عام 2019.
وفي الـ28 من يوليو/تموز، رصدت إذاعة صوت ألمانيا (دويتشه فيله) عشرات العمال يعملون بين الساعة 11:30 صباحاً والـ3 مساءً، رغم أن تلك الساعات مخصصة لفترة الراحة خلال الفترة من 15 يونيو/حزيران و31 أغسطس/آب؛ لأنها تعتبر الأشد حرارة خلال العام.
وكان العمل يمضي، على الرغم من حث الخبراء على إيقافه خلال الفترات بالغة الحرارة في فصل الصيف، حيث يمكن للحرارة أن تصل لـ50 درجة مئوية، ما أدى لوفاة المئات خلال عملهم بمشروعات كأس العالم في قطر.
وفي عام 2012، توفي 520 عاملاً، وأكثر من 300 من تلك الحالات لازالت دون تفسير؛ حيث تقول قطر إن أسباب الوفيات غير متعلقة بأوضاع العمل، منها أزمات قلبية أو فشل بالجهاز التنفسي، لكن المنظمات الحقوقية تنظر للتشخيص القطري كتلاعب في توصيف الأسباب الحقيقية للوفيات، التي هي في الحقيقة متعلقة بالعمل خلال فترات الحرارة العالية.
انتهاكات صارخة
وقال ﻧﻴﻜﻮﻻس ﻣﺎﻛﻐﻴﻬﺎن، اﻟﺨﺒﻴﺮ ﻓﻲ ﺣﻘﻮق اﻟﻌﻤﻞ بالخليج العربي، إن الانتهاكات في الملعب المرتبط بالفيفا أكثر خطورة؛ لأن مشروعات الفيفا تحكمها اللجنة العليا للمشاريع والإرث في قطر، التي تعِد بمعايير أعلى لرفاهية العمال، لكن هذه الواقعة ترجح أن المتعاقدين لا يلتزمون حتى بالقوانين الأساسية.
وحاول النشطاء إبراز تلك المشاكل الصحية لمنظمي كأس العالم، لكن رغم تلك الجهود، لاتزال هناك ثغرات، ويتساءل نشطاء مثل ﻣﺎﻛﻐﻴﻬﺎن عن مدى جدية قطر في تغيير موقفها تجاه القوى العاملة.
خلال زيارة دويتشه فيله، لم يكن مسموحاً لهم دخول أي من المرافق التابعة لكأس العالم بسبب "مهلة الإخطار القصيرة" لطلبهم، وفقاً لمسؤولين.
تغييرات تجميلية
يعيش العمال الوافدون في مهاجع، مثل تلك الموجودة داخل مخيم بروة، الذي يبعد مسافة 45 دقيقة بالسيارة عن ملعب المدينة التعليمية.
العمال في هذا المخيم غير سعداء حيال المبلغ الزهيد الذي يتقاضونه وهو 750 ريالاً (200 دولار)، كما أن انخفاض مستوى المعيشة يصعّب إمكانية النجاة من الحرارة والرطوبة في قطر.
محمد أكرم ووسيم خان، وهي أسماء مستعارة حفاظاً على هويتهم، هنديان يعملان كهربائيين بموقع مترو الدوحة.
"حياة الكلاب أفضل"
محمد أكرم يعمل في قطر منذ 10 أعوام، وبالنسبة له لم يشعر بأي إصلاحات، ففيما عدا نقله من المهجع التقليدي إلى المخيم الخرساني، لم يتغير أي شيء بالنسبة له، حتى خلال العامين اللذين تعهدت فيهما قطر بالقيام بإصلاحات.
أكرم قال لدويتشه فيله: "نحن سبعة في غرفة واحدة، وحتى الطعام الذي نحصل عليه فاسد"، وعند سؤاله عن جواز سفره، أوضح أن "صاحب العامل صادره منذ لحظة وصوله".
أما وسيم خان، زميل أكرم في الغرفة، يفكر بالفعل فيما إن كان عليه حزم أمتعته والعودة إلى الهند، رغم أنه وصل إلى قطر منذ 6 أشهر ويقول إن حياته في المخيم لا تطاق.
وقال خان لدويتشه فيله، إن حياة الكلاب أفضل في قريته، وإنه يصاب بالدوار من شدة الحرارة.
استمرار حالات الوفيات
اللجنة العليا للمشاريع والإرث في قطر مسؤولة عن رفاهية العمال العاملين بمشروعات فيفا، وقد وعدت شركة سكك حديد قطر بالتحقيق فيما شاهدته دويتشه فيله ووعدت باتخاذ إجراء.
لكن على الرغم من تلك الوعود، لازال العمال يفقدون أرواحهم، فبعد أيام من زيارة دويتشه فيله، وردت تقارير بوفاة عامل نيبالي (23 عاماً) بملعب الوكرة.
بوابة العين