لدعم جبهاتهم المنهارة.. هكذا أفشلت مليشيا الحوثي التعليم باليمن

الأحد 30 سبتمبر 2018 19:31:26
testus -US

رأي المشهد العربي

جرائم مليشيات الحوثي ضد الأطفال بشعة، ولن تسقط بالتقادم فقد تم حرمانهم منذ نعومة أظافرهم من أبسط حقوقهم في التعليم، والصحة وأصبح هؤلاء الأطفال أمام كابوس مرعب وهو المشاركة في القتال مع المليشيات في حربهم المزعومة لتنفيذ مخططات إيران في السيطرة على اليمن ونشر منهجهم الطائفي ومخططهم الاستعماري بالمنطقة.

مئات الأطفال اضطروا إلى التخلي عن التعليم والانضمام إلى ساحات المعارك للقتال، مع المليشيات الحوثية، بينما نجى قسم آخر من سطوتها واضطر للعمل في مهن متواضعة في محاولة يائسة لإعالة ذويهم وأسرهم التي تعيش أقصى مستويات الفقر.

أكثر من 5 آلاف طفل يمني أصبح في عداد القتلى والجرحى جراء الممارسات الحوثية ضد الشعب اليمنى، وعشرات المدارس التي حولتها المليشيات إلى مراكز تجنيد للمقاتلين من الأطفال.

 ووفقا لتقارير للأمم المتحدة فإن ثلث المقاتلين في صفوف الحوثيين من الأطفال.

 وتمضي مليشيات الحوثيين في تجنيد الأطفال بفرض حصص إجبارية ومعاقبة المسئولين عن ذلك بفصلهم من وظيفتهم في حال عدم تحقيق الغرض من الحصص المفروضة، فضلا عن تهديد العائلات التي ترفض تجنيد أطفالها ضمن صفوف الحوثيين.

واستعرض التحالف اليمنى لرصد الانتهاكات الحوثية أمام مجلس حقوق الإنسان انتهاكات ميليشيات الحوثى فى تجنيد الأطفال فى اليمن، وانتهاك جماعات العنف والإرهاب براءة الأطفال لاستخدامهم فى حروبهم.

وأكد التحالف اليمنى، فى كلمته أمام المجلس، أن معظم التقارير الأممية، كاليونيسيف، والمنظمات الحقوقية المحلية الأخرى، أكدت أن نسبة الجنود الأطفال الذين يقاتلون فى صفوف الحوثيين يشكلون نصف مقاتلي الميليشيات فى حين أن ضحايا هذه العملية تقدر بالمئات ما بين قتلى وجرحى وانتهاكات أخرى تنتهك حقوق الطفل وكرامته وحقه فى العيش الآمن والتعليم.

ومع بدء عام دراسي جديد هو الثالث منذ سيطرة الجماعة على مؤسسات الدولة، هناك مخاوف من انهيار التعليم في تلك المناطق.

وتواجه العملية التعليمة في مناطق المليشيات مشاكل عديدة، أبرزها التسييس، وتحويل المدارس إلى محاضن للتجنيد، بغرض دعم جبهات القتال، إضافة إلى العجز عن دفع رواتب المعلمين.

التربية والتعليم

ولغرض طرح وفرض نظام تعليمي مختلف ومفخخ بمقررات مذهبية وطائفية، حرص الحوثيون على أن تكون حقيبة التربية والتعليم من نصيبهم، في حكومة الإنقاذ الانقلابية التي تم تشكيلها في صنعاء.

ولأهمية هذه الوزارة، بالنسبة إلى الجماعة، عينت لقيادتها يحيى بدر الدين الحوثي، شقيق زعيم المتمردين عبد الملك الحوثي، الذي لم يحصل على أي مؤهل علمي رسمي.

ودفع انحسار رقعة سيطرة ميليشيات الحوثي الإيرانية وخسارتها إلى البحث عن المزيد من المقاتلين عن طريق تجنيد الأطفال والزج بهم إلى جبهات القتال.

ويأتي ذلك، بعد أن باتت القبائل الواقعة في مناطق سيطرة الحوثيين تظهر عزوفا واضحا عن تلبية الدعوات للدفع بأبنائها إلى جبهات القتال.

وباتت أساليب الترغيب والترهيب لا تجدي نفعا فيما يبدو، في حين لم تعد مزاعم "قتال إسرائيل" في تعز أو لحج أو البيضاء تنطلي حتى على الأطفال هناك.

ودفع ذلك الواقع بقادة الانقلاب إلى اللجوء للمدارس والجامعات للانتقاء من بين طلابها من تزج بهم في محرقة أطماعهم ومن ورائهم ملالي طهران، وهو ما ترفضه القبائل اليمنية في صنعاء والمحافظات المحيطة بها.

 وهذا الرفض وجدت فيه المليشيات المدعومة من إيران سببا كافيا لشن هجمات عسكرية بشكل متكرر على تلك القبائل كما حدث مؤخرا في هجومهم على قبائل همدان في محيط صنعاء وذمار.

وفي استغلال واضح لحالة الفقر والعوز التي تسبب بها الانقلاب، أعلنت ميليشيات الحوثي عن مقابل مادي شهري لمن ينضمون إليها وإحلالهم محل منتسبي الجيش، الذين يمتنع الحوثيون أصلا عن دفع رواتبهم لأشهر طويلة مضت.

وذكر تقرير حقوقي أن تجنيد ميليشيات الحوثي للأطفال، وتحديدا طلبة المدارس دون السن القانونية، والزج بهم في جبهات القتال عملية مستمرة وجزء من مشهد يومي يتكرر أمام الجميع في مناطق سيطرة الانقلابيين.

منظمة “تحالف رصد” لحقوق الإنسان، أعلنت في أحدث تقرير لها أن ميليشيات الحوثي جندت 6172 طفلاً من طلبة المدارس خلال السنوات الأربع الماضية.

وأوضح التقرير الذي حمل عنوان “الأطفال في اليمن من المدارس إلى المتارس” أن بعض الأطفال تم أخذهم من داخل الفصول الدراسية، وقد خضعوا لعمليات تدريب تفوق قدراتهم البدنية والعقلية.

وكشف التقرير عن تعرض الأطفال المجندين في صفوف الميليشيات لانتهاكات جسدية وجنسية يصعب الحديث عنها.

واحتلت محافظة تعز بحسب التقرير، المرتبة الأولى من بين المحافظات اليمنية، إذ سجل تجنيد 936 من أطفالها في صفوف ميليشيات الحوثي.

ولعبت الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة دورا محوريا في تفاقم ظاهرة تجنيد الأطفال في اليمن.

وبحسب التقرير، ابتكرت ميليشيات الحوثي طرقا عدة لإجبار الأسر على إرسال أطفالها إلى ساحات المعارك، من بينها فرض مبلغ نصف مليون ريال عن كل أسرة لا تملك أطفالاً كي ترفد بهم جبهات القتال.

وأجرى فريق الرصد اتصالات قال إنها موثقة مع مدرسين يعملون في المناطق الخاضعة لسيطرة ميليشيات الحوثي والذين أفادوا بوجود حملات تجنيد مستمرة للطلاب دون السن القانونية، وأن التجنيد أصبح جزءا من مشهد يومي يتكرر أمام الجميع بما فيها المنظمات الدولية.

واعتبر التقرير عملية التجنيد مؤشرا خطيرا يهدد العملية التعليمية برمتها، ويؤكد استمرار الجماعة في عسكرة المدارس وغسل أدمغة الطلاب لتهيئتهم لحملات تجنيد قادمة.

ووثق التقرير حالات تم خلالها أخذ فتية من مقاعد امتحانات الشهادة الثانوية بعد أن قطعت لهم الميليشيات الحوثية وعودا بمنحهم أعلى المعدلات دون خضوعهم للامتحانات، لافتا إلى أن بعضهم لم يستمر شهرا في جبهات القتال ليعود جثة هامدة.

كما وثق مقتل 1539 طفلا ممن جندتهم ميليشيات الحوثي، وإصابة 1166 آخرين خلال الفترة من 21 سبتمبر 2014 وحتى 21 سبتمبر 2018.

وشكا بعض الآباء الذين فقدوا أبناءهم في جبهات القتال من وجود تمييز عنصري وسلالي من قبل الميليشيات حتى أثناء توزيع الأطفال المجندين على جبهات مختلفة.

واتهم الآباء ميليشيات الحوثي بوضع أبنائهم الذين لا ينتمون طائفيا للجماعة في مقدمة الصفوف، في حين تقوم بتوزيع الأطفال المنتمين لها كمشرفين على نقاط التفتيش، كما تستخدم الأطفال في مهمات تجسسية ورفع إحداثيات من مناطق سيطرة القوات الحكومية.

تعديل المناهج

ونقلت تقارير صحفية عن مصادر أن يحيى الحوثي شكَّل، عقب تعيينه، لجنة خاصة، مهمتها مراجعة المناهج الدراسية، لتعديلها بشكل متدرِّج، حتى لا يثير هذا الأمر حساسية أولياء الأمور في مناطقهم.

وتضيف المصادر، أن الشكل الأخير، الذي ترى المليشيا أنه يجب أن تكون عليه المناهج دراسية، بات جاهزا أو شبه جاهز، لكنه سيفرض على مراحل.

وبحسب المصادر، يستهدف مشروع التعديل الحوثي على المناهج، وبدرجة رئيسية، كتب التربية الإسلامية والتاريخ، حيث تزعم الجماعة أنها مليئة بالفكر التكفيري والوهابي، وذلك لتمرير مشروع التعديل.

وتشير المصادر، إلى أن الحوثي، وحرصا منه على تنفيذ هذا المخطط، عين أحد المحسوبين على الجماعة مديرا لمطابع الكتاب المدرسي، وتتوقع المصادر أن تتحول المدارس إلى مصدر لإنتاج حشد طائفي.

مراكز تجنيد

وعلى الرغم من أن المليشيا لا تطلب من التلاميذ، بشكل مباشر، التحرك إلى جبهات القتال، إلا أن العملية التعليمية الطائفية ستنتهي بهم إليها، بحسب مدير مدرسة حكومية في صنعاء.

ويقول المدير في تصريحات صحفية إن المليشيا، ومن خلال فرض مدرسين ومدراء محسوبين عليها، إضافة إلى محاضرات طائفية خارج الحصص المقررة، لقيادات حوثية، تحاول التأثير بشكل كبير على الطلاب، خصوصا طلاب المرحلتين الإعدادية والثانوية.

ويضيف أن من ضمن التعميمات الموجهة للمدارس، تعميم خاص يجبرها بإقامة سلسلة فعاليات إحياءً لذكرى مؤسس الجماعة حسين بدر الدين الحوثي.

ويؤكد المدير، أن عددا من الطلاب في مدرسته التحقوا بجبهات المليشيا في عدد من المحافظات.

ويذهب المدير إلى أن الطلاب، في ظل استمرار هذا النهج، سيكونون البديل العقائدي لأبناء القبائل الذين يقاتل كثير منهم، جهلا، بدوافع وطنية.

المدارس الخاصة

ونظرا لخشية كثير من أولياء الأمور على أبنائهم من التأثير بالتعليم المسيس، قرروا إلحاقهم بمدارس خاصة، وهو أمر تحول دونه ظروف كثير من المواطنين، في ظل الوضع الاقتصادي المتأزم.

مدراء مدارس خاصة، أكدوا في تصريحات صحفية، أن الإقبال على المدارس الخاصة شهد تصاعدا منذ العام 2017، رغم ارتفاع تكاليف الدراسة فيها.

لكن هذه المدارس، بحسب مديريها، لم تسلم من التدخل الحوثي، حيث فرضت الجماعة مدرسين موالين لها لمادة التربية الإسلامية على كثير من المدارس.

 

ويتوقع مديرو المدارس الخاصة أن لا يتوقف التدخل عند هذا الحد، خصوصا في ظل تزايد الإقبال عليها.

 مرتبات المعلمين

ومع حرص المليشيا على توظيف المدارس لصالح حروبها ومشروعها الخاص، إلا أنها امتنعت عن دفع رواتب المعلمين، وهو ما دفع نقابة المعلمين والمهن التعليمية إلى إعلان الإضراب الشامل حتى يتم تسليم مرتباتهم المتوقفة منذ نحو عام.

وعلى الرغم من أن المليشيا وجهت تهديدات للمعلمين باعتقالهم والاستغناء عنهم وإحلال بدلاء مكانهم، قبل أن تقدم الوعود الكاذبة بصرف مبالغ مالية كإعانات دون صرف مرتباتهم، إلا أن النقابات التعليمية رفضت ذلك، وذكرت بأنهم لا يتسولون بل يبحثون عن حقوقهم القانونية المتمثلة في المرتبات.

ويؤكد معلمون في أمانة العاصمة في تصريحات صحفية مواصلتهم للإضراب حتى تعود المرتبات، لافتين إلى أن انقطاع المرتبات قد يهدد العملية التعليمة برمتها في مناطق سيطرة المليشيا.

وفي هذا السياق، أكدت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف"، الشهر الماضي، أن 4.5 ملايين طفل قد لا يتمكنون من العودة إلى مدارسهم في العام الدراسي الجديد، نظرا لانقطاع رواتب المعلمين والمعلمات.

ووفقا لوزارة الشئون الاجتماعية اليمنية فان المليشيات جندوا أكثر من 23 ألف طفل، بصورة مخالفة للاتفاقيات الدولية، وقوانين حماية حقوق الطفل، منهم ألفان و500 طفل منذ بداية العام الحالى 2018.

وتستمر ميليشيا الحوثي في تجنيد الأطفال والزج بهم فى المعارك، واختطافهم من المدارس والضغط على الأسر وأولياء الأمور لإرسالهم إلى المعارك وهو ما يمثل جرائم حرب، ومخالفة لكل القوانين الدولية الخاصة بالطفل.