بكيتك يا نشوان

محمد النقيب

نشوان - حوات الجنوب- سلام عليك وانت في مرقدك الطاهر بين الثرى وفي علياء الله.

دعني في البداية ارتب شريط الذاكرة أُشيّك على مكتسباتنا منك.. وعيا وعزة، ثباتا وكرامة ،تضحية ونبل الاخلاق، موقفا ورؤية ، قولا وفعلا ، جسارة وشجاعة، قرارا واختيارا ، خواء البطن وامتلاء الراس فكرا وتجربة، برد الشتاء ولحاف الجرائد، قصف الكلمة من المنصات الالكترونية في مملكة الاغتراب بالتخفي في المريخ، تقنية القلم الرشاش ومهارة الترفع عن اهواء الذات.

اكملت التشييك والجرد .. ومحتارٌ جدا في اي المراتب القيمية النضالية الاسطورية احسب تلك التي اكتزنتها في سنين اغترابك بالمملكة العربية السعودية حين كنت على مدى خمسة اعوام في وضع المجهولين ومن كوة فندق يضج بمخبري صنعاء ودبلوماسيتها الشاكية للرياض حوات الجنوب وناشطين جنوبيين في مدونات الشبكة العنكبوتية ومنصاتها تقصف بالكلمة قاتلي سلمية ثورتنا الجنوبية سفاكي الدم الجنوبي وفاطري صدورنا العارية، تلاحقك خلايا الامن، تفتش عنك اسما وصورة، قضية وهدف، يسألك احدهم على النافذة الالكترونية.. اين انت ! ؟ فترد بثقة في المريخ.

ثروة الثورة القيمية الوطنية والانسانية ثروتك.. فيا نعم الغناء ، ستحكيها الاجيال بفخر واعتزاز ، هي عزاؤنا لفقدك جسدا، اليوم سينذرها لغد قد يأتي مفلسا من الرموز الكفاحية وللمستقبل الخامل بدون حيويتك ، وقف لروحك الطاهرة في طريق التاريخ، زادا لمن اراد بلوغ تاريخك النضالي.

نشوان المتأنق جوهرا ومظهرا ، الدافيء المثقف المحب لعدن والجنوب، .. عندما زرتك قبل يومين الى مستشفى الجمهورية كانت حالتك الصحية على لسان الاطباء في تحسن، قال لي اخوك النميري ليلة امس انك لوحت بيدك لحبيبك ورفيق دربك زيد الجمل، قلتُ لحضتها "انا مازلت قلق يا نميري طالما و(قلق الجنوب) مازال في غرفة الانعاش"، في مشفى يضيق الكثير من كبار كوادره من المرضى، وقتهم مضغوط بدوام العمل الخاص في المشافي الاهلية والعيادات الخاصة، انهم يتصرفون وكأنهم معذورون من هذا السلوك الارعن ، قلت عنك( قلق الجنوب) لانك لم تهدأ من الجنوب ومستجداته الا عندما تعطلت رئتاك من استنشاق هواءه ، سيفتقدك هذا البلد الذي اعسرت به رحم الدنيا في حمل عنقودي محلي واقليمي ودولي شائك فأنت من كتبت اول سطوره بقوة ورشاقة وشغف وحجة واقناع وبسالة وصمت وتواضع أصيل.

بكيتك يا (حوات الجنوب) بكيتُ اسرة انت صغيرها طال بها كدح العيش من طول نضال وتضحيات رجالها الابطال ، كنا نضن انها بعد هذا الكفاح الجسيم الباهض العزيز المكابر لن تحزن او تقلق ، سيأتيها الجنوب بمسرات شملها ستستعيض مفقودات هدوئها وراحة البال ، لن تعاود عليها كلفة سرير في مشفى ، ستجد طريقا سالكا الى مشافي القاهرة ودلهي، لن نرى العميد عبدالله حسين احد كبار القادة المؤسسين للمقاومة الجنوبية ورئيس المجلس الانتقالي في الازارق بفرزة القاهرة، تصورناه وفقا لقائمة الاستحقاق قائد لواء او على الاقل يقود طقما( صرف ) يسجل به حضورا اخلاقيا للتحالف العربي والمجلس الانتقالي في الازارق مديرية الشهداء... ما علينا لن نصيبكم بعدوى الانانية المشروعة.

ومرة اخرى من بكاء النميري بكيت لفقدك يا نشوان، حزنت العزة ونعيت الكرامة التي اودعها الله فيكم، تحت ظل الشجرة في فناء مستشفى الجمهورية قضى النميري خمسة ايام بلياليها على بزته العسكرية يصحو وينام ان كان قد ترك له البعوض والحر لحظة للهجوع، كان امله في شفائك كبير.. لكن هو قضاء الله الذي لايرد اخذك منا معلما نضاليا جسورا وابقاك فينا مدرسة الوعي والعزة والثبات والتضحية

تغشاك رحمة ربي واسكنك فسيح جناته

محمد النقيب


مقالات الكاتب