العرب اللندنية: انتفاضة صنعاء تزيد من تعقيد أوضاع المتمرّدين الحوثيين
تسلّط موجة الغضب الشعبي المتنامية من سوء الأوضاع المعيشية في مناطق سيطرة الحوثيين بما في ذلك العاصمة صنعاء، المزيد من الضغوط على المتمرّدين الموالين لإيران إضافة إلى تعقيدات الوضع العسكري الميداني الذي يواجهه مقاتلوهم، وخصوصا في محافظة الحديدة بمنطقة الساحل الغربي اليمني شديدة الأهمية بالنسبة إليهم، حيث يتعرّضون لضغط عسكري بلا هوادة من قبل القوات المتعدّدة المدعومة من التحالف العربي بقيادة السعودية.
ولجأ الحوثيون المسيطرون بالقوّة على العاصمة اليمنية صنعاء إلى استخدام القوّة المفرطة في محاولة لوأد ما بدا أنّه “ثورة جياع” في المدينة التي لم يعد سكّانها يحتملون الأوضاع المعيشية السيئة التي وصلت حدّ ندرة الأغذية والأدوية والمياه النظيفة.
وأسفر تدخّل عناصر من ميليشيا الحوثي لفض تجمّع احتجاجي لطلاّب من جامعة صنعاء، إلى مقتل عامل بالجامعة متهم بالتواطؤ مع الطلبة المحتجّين طعنا على يد أحد تلك العناصر، وذلك بعد أن استخدمت الميليشيا عناصرها النسائية المعروفة بـ“الزينبيات” في قمع تحرّك احتجاجي لطالبات الجامعة نفسها.
ومارست النسوة المدربات على فنون القتال والمتأثرات ببرامج التعبئة الطائفية العنف الشديد ضدّ الطالبات باستخدام الأسلحة البيضاء وصواعق الكهرباء.
ووضعت أزمة تهاوي قيمة الريال، اليمن على مشارف المجاعة، حيث فُقدت أغلب المواد الأساسية من الأسواق، وقفزت أثمان المتوفّر منها إلى سقوف خيالية. ويواجه الحوثيون نقمة السكان في المناطق التي يحتلّونها، كونهم المتسببين في الأزمة.
ويذكر اليمنيون بسخرية أن الحوثيين، غزو صنعاء في خريف 2014 مستخدمين ذريعة مساندة احتجاجات شعبية تفجرت آنذاك بسبب زيارة في أسعار الوقود عرفت باسم “الجرعة”. ويقارن اليمنيون بين الأوضاع آنذاك وما آلت إليه اليوم من سوء.
واختطفت “زينبيات” ميليشيا الحوثي العشرات من الطالبات بصنعاء بسبب مشاركتهنّ في تظاهرات “ثورة الجياع”، واقتادهنّ إلى وجهة مجهولة.
ودعت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، الأحد، الأمم المتحدة إلى إدانة اختطاف هؤلاء الطالبات، واستنكرت في بيان ما وصفته بـ“تكرار الميليشيا الانقلابية لأعمالها الإرهابية ضد المدنيين العزّل في العاصمة صنعاء، والاعتداء على عدد من الطالبات بالضرب المبرح، واختطاف بعضهن إلى منطقة مجهولة، دون أن يعرف مصيرهن حتى اللحظة”.
وأضاف البيان أنّ “ميليشيا الحوثي أُصيبت بحالة من التوحش بعد أن وجدت نفسها غير قادرة على مواجهة المطالب المحقة لليمنيين في المناطق التي استولت عليها، ما دفعها إلى اقتحام جامعة صنعاء بالمئات من المسلحين والمسلحات، والهجوم بتلك الوحشية على الطالبات”.
ودعت الحكومة اليمنية، المجتمع الدولي ومنظمات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية، إلى إدانة “الجرائم الممنهجة والمستمرة للميليشيات الانقلابية”.
ويخشى الحوثيون من أن يؤدّي توسّع الغضب الشعبي ضدّهم إلى فقدهم زمام السيطرة على المناطق التي يحتلّونها، خصوصا مع ارتخاء قبضتهم العسكرية على عدد منها.
وعادت جبهة الحديدة، الأحد، للتحرّك مع باتجاه عزل مركز المحافظة عن العاصمة صنعاء تمهيدا لتنفيذ المرحلة الأخيرة من تحرير الميناء اليمني الأهم على البحر الأحمر، الأمر الذي سيشكّل ضربة قاصمة للحوثيين.
ودعت قيادة قوات تحالف دعم الشرعية في اليمن سكان الحديدة ومستخدمي الطريق الرابط بينها وبين العاصمة صنعاء إلى الابتعاد عن المنطقة الواقعة بين دوار مطاحن البحر الأحمر ومثلث الكيلو 16.
وقال المركز الإعلامي لقوات العمالقة أحد أهم فصائل المقاومة اليمنية المشاركة في تحرير الحديدة والذي ينتشر مقاتلوه بشكل رئيسي في مناطق جنوب الحديدة والتخوم الشرقية والجنوبية للمدينة، إن قيادة قوات التحالف وزّعت منشورات تضمنت عدة نداءات للسكان، وحملت إحدى المنشورات خارطة للمنطقة التي تم التحذير من الاقتراب منها، مشيرة إلى أن ذلك من أجل الحفاظ على سلامة السكان، وحتى لا يكونوا عرضة للنيران العشوائية التي تطلقها الميليشيات. ودعت أبناء مدينة الحديدة إلى عدم الانصياع للميليشيات والقتال في صفوفها.
وجاء ذلك فيما رصدت مصادر محلّية في الساحل الغربي اليمني وصول تعزيزات عسكرية من قوات التحالف إلى محيط الحديدة، بينما نقلت وسائل إعلام من بلدان التحالف عن مصادر عسكرية القول إنّه تم الدفع بوحدات من القوات السودانية العاملة في اليمن ضمن قوات التحالف إلى جبهة الحديدة لتعزيز القوات المتواجدة هناك بهدف استكمال تحرير بقية المناطق التي لا تزال تحت سيطرة عناصر ميليشيا الحوثي.
وحسب المصادر ذاتها فإن التعزيزات تضمّ أعدادا كبيرة من القوات والآليات، وأنها ستشارك في المعارك الدائرة جنوب مدينة الحديدة ومدخلها الشرقي.