الشعب يريد حلاً
سعيد الجمحي
فشلت الحكومة اليمنية في تأمين حلول حقيقية لعدد كبير من الأزمات الخانقة، وظلت تواصل إعلان الوعود بوضع خطط جديدة للتوصّل إلى حلول، ولاتزال عاجزة عن تحسين الأوضاع الأمنية والاقتصادية وغيرها من المجالات، ولاسيما التي تمس الحياة المعيشية لدى المواطن. ورغم مرارة المعاناة، ظل الناس صابرين، ومصابرين، على أمل أن يكون القادم أفضل، لكن الحكومة استمر عجزها، لأنها تفتقر لاستراتيجية صحيحة وواضحة، وبدلا من معالجة المسائل الأساسية، قرّرت الحكومة توسيع دوائر الفساد، وتجاهل التململ الشعبي الآخذ في الاتساع والتصعيد.
فخرج الناس في المحافظات الجنوبية إلى الشارع للاحتجاج على غياب دور الحكومة للتخلص من معاناتهم.. انقطاعات الكهرباء، وشحّ المياه، وانهيار العملة، وغلاء المعيشة، وتردي الخدمات الصحية والتعليمية، وهي مشاكل تزداد وطأتها يوماً بعد يوم.
وقدّم رئيس الوزراء الدكتور أحمد عبيد بن دغر عدداً من الوعود، وقام بتعهدات لسكان الجنوب الذي يشهد انقطاعاً متكرّراً للكهرباء وموجة حرّ شديدة، وتحدث سابقاً عن «صيف بارد»!، إلا أنه لم ينجح في شيء من وعوده، فازداد السخط الشعبي، وفقدان ثقة الجنوبيين بقدرة الحكومة، فالخدمات لاتزال في حالة يُرثى لها، ويتطلّب إصلاحها دولة تعمل بجدية، وهذا ما لا يستطيع توفيره نظام سياسي متعثّر، ومنغمس في الفساد.
المواطن الجنوبي ليس لديه من الوسائل المتاحة للفت الانتباه إلى المشاكل التي يعاني منها في وجه حكومة لا تستجيب لمطالبه، سوى الخروج الى الشارع، ليُعبر عن غضبه ومعاناته.
وفي المقابل، تم الإعلان عن لجنة اقتصادية عليا، اجتمعت وأقرت حزمة إجراءات سريعة وعاجلة لوقف تدهور العملة المحلية أمام العملات الأجنبية.
وعُقد الاجتماع برئاسة الرئيس هادي، وشدد على دراسة الحالة الاقتصادية ووضع التدابير الكفيلة بعودة الاستقرار التمويني والغذائي والخدماتي إلى وضعها الطبيعي والوقوف بحزم أمام مختلف الاختلالات والظواهر التي أسهمت وشجعت على التلاعب
بمعيشة السكان واستقرار المجتمع.
ووجه الرئيس، في الاجتماع الذي حضره نائبه الفريق علي محسن صالح، ورئيس الوزراء أحمد عبيد بن دغر، بالعمل على تصدير النفط من كل الحقول في مأرب وشبوة وحضرموت عبر ميناء النشيمة وميناء الضبة والبدء بتصدير الغاز عبر بلحاف وذلك في خطوة تهدف إلى تنمية الإيرادات. وشدد هادي على ضرورة وضع تصور لإجراءات تحد من المصروفات وتحديد الأولويات وإيقاف أَي مصروفات ثانوية وتفعيل أجهزة الرقابة على المال العام.
وأقر الاجتماع إضافة زيادة في مرتبات القطاع المدني بما في ذلك المتقاعدين والمتعاقدين.
وقدم رئيس الحكومة، ورئيس اللجنة الاقتصادية عدداً من المقترحات والرؤى العاجلة التي يعول عليها في تجاوز تداعيات أسعار الصرف والخروج من الأزمة الاقتصادية الراهنة... كل ذلك وفقاً لوكالة الأنباء اليمنية الرسمية.
فكانت النتيجة زيادة في التدهور المعيشي، وتدهور في قيمة الريال، وغادر أغلب من حضروا الاجتماع إلى خارج البلاد، واستمرت المعاناة!
اللافت للنظر أن الذين يتولون إيجاد المخارج من الأزمات هم أنفسهم الذين تسببوا - ولازالوا - في خلق الأزمات. فمنظومة الفساد يتم تدويرها تحت مسميات جديدة.
فالسيطرة على الاقتصاد من جانب نخبة صغيرة في قطاع الأعمال مقرّبة من السلطة، ومن جانب الرئيس نفسه، تعتبر محركاً أساسياً ودافعاً مهماً للاحتجاجات الراهنة، وتعكس فقداناً للثقة بتلك الحلول النظرية والترقيعية.
ولذلك إذا لم يُبذَل أي مجهود حقيقي على أرض الواقع لتحسين الوضع، فقد يرتدّ ذلك بالسوء على الحكومة نفسها.. هذه نتيجة لا أظن تجهلها الحكومة، وستكون هي المسؤولة عن بروز أي ارتدادات لا يُحمد عقباها، ونتمنى أن لا تحصل.
لا نزال في مرحلة «الشعب يريد حلاً»، ولكنها لن تطول، ما لم يجد الشعب حلاً، لتصل إلى مرحلة «الشعب يريد إسقاط النظام».