صحيفة دولية: قطر تفشل في استثمار لقاء نيويورك لحلحلة أزمتها

الأحد 30 سبتمبر 2018 10:04:34
testus -US
"العرب" اللندنية

حاولت قطر انتهاز فرصة اللقاء الموسع الذي جمع وزراء دول مجلس التعاون الخليجي والأردن ومصر مع وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، لإثارة أزمتها مع دول المقاطعة الأربع، لكنها فشلت في ضوء الموقف القاطع الذي تبديه السعودية.

وأشارت أوساط خليجية إلى أن الدوحة أرادت أن توظف اجتماعا دوليا بعض أطرافه لا علاقة له بملف قطر من قريب أو بعيد لتحويله إلى كسر للمقاطعة المفروضة عليها، وهو أمر كان متوقعا، لذلك كان موقف وزير الخارجية السعودي عادل الجبير واضحا حين أكد أن المقاطعة خيار لا مفرّ منه.

وقال الجبير، في كلمته أمام الجمعية العامة، إنه “في ظل جهودنا الحازمة والمستمرة لمكافحة الإرهاب قامت السعودية والإمارات والبحرين ومصر بمقاطعة قطر، فلا يمكن لدولة تدعم الإرهاب وتحتضن المتطرفين وتنشر خطاب الكراهية عبر إعلامها ولم تلتزم بتعهداتها التي وقعت عليها في اتفاق الرياض عام 2013 واتفاق الرياض التكميلي عام 2014 أن تستمر في نهجها حيث تمادت قطر في ممارساتها وهو ما جعل من مقاطعتها خيارا لا مفرّ منه”.

وبات هاجس الدوحة أن تؤوّل كل الأنشطة والتحركات والزيارات في المنطقة على أنها تصب في خيار وساطة لإنقاذها من مقاطعة خانقة قد تستمر طويلا، مع أن الدول الأربع المعنية سبق أن أكدت أن ملف قطر أغلق نهائيا وإلى اللحظة التي تُراجع فيها الدوحة نفسها وتنفذ الشروط المطلوبة منها بشكل واضح دون مناورة، وأن لا جدوى لوساطات ووسطاء طالما أنها لا تحمل تعهدات قطرية كاملة بالقطع مع دعم الإرهاب وإيواء كيانات وأفراد مصنفين كجهات إرهابية في دولهم.

ويقول مراقبون إن قطر دأبت على إظهار مواقف مستفزة تجاه بقية دول الخليج ومصر، ثم تتباكى على المقاطعة، وتسعى لاستدرار عطف الأميركيين، وهي تعرف أن إدارة ترامب سبق أن أكدت مرارا أن الملف خليجي صرف، وأن حله لا بد أن يتمّ عبر الحوار، وهو الأمر الذي ترفضه الدوحة، وعلى العكس تمارس الهروب إلى الأمام، وتحاول تنويع دائرة الوسطاء دون جدوى بدل البحث عن الطريق الأسهل والأقرب، وهو تنفيذ الاستجابة لمطالب جيرانها ثم التوجه إلى الرياض لإنهاء المقاطعة.

وتثير مواقف قطر وأنشطتها شكوكا كبيرة بشأن مدى التزامها بالعقوبات الأميركية تجاه إيران، في وقت حضر فيه وزير خارجية قطر الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني في نيويورك اجتماعا عربيا أميركيا لتكوين تحالف استراتيجي لمحاصرة أنشطة طهران في المنطقة.

واجتمع وزير الخارجية الأميركي مع مسؤولين بدول الخليج ومصر والأردن، الجمعة، حيث ناقشوا التحالف وشددوا على ضرورة وجود مجلس “موحد” للتعاون الخليجي. وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية أن جميع المشاركين اتفقوا على “ضرورة مواجهة تهديدات من إيران موجهة إلى المنطقة والولايات المتحدة”.

وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية هيذر ناورت في بيان “أجرى الوزير ووزراء الخارجية مناقشات بناءة بشأن تشكيل التحالف الاستراتيجي بالشرق الأوسط بقيادة مجلس موحد للتعاون الخليجي لدعم الرخاء والأمن والاستقرار في المنطقة”.

وتساءل المراقبون عن المدى الذي يمكن أن يبلغه التمادي القطري في لعب الأدوار المتناقضة، فالدوحة صديقة لطهران، والإعلام القطري تحوّل إلى منصة للترويج للتصريحات الإيرانية وبيانات الميليشيات الموالية لطهران في اليمن ولبنان والعراق وسوريا، فكيف يمكنها أن تكون في نفس الوقت صديقة للولايات المتحدة وعضوا في تحالف استراتيجي هدفه الرئيسي تطويق إيران وأذرعها في المنطقة مع ما يتطلبه من وضوح سياسي وتجند إعلامي كامل.

واصطفت قطر ضد رغبة السعودية والإمارات وصوتت لفائدة تمديد مهمة فريق الخبراء الأممي الخاص بالملف اليمني، مع ما حمله تقريره الأخير من انحياز ضد التحالف العربي في اليمن، وهو الذي كانت قطر طرفا فيه قبل أن تغير اتجاهها وتصبح حليفا للمتمردين الحوثيين وداعما لأجندة إيران في اليمن.

وبالتوازي، تحاول قطر عرقلة جهود تقوم بها السعودية لعقد لقاءات بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان في مسعى لتأسيس مسار سلام جدي ينهي الحرب المستمرة لسنوات طويلة بعد فشل محاولات محدودة ومتعثرة رعتها الدوحة سابقا.

ويعتقد متابعون للشأن الخليجي أن السلوك القطري يتناقض تماما مع ما يحاول المسؤولون القطريون أن يظهروه من رغبة في الحوار، وأن كل المؤشرات تؤكد أن تصريحاتهم، سواء في الأمم المتحدة أو خلال زياراتهم المتعددة بحثا عن دعم لم يتحقق منه شيء، ليست أكثر من محاولات للفت الأنظار والتوسل على إيقاع مظلومية لم يعد يصدقها أحد.

وكانت الولايات المتحدة تخطط لعقد قمة في أكتوبر حول المسألة الخليجية لكن القمة تأجلت لعدة أشهر. وقال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية إن واشنطن لا تزال تخطط لعقد القمة في موعد لاحق.

وفي حديث مع رويترز هذا الأسبوع وصف وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش مقترح التحالف بأنه “مبشر للغاية” وينم عن “الالتزام الأميركي تجاه المنطقة وحلفائها وهذا أمر مهم للغاية في نظام دولي غير مستقر”.

لكنه أضاف أن النزاع الخليجي “ليست له أولوية” في إشارة إلى أنه لا توجد مساع دبلوماسية لحل الخلاف وأنه لن يؤثر على التحالف.