أطفال اليمن وقود الحوثيين في محارق الموت
يعتبر تجنيد الأطفال في اليمن، مشكلة كبيرة يعانيها المجتمع اليمني ذو التركيبة القبلية المعقدة الذي يعتبر مشاركة الأطفال في القتال فخراً كبيراً لهم.
من أشد أنواع الانتهاكات التي تمارس ضد الأطفال من قبل الميليشيات الإجرامية في اليمن، تلك الانتهاكات التي تمارس على عقولهم الصغيرة، من خلال تلقينهم شعارات تردد الموت في كل كلمة، وتغسل عقولهم البريئة عن كل ما هو بسيط مناسب لعمرهم الصغير، فتسمع الأطفال، وهم يرددون «الصرخة الحوثية» متفاخرين بذلك، وهم يرفعون بندقيتهم الطويلة التي قد تكون بطول قامتهم، تاركين مدارسهم، وملتحقين بالجبهات القتالية التي تعتبر بالنسبة لهم واجباً دينياً حسب الأعراف.
23 ألف طفل مجند
أوضحت الحكومة اليمنية، أن الميليشيات الانقلابية تمارس انتهاكاً صارخاً للقوانين والاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الطفل، من خلال إشراك الأطفال في المعارك التي يخوضونها في مختلف الجبهات القتالية، حيث كشفت وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل الدكتورة ابتهاج الكمال، عن أرقام مخيفة خاصة بتجنيد الأطفال، حيث وصل عددهم إلى ما يزيد على 23 ألف طفل، منهم 2500 طفل منذ بداية العام الحالي 2018.
وأضافت، «إن الميليشيات حرمت أكثر من 4.5 مليون طفل من التعليم منهم مليون، و600 ألف طفل حرموا من الالتحاق بالمدارس، خلال العامين الماضيين، وان استمرار ميليشيا الحوثي بتجنيد الأطفال، والزج بهم في المعارك، واختطافهم من المدارس، والضغط على الأسر وأولياء الأمور لإرسالهم إلى المعارك تمثل جرائم حرب، ومخالفة لكل القوانين الدولية الخاصة بالطفل».
كما أكد التحالف العربي أن الميليشيات الانقلابية مازالت مستمرة في تجنيد الأطفال، بعد انحسار رقعة سيطرة الميليشيات، وخسارتها المزيد من المقاتلين، حيث إن أكثر من 100 طفل فقدوا أرواحهم في أرض المعركة، بعد أن جندتهم الميليشيات في الجبهات القتالية، وتم تسليم 86 طفلاً لأهاليهم في الفترة الماضية عمدت فيها الميليشيات استغلال الوضع المعيشي للأسر اليمنية، لتجنيد أطفالها والزج بهم في الجبهات القتالية.
ومازالت ميليشيات الموت الحوثية في اليمن تغتال البراءة كل يوم، من خلال تجنيد آلاف من الأطفال في معظم المحافظات اليمنية التي مازالت تسيطر عليها، التي غالبيتهم في مناطق ذات نمط اجتماعي فقير، واستخدامهم دروعاً بشرية، واستغلالهم في رمي التهم للتحالف العربي، لإدراجه في قوائم سلبية تتنافى مع الحقائق الميدانية.
إشراك الأطفال في النزاع
باتت صور الأطفال في المناطق التي تسيطر عليها الميليشيات الانقلابية تتصدر المشهد في صفحات الإعلام والشوارع، وهم يرتدون البدلة العسكرية والسلاح على أكتافهم، ويعتلون الأطقم العسكرية، وقد خلعوا البراءة، واستبدلوها بوحشية السلاح التي أرادتها الميليشيات الإجرامية أن تحولها في مشهد مرعب ينم عن استغلال فاضح لبراءة الطفولة.
وأوضح رئيس رابطة المحامين في عدن المحامي صالح ذيبان، أن استمرار الحرب في مختلف المحافظات اليمنية، جعلت الميليشيات الحوثية الإجرامية الإيرانية تخرج عن كل ما هو شرعي وقانوني في المجتمع المحلي والدولي خاصة في قضية تجنيد الأطفال بالقوة والذي يعتبر انتهاكاً واضحاً وصارخاً للقانون اليمني والاتفاقات الدولية التي تحمي حقوق الأطفال.
وأضاف، «إن إشراك الأطفال في النزاعات المسلحة تعتبر جريمة بحق الإنسانية ترتكبها الميليشيات الانقلابية ضد القانون الدولي لحقوق الإنسان، مطالباً بتكثيف الجهود المحلية والدولية للحد من استمرار الميليشيات بتجنيد الأطفال واستغلالهم بشكل إجباري، وحرمانهم من حقوقهم التعليمية والصحية والحياتية، وإيجاد وسيلة ردع دولية ذات طابع خاص تفرض عقوبات فورية لمرتكبي جرائم الحرب والمسؤولين عن ارتكاب انتهاكات وجرائم ضد الإنسانية».
مخالفة للقواعد القانونية
يقول ناشطون حقوقيون في اليمن، إن مشاركة الأطفال في النزاعات المسلحة يعتبر من أشد الظواهر خطراً في المجتمع، حيث يعتبر مخالفة واضحة وصريحة لقواعد القانون الدولي الإنساني ومبادئه، موضحين بأن الحماية العامة مكفولة للأطفال من خلال الصكوك العامة لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، وخصوصاً الحماية التي توفرها اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989 التي صدقت عليها كل دول العالم.
وأضافوا أن الميليشيات الانقلابية تمارس أبشع المجازر بحق الطفولة في اليمن من خلال استغلال طفولتهم البريئة، وفقر عائلاتهم لإجبارهم على الدفع بأطفالهم في كل جبهات القتال التي تخوضها الميليشيات في مختلف المحافظات اليمنية ضد الشعب وأحلامه في العيش بأمن وكرامة واستقرار.
وقد تحققت الأمم المتحدة من تجنيد واستخدام أكثر من 842 فتى، خلال الفترة من يناير إلى ديسمبر 2017، لم يتجاوز أصغرهم سن الحادية عشرة عاماً، غالبيتهم من قبل الحوثيين، كما تحققت كذلك من مقتل وإصابة أكثر من 1300 طفل.
وقالت الخبيرة الدولية في الأمم المتحدة الدكتورة أستريد ستوكيلبيرغر عن تجنيد الأطفال في اليمن، «إن مهمة الأمم المتحدة أصبحت صعبة في إعادة الأطفال المجندين إلى أحضان عائلاتهم ومدارسهم، لأن تجنيدهم يأتي إجبارياً، وإن مشكلة الأطفال المجندين في اليمن أنهم لا يعرفون أنهم ذاهبون إلى القتال».
تدمير ممنهج للجيل الناشئ
تتعمد ميليشيات الحوثي الإيرانية في تجنيد الأطفال والزج بهم إلى محارق الحرب، لإبقاء الاحتياطي لهم من الذين تم تدريبهم في إيران كقوة احتياطية لا يتم المساس بها.
هذا ما أكده نشطاء سياسيون وعسكريون في اليمن، حيث أشاروا إلى أنه يتم إعداد الأطفال ليكونوا الجيش المستقبلي للميليشيات في خطة لهم تتمثل في البقاء طويل الأمد كونه مشروعاً أيديولوجياً وليس سياسياً، يحقق من خلاله مكاسب سياسية، كون تجنيد الأطفال يأتي ثماره مستقبلاً في تدمير الجيل الناشئ، في الوقت الذي تركز فيه المجتمعات الأخرى على تعليم أبنائهم، وإرسالهم إلى دول خارجية للتعليم.
وتقول المصادر الخاصة في مدينة صعدة والمحويت وبعض المناطق اليمنية، إن ميليشيات الحوثي تقوم باختيار الأطفال من الصفوف الدراسية الأولى، وتفرض على أولياء أمورهم تجنيدهم في صفوفها، وإرسالهم إلى أماكن المواجهات العسكرية، حيث يخضعون أولياء أمور الأطفال المجندين إلى تهديدات في حال رفضوا إرسال أطفالهم إلى جبهات القتال المختلفة.