الشعبة البرلمانية الإماراتية تضع روشتة لتعزيز التعايش والتماسك المجتمعى

الاثنين 17 سبتمبر 2018 16:33:22
testus -US

دعت الشعبة البرلمانية للبرلمان الإماراتى (المجلس الوطنى الاتحادى)، البرلمانات إلى ضرورة سنّ ومناقشة التشريعات القادرة على تعزيز التعايش والتماسك المجتمعي، وإعلاء روح المواطنة، وتجريم الأعمال الإرهابية ومرتكبيها، وتجفيف منابع تمويل تلك الجماعات الإرهابية، وملاحقة الفكر الإرهابي والمتطرف، وذلك مع مراعاتها حماية الحقوق الفردية والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان.
وأكد وفد الشعبة البرلمانية الإماراتية، في ختام مشاركته في الندوة البرلمانية حول الوضع العربي الراهن، التي نظمها الاتحاد البرلماني العربي، واستضافها مجلس النواب المصري على مدى يومي 15 و16 سبتمبر 2018، أهمية التحصين الفكري والنفسي، من خلال صياغة خطط واستراتيجيات للتعليم ومناهجه، تعمل على تعزيز التعايش والتماسك المجتمعي، وتحارب الفكر الإرهابي والمتطرف، وتدعو إلى التسامح والرحمة والتعايش السلمي، ونبذ الكراهية والعنف، وترسخ المعنى الحقيقي للدين الإسلامي السمح، عبر تعزيز مهارات "التفكير النقدي" لمواجهة المغالطات التي تبثها الجماعات الإرهابية.
وشددت توصيات الندوة البرلمانية على أن الخطر الإيراني على الدول العربية عامة، والخليج العربي خاصة، يجب التصدي له ومواجهته فكريًا وأيديولوجيًا وسياسيًا وأمنيا.
كما تطرقت الشعبة البرلمانية الإماراتية خلال مداخلتها في جلسة العمل الثالثة، التي حملت عنوان "محاربة أفكار التطرف من خلال التعليم والثقافة وسيادة القانون"، إلى أهمية التحصين الاجتماعي والتنموي كذلك، من خلال صياغة خطط واستراتيجيات خاصة بالتنمية الاجتماعية والاقتصادية، تتبع أساليب الحوكمة الرشيدة، باعتبارها حصنًا ضد الإرهاب والتطرف وداعمًا للتنمية واستدامتها، مع ضرورة مشاركة المجتمع المدني، وتمكين الشباب والقطاع الخاص في تلك المنظومة، لمكافحة الإرهاب والتطرف والتركيز على التنمية البشرية في ما يخص التدريب والتأهيل على مستوى قطاع الأعمال، أو ما تعرف بالقوى العاملة المنتجة، باعتبار الإنسان الهدف الأساسي للتنمية.


وأكدت أن دولة الإمارات العربية المتحدة تلتزم بنشر قيم التسامح والتعايش السلمي واحترام الآخر في المجتمع، وتعتبر نموذجًا في التسامح والتعايش السلمي، حيث تحتضن أكثر من 200 جنسية مختلفة، لافتة إلى أن جهود الدولة تستند في مكافحة الإرهاب والتطرف إلى استراتيجية شاملة، تتبع مسارين داخلي وخارجي، ففي الوقت الذي احتدمت فيه النزاعات، وانتشر فيه الإرهاب والتطرف وخطاب الكراهية والعنف على المستوى الدولي، قامت دولة الإمارات بإصدار قانون لمنع التمييز والكراهية، وأنشأت وزارة للتسامح، وعملت على إنشاء واستضافة مؤسسات متخصصة، مثل مركز "هداية" لمواجهة التطرف العنيف بكل مظاهره وأشكاله، علاوة على مركز "صواب" لتصويب الفكر الضال والخاطئ في الفضاء الافتراضي ومجابهته بخطاب توعوي ذي مصداقية.
إلى جانب ذلك قامت بتأسيس "مجلس حكماء المسلمين"، الذي يهدف إلى التعريف بالوجه الحقيقي للإسلام، والعمل على تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة. وضمن هذا الإطار تم إنشاء "منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة"، الذي يهدف إلى تأصيل مبدأ السلم عند المسلمين، وتعزيز قيم الحوار والتسامح وإعادة الاعتبار لمعنى السلم في جميع تجلياته، موضحة أن الإمارات تؤمن بأن مكافحة التطرف والإرهاب تتطلب جهودًا جماعية على المستويات المحلية والإقليمية والدولية كافة.
أشارت الشعبة البرلمانية إلى أن دور الإمارات البارز في التصدي للإرهاب والفكر المتطرف، على الصعيدين الإقليمي والدولي، وحرصها على تحقيق الأمن والاستقرار في مختلف أرجاء العالم، علاوة على الدور الحيوي للمجلس الوطني الاتحادي عبر دبلوماسيته البرلمانية في تعزيز التعاون البرلماني الدولي في مواجهة الإرهاب والتطرف، ومساهمته في إصدار القوانين والتشريعات الخاصة بمكافحة الإرهاب والتطرف.
كل ذلك ساهم في قيام أعضاء المجموعة الاستشارية البرلمانية الدولية رفيعة المستوى، المعنية بمكافحة الإرهاب والتطرف، خلال اجتماعها الأول في مقر الاتحاد البرلماني الدولي في جنيف، بانتخاب رئيسة المجلس الوطني الاتحادي الدكتورة أمل عبدالله القبيسي، رئيسًا للمجموعة، وترؤسها الاجتماع الثاني للمجموعة الذي عقد في العاصمة أبوظبي خلال العام الجاري.

تابعت الشعبة البرلمانية الإماراتية، أن الإرهاب والتطرف يمثلان خلال المرحلة الحالية أحد أكبر التهديدات على السلام والاستقرار والتعايش السلمي، وبات آفة تصيب كل المجتمعات البشرية من دون استثناء، مما أفرز عالمًا مضطربًا ضاعت فيه أسس الأمن والأمان والاستقرار، وارتفعت فيه أعداد ضحايا الإرهاب والدول المتأثرة منه، علاوة على ما خلفه من عمليات تدمير ونهب للممتلكات وللتراث الإنساني والحضاري، وانتهاك للحرمات، وتدنيس للمقدسات، وقتل وخطف وتشريد المدنيين الآمنين، وتهديد حياة الكثير منهم، فضلًا عن تأثيراته الاقتصادية والثقافية والفكرية والنفسية والاجتماعية، مما يجعل من الإرهاب والتطرف وخطاب الكراهية أحد أهم التحديات الحالية.
واختتمت الشعبة البرلمانية الإماراتية مداخلتها بالحديث عن خسائر الاقتصاد العالمي جراء الإرهاب، موضحة أنه "وفقًا لمؤشر الإرهاب العالمي 2016 الصادر من معهد الاقتصاد والسلام الأميركي، فإن الاقتصاد العالمي قد تكبّد خسائر وصلت إلى 89.6 مليار دولار، بسبب الإرهاب في عام واحد فقط، هو عام 2015".
وقد كشف مؤشر الإرهاب العالمي لعام 2016، تراجع عدد ضحايا العمليات الإرهابية، مقابل ارتفاع عدد الدول المستهدفة. ومن المقلق ارتفاع عدد الدول التي سجل فيها مقتل شخص واحد على الأقل بسبب الإرهاب، حيث ارتفع عدد البلدان المتأثرة بالأعمال الإرهابية من 65 دولة في العام 2015 إلى 77 دولة في العام 2016.
انتهت الندوة البرلمانية إلى عدد من التوصيات، في مقدمتها التأكيد على أن القضية الفلسطينية تظل هي قضية العرب المركزية، وتحتاج مزيدًا من الجهود السياسية والدبلوماسية وتسخير الموارد البشرية والاقتصادية في مواجهة محاولات تصفيتها.
وشددت التوصيات على أهمية استخدام السبل والوسائل كافة وعلى كل الأصعدة لإيقاف الخطر الصهيوني الجاثم على صدر الوطن العربي منذ سبعة عقود ولا يزال مستمرًا، ويتمدد، ويمثل إرهاب الدولة، وأكدت على ضرورة العودة إلى مفاوضات السلام ودعم الشعب الفلسطيني غير المحدود وصولًا إلى حل الدولتين، إضافة إلى أن الخطر الإيراني على الدول العربية عامة والخليج العربي خاصة يجب التصدي له ومواجهته فكريًا وأيديولوجيًا وسياسيًا وأمنيًا.

تضمنت التوصيات التأكيد على أهمية المزيد من الجهود على كل الأصعدة المحلية والإقليمية والدولية وتنشيط للدور العربي في حل النزاعات المسلحة في المناطق الملتهبة من الوطن العربي والتوصل إلى حلول سياسية في سوريا واليمن وليبيا، وضرورة وأهمية استمرار مثل هذه الندوة مع طرح المزيد من المحاور الأساسية للشأن العربي لمحاولة الوصول إلى حلول للمشاكل العربية وصولًا إلى مستقبل أفضل للشعوب العربية.
كما تضمنت التوصيات التأكيد على أن الاختلاف المذهبي أو الديني أو العرقي الموجود في الدول العربية هو مصدر قوة، وليس ضعفًا، وأن التنوع هو من سنن الله بين البشر، وأن القومية تبنى على أسس سياسية ووطنية، يدعمها الدين ولا يتناقص معها، وأن الخلافات العربية العربية يجب حلها سلميًا، وداخل البيت العربي، بعيدًا عن التدخلات الخارجية.
وأكدت التوصيات أن القرن الأفريقي، وما يضمه من دول عربية، كالصومال وجيبوتي، جزء لا يتجزأ من الوطن العربي، ويجب أن تنال قضاياه الاهتمام البالغ، وتقديم المساعدات اللازمة إليهما، وأهمية توفير الرعاية للنشء والشباب العربي تعليميًا وثقافيًا والاهتمام بغرس روح الانتماء والحس العروبي فيهم، فهم أمل الأمة العربية ومستقبلها، مع التأكيد على أن الثقافة هي قاطرة النمو والتقدم، ونحتاج ثقافة عربية مشتركة، تتسم بالعصرية والحداثة، وقد يحتاج الأمر عقد قمة عربية ثقافية.
وأوضحت أن الإعلام العربي يمكن أن يكون عامل بناء وتوحيد للشعوب العربية بدلًا من العشوائية والسطحية التي تؤثر سلبًا على الأمة كلها، ويحتاج مزيدًا من الوعي والمهنية.
اقتصاديًا أوصت الندوة بإنشاء بنك عربي للتنمية من أجل تمويل البنية الأساسية العربية وإنشاء صندوق طوارئ للأزمات، مثل النقد الأجنبي، وتشكيل منظمة عربية للتكنولوجيا والابتكار، وإيجاد دور مشترك في مفاوضات التجارة العالمية، وطرح عملة افتراضية للتجارة الالكترونية البيئية العربية، وضخ استثمارات مشتركة في الصناعات الالكترونية والتعدينية، وتحديد قواعد مشتركة للمواصفات القياسية وحماية المنافسة والمستهلك وشبكات الأمن الاجتماعي، وحماية العقود وحقوق الملكية، مع سن التشريعات التي تتعامل مع معطيات الثورة الصناعية.


وأكدت توصيات الندوة على إطلاق مشروع واسع لبناء الإنسان العربي، والاهتمام بسنّ التشريعات، وإدخال تعديلات إلى ما هو قائم، والمتعلق بالإرهاب والجرائم الإرهابية، مع التنسيق بين الدول العربية ومؤسساتها المختلفة لتبادل الخبرات المكتسبة في مكافحة الإرهاب أمنيًا وفكريًا، والنظر في إمكانية عقد قمة عربية لبحث سبل مكافحة الإرهاب في الوطن العربي.
وشددت على أهمية التعليم كأساس وضرورة لمكافحة الإرهاب، لافتة إلى أهمية تضمين المناهج المقاصد العليا للدين في حفظ النفس والعقل والدين والوطن والمال، مشيرة إلى أهمية تدريس مادة التربية الوطنية لغرس فكرة الوطن بعمق داخل النفوس، مع التأكيد في المناهج التعليمية أن هذا الدين هو الحضارة، وأنه يدعو إلى العلم والبحث العلمي، وكذلك التأكيد في المناهج، سواء العلمية أو الدينية، أن الإسلام يدعو إلى احترام الأكوان وإكرام الإنسان وزيادة العمران وزيادة الإيمان وحفظ الأوطان.
أخيرًا، أكدت التوصيات على أهمية تحقيق الشخصية الفردية والمجتمعية، بما يعزز الوقاية من الانحراف والتطرف بأشكاله كافة، واهتمام قطاعات الثقافة في سائر البلدان العربية بدراسة وصناعة الشخصية الوطنية مع بناء وترسيخ الشخصية الإسلامية.