وحدهم أطفال الازارق من هزموني
بسام القاضي
لا أخفيكم ان الوجع لازال يعتريني منذ أسبوعين وأنا التقط صور الأطفال التي تفطر القلب وتدمي الجسد ..
عشت معاناتهم بألم بالغ ، اعتراني الحزن ايّام وليال ، أقسمت أن لا أبارح الضالع حتى انتصر لهؤلاء الأطفال , وأنا مازلت فيها باقي حتى الْيَوْمَ ..
جاهدت وكافحت من مكان بمكان ومنظمة بمنظمة ومكتب بمكتب ومركز بمركز حتى أستطيع إنجاز تحقيق صحفي مكتمل الأركان .
الصورة والفيديو والانفوجرافيك والبيانات والاحصائيات والقصص والحكايات والتصريحات لم تأت خلال يوم أو يومين أو 3 أيّام .
جهد كبير تطلب جمع كل ذلك ، مع كل تعثر من الحصول على معلومة أو رقم ، كنت أعود لأنظر في الصور والفيديوهات التي بحوزتي ، لكي لا اهزم أو أتعثر .
وعندما يجتاحني التعب ، أذهب لمركز التغذية العلاجي ، وهكذا بقيت أسبوعين أكافح لأصل إلى جمع كل ما خططت له .
أخيراً تبقي عليّ كتابة التقرير ، كنت في صراع مع الحروف والكلمات والوجع الذي يشتت تفكيري سهرت ليلتين لعلّي ، افلح بجمع بضعة كلمات كمدخل للتحقيق تلفت نظر القرّاء.
تلك هي المرّة الوحيدة في حياتي التي تتعثر فيها مخيلتي في رسم معاناة أطفال تفتك بهم المجاعة في بضع كلمات مؤثرة وملفتة في آن واحد .
كتبت أكثر من مقدمة ، لاتوقف في الأخير في دمج كل تلك المقدمات داخل التقرير ، احتجت لزملاء لاختيار المقدمة المناسبة ، فكان الجميل جمال وحده فقط من وضع بصمته بفقرتين مميزتين فهو ابن الازارق ذاتها .
وفِي تسجيل صوتي لصديقي جمال من القاهرة ، امتدح تقريري بكلمات كان لها بالغ الأثر في إنجاز التحقيق بهذه الصورة المنشورة فللازارق في قلب ابنها معزة لا تفارق .
أنا الفارس الجواد المتمكن في اَي زمان ومكان ، لإعداد تقاريري لا تقيدني الضغوط ولا الضجيج ولا غير ذلك ، أستطيع الكتابة والتعبير في تقرير من قلب الحدث اَي كان الحدث سعيد أو حزين ، ووحدها صور أطفال الازارق من استطاعت أن تهزم حرفي وكلماتي .
وهنا اعترف أنني مهزوم ، وحاولت الانتصار لهم بكلماتي تلك إلا أنني ربما تعثرت مرّات ومرّات فليعذرني القرّاء وأطفال الأزارق فالوجع يجتاح جوارحي كما تجتاح المجاعة أجسادهم المتعبة .
وما أصعب التعبير عن هكذا أوجاع لأطفال في عمر الزهور .