التقرير ومشاورات جنيف للسلام في اليمن
د. محمد علي السقاف
قبل عدة أيام قليلة من موعد عقد مؤتمر السلام في جنيف في السادس من سبتمبر (أيلول)، صدر من جنيف ذاتها في 28 أغسطس (آب) الماضي تقرير مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان المتعلق باليمن.
اللافت للنظر توقيت صدور هذا التقرير الذي أثار الصدمة والجدل لدى أطراف النزاع اليمني، وبوجه خاص من قبل الشرعية ودول التحالف العربي برئاسة المملكة العربية السعودية وشريكتها الإمارات العربية المتحدة.
والسؤال البديهي الذي يمكن أن يطرحه أي مراقب لماذا صدر هذا التقرير في هذا التوقيت الحرج قبل انعقاد مؤتمر جنيف؟ ألم يكن بالإمكان نشره بعد نهاية المشاورات الأممية في جنيف؟ هل المقصود من ذلك استخدامه كورقة ضغط على طرفي النزاع المتمثل بالحكومة الشرعية وجماعة أنصار الله الحوثيين؟ أم أن الهدف منه إحراج مارتن غريفيث ممثل الأمين العام للأمم المتحدة لوجود نوع من التكامل والتنافس بين هيئات الأمم المتحدة؟ صحيح أن هيئات الأمم المتحدة محددة اختصاصاتها في ميثاق الأمم المتحدة نفسه ولكن هذه الهيئات والوكالات التابعة لها تستغل أحياناً في ظروف معينة لاستخدامها من أجل تطويق وتجاوز بعض التعقيدات الدستورية في الميثاق لحل بعض القضايا الشائكة كما حدث أثناء الحرب الباردة ومؤخراً في نطاق محدود بإحالة بعض القضايا من مجلس الأمن إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة تفادياً من الاستخدام المفترض للفيتو!! والجدير بالإشارة هنا أن مجلس حقوق الإنسان أنشئ بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة في 15 مارس (آذار) 2006، وهو مكون من 47 دولة عضواً في المجلس ممثلة فيه 6 دول عربية منها ثلاث دول عربية خليجية، في حين أن المبعوث الأممي غريفيث معين من قبل الأمين العام للأمم المتحدة بالتشاور مع مجلس الأمن الدولي، وكان مثيراً ملاحظة أن السيد غريفيث حاول التهرب من الإجابة في مقابلته مع «سكاي نيوز» العربية الإماراتية حول رأيه في التقرير، ولكن إصرار الصحافية جعلته يقر بأهمية بناء مناخ من الثقة «بجعل الجو أقل حدة ويخفف من النزاع حتى لا تتعاظم هذه التوترات (بسبب امتعاض الشرعية والتحالف من مضمون التقرير) التي حتماً قد تؤثر على المحادثات بين الطرفين.
ولعل عدم استقبال الرئيس هادي كالمعتاد السيد غريفيث عند زيارته يوم السبت إلى الرياض جعل اللقاء يقتصر بينه وبين وزير خارجية الحكومة اليمنية.
فإذا كان الوفد الحكومي للشرعية قد حدد أسماء المشاركين في الوفد فإن الجانب الآخر الذي يسميهم غريفيث بدبلوماسية «وفد صنعاء» وليس «سلطة الأمر الواقع» وفق تسمية التقرير للحوثيين، فإنهم حتى الآن لم يعلنوا عن أعضاء وفدهم ربما يريدون بذلك تكرار أحد أسباب فشل مؤتمر جنيف الأول لعام 2015.
لا شك أن المشاورات القادمة في جنيف لن تكون فرص نجاحها مضمونة من حيث تأكيد غريفيث أن محادثاته ستنطلق من نتائج اللقاءات السابقة بما فيها مؤتمر الكويت، مع الأخذ في عين الاعتبار التطورات اللاحقة التي حدثت منذ ثلاث سنوات والعمل على تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي 2216.
فلا نتائج محادثات الكويت ولا القرار 2216 يحظيان بالموافقة لدى الحوثيين مما يجعلنا نتساءل عن مصير مشاورات جنيف التي سيكون توقيت صدور التقرير الأممي قد ساهم في رفع درجة التشاؤم في فرص نجاح المؤتمر.