سواحل اليمن ساحة مفتوحة للاتجار بالبشر والمخدرات
تضاعف الهجرة غير المشروعة القادمة من القرن الأفريقي الى اليمن معاناة هذا البلد المنكوب ابتداء بحرب تصفها الأمم المتحدة بأسوأ كارثة إنسانية حديثة في العالم ؛ فمنذ عام 2013م وصل الى اليمن ما يقارب 290,000 لاجئ ومهاجر أفريقي. 80% من هؤلاء إثيوبيين، وصوماليون. دخلوه آملين اتخاذه كنقطة عبور إلى دول الخليج ، في حين تطلع آخرون إلى البقاء فيه ، بغير إدراك منهم لحجم المخاطر التي قد يتعرضون لها .
وتشير الأرقام الصادرة عن المنظمات الدولية والمعنيّة بمراقبة السواحل اليمنية إلى أن حوالي ربع أولئك الذين يسافرون إلى اليمن هم من الأطفال.
وتقدُر المنظمة الدوليّة للهجرة أنَ "446 " شخصاً قد قتلوا أو فُقدوا خلال الأعوام الثلاث الماضية من بين المهاجرين الأفارقة القادمين الى اليمن ألقت بهم عصابات التهريب في وسط البحر .
وبحسب الهجرة الدولية فإن الأرقام الأخيرة لعدد المهاجرين الى اليمن على متن قوارب الموت تمثّل زيادة مطردة في تحركات غير نظامية - ففي عام 2015 وصل عدد المهاجرين الى اليمن حوالي 65,000 ، ليرتفع هذا العدد الى 91,600 عام 2016، و92,500 عام 2017 هذا على الرغم من البيئة المتدهورة في بلد لا زالت تستعر فيه حرب واسعة النطاق اندلعت نهاية مارس آب عام 2015م
رحلات الموت :
قال المتحدث باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين "آندريه ماهيستش " إن عدد اللاجئين والمهاجرين الذين وصلوا السواحل اليمنية المطلة على خليج عدن والبحر الأحمر خلال الأشهر الأربعة الأولى فقط من عام 2018 زادوا عن 43,000 شخص، مقارنة بـ30,000 كانوا قد قطعوا هذه الرحلة المحفوفة بالمخاطر خلال الفترة نفسها من العام الماضي.
وتعكس هذه الأرقام المذهلة في الأعداد الإجمالية للقادمين الجدد إلى اليمن تزايد أعداد الإثيوبيين. الذين أصبحوا يمثلون اليوم ثلاثة من بين كل أربعة وافدين يعبرون إلى اليمن. بينما كان اللاجئون الصوماليون يمثلون ثلاثة أرباع الوافدين إلى اليمن منذ أربع سنوات .
في السياق تقول المنظمات الدوليّة : إن كل من يقرر العبور إلى اليمن يعرض نفسه إلى مخاطر جمَّة حيث يواجه المهاجرون مستويات صادمة من الاستغلال والعنف من جانب المهربين فضلاً عن الاعتقال والاحتجاز التعسفي والحدود المغلقة والإعادة القسرية والاتجار بالبشر وانعدام القدرة في الحصول على المأوى أو الماء أو الغذاء أو المساعدات الطبية.
غالبية أولئك الأشخاص يركبون قوارب متهالكة من سواحل مجاورة لمدينتي الموانئ أوبوك في جيبوتي وبوصاصو في الصومال. أما أولئك الذين يصلون إلى اليمن في النهاية فغالبًا ما يصيبهم التعب جرَّاء الجفاف وسوء التغذية وهم في حالة صدمة.
عصابات تهريب دوليّة :
تتولّى عصابات دول المنشأ عمليات التهريب من القرن الأفريقي، تحديداً الصومال وإثيوبيا، وجميع من يتمّ تهريبهم يعتقدون بأن وجهتهم دول الخليج، وأمام أعينهم صور القصور والثراء والعيش الرغيد.
في كلّ رحلة من رحلات الموت تلك يجد مئات، بل آلاف اللاجئين، أنفسهم بين خياري القتل برصاص المهرّبين، أو القفز في لجّة البحر بانتظار موت مؤجل جوعاً وعطشاُ .
عصابات تجارة الرقيق اليمنية :
في اليمن، تستقبل عصابات تهريب محليّة الناجين من الغرق سباحة، ويتمّ فرزهم واختيار الفتيات، تحديداً، يُحملن لاحقاً إلى مناطق وموانئ، كانت حتّى الحرب الأخيرة تقع تحت سيطرة ألوية عسكرية تُدار من خلالها عمليات تهريب وتصدير أنواع السلع الممنوعة، ابتداء بالكحول والسلاح وليس انتهاء بنكهات العطور والمواد الكيماوية التي تخلط بأنواع عديدة من المخدّرات، ومن بين تلك الموانئ الخاصّة شاطئ رأس عباس غرب مدينة البريقا بعدن، وميناء رأس العارة القريب من طور الباحة، وموانئ أخرى في محافظة المهرة لازال التهريب فيها نشطا وميناء ميدي التابع لمحافظة تعز.
أوراق رسمية :
ظلّت هذه الموانئ مناطق مغلقة، مُحرّم دخولها إلا لعدد محدود من الضبّاط والمسؤولين، وهي خاضعة لقيادات عسكرية رفيعة وتحرسها ألوية وفرق عسكرية مدجّجة تتشارك مجتمعة في تلك العمليات الفاسدة.
هجرة جديدة :
يسعى اللاجئون الأفارقة الذين تمكنوا من دخول اليمن الى الالتحاق بمهن عضلية يجنون من خلالها ما تصل قيمته الى 1200$ تقريبا تكون كافية لبدء رحلة تهريب جديدة ولكن هذه المرة الى المملكة العربية السعودية ؛ أخبر محمد ديريا، كبير اللاجئين الصوماليين في منطقة البساتين الفقيرة في مدينة عدن الجنوبية الساحلية، أن حوالي 40 لاجئاً صومالياً يهربون يومياً من عدن إلى السعودية، مشيراً إلى أن "معظم هؤلاء هم من القادمين الجدد. فهم يحصلون على المال من أقارب لهم في دول أخرى وبعضهم يأتي من الصومال حاملاً بعض المال ويقرر الذهاب إلى السعودية". وأضاف أن الرحلة إلى السعودية تكلف بين 1,000 إلى 1,500 ريال 270-401 دولار).حين يصل اللاجئون إلى مناطق معينة في السعودية يتولّى مهرّبون سعوديون عملية فرز ثالثة يتمّ خلالها أوّلاً إرسال كبار السنّ والشبّان إلى مناطق نائية، حيث يمكن أن يستفاد منهم هناك في الحقول والمزارع ؛ وتتيح فرق تصدير الرقيق الفرصة أيضاً لكل لاجئ من الرجال، أو النساء تمكّنوا من جمع ما يعادل ألفي دولار قيمة الرحلة الثانية، إلى السعودية تحديداً، يتم شحنهم أو حشرهم في قوارب ضيقة تفتقر إلى أدنى مستوى الخدمات.
مع ازدهار تجارة الرقيق بحراً، نشط تجّار وسماسرة أقلّ نفوذاً، ومقدرة تولّوا تهريب الأفارقة الذين أمضوا فترة طويلة في اليمن، وانخرط غالبهم في أعمال تمكّنوا عبرها من جمع مئات الدولارات.
يتم نقل هؤلاء اللاجئين برّاً وعبر حافلات صغيرة، سعة 15 راكباً. تنطلق الرحلات غالباً من حي الشيخ عثمان شمال عدن، حيث يقوم المهرّبون باستلام نصف المبلغ المتّفق عليه مقدّماً، ومقداره ألف ريال سعودي، ويُشعر الركّاب قبل انطلاق الحافلة بأنها لن تتوقّف لساعات.
تتوجّه حافلات الركّاب إلى ورشة تقع وسط سور عال في مدينة تعز، كمحطّة أولى، حيث يقضي الركّاب ساعة أو ساعتين لتناول وجبة طعام واحدة، قبل أن تُستأنف الرحلة مجدّداً بسيارات دفع رباعي سريعة إلى الحدود السعودية، حيث يتم تسليم جميع الركّاب إلى المهرّبين السعوديين وباقي المبلغ المتّفق عليه.
حضور القاعدة :
وبحسب معلومات خاصة فقد أبدت حركة الشباب الصومالية استعدادها لإرسال ألفي مقاتل صومالي الى اليمن لدعم تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب الذي يتخذ من اليمن مقرا دائما له ؛ و المصنف أمريكيا كواحد من أخطر التنظيمات الإرهابية في العالم .ومن السهولة بمكان ان يستخدم عناصر القاعدة قوارب التهريب تلك للوصول الى اليمن باعتبارهم من ضمن المهاجرين الباحثين عن فرص عمل في دول الخليج .
خفر السواحل اليمنية :
وأمام هذه التحديات الكبيرة فإن مصلحة خفر السواحل اليمنية لن تستطيع بإمكانياتها المحدودة من حماية المياه الإقليمية والسواحل اليمنية الممتدة لأكثر من 1200كلم ناهيك عن التحديات الأخرى المتمثلة في الحد من عمليات تهريب الأسلحة والمخدرات من وإلى اليمن .