افرازات المرحلة وأولوياتها على الساحة الجنوبية

أنيس الشرفي

عمدت حكومة الشر/عية منذ تحرير العاصمة عدن ومحافظات الجنوب لتجريع أبناء الجنوب أشد أنواع المعاناة والألم.

فمنذ الوهلة الأولى لتحرير عدن، سعت قوى سياسية مرتبطة بنظام صنعاء بزعامة حزب الإصلاح(إخوان اليمن)، لاختطاف الشرعية وتجييرها لخدمة أجنداتها، إذ لم تترك وسيلة لتضييق العيش وإفشال الأمن وتقييض الاستقرار، وإعاقة بناء الجيش والأمن، وإفشال الجهود المبذولة لمكافحة الإرهاب ومحاربة الفساد والاستبداد، والحيلولة دون إعادة تفعيل العمل في مؤسسات الدولة إلا انتهجته.

ولم تدع جهداً إلا وقفت في طريقه تفشل كل جهدٍ، وتبدد كل عملٍ، وتفسد كل مسعى، لا هم لها سوى زعزعة أمن واستقرار الجنوب المحرر، ونهب ثرواته والاستيلاء على إيراداته، غير عابئة بمعاناة المواطن جراء ذلك طالما تحقق لمسئولي الدولة وشركائهم من تجار الحروب أهدافهم في تحقيق ثروات طائلة لم يكن أحدهم يتوقعها، ومع ذلك لم يكتفون بما تحقق خلال الفترة الماضية، بل ازداد جشعهم واستفحل طمعهم.

لقد حظت الشرعية بوقت طويل وأهدرت عددٍ من الفرص المتتالية التي كان بإمكانها الاستفادة منها لمراجعة سياساتها، وتصويب نهجها، وإصلاح تركيبتها، إلا إنها مع كل فرصة تمنح لها تزداد تغولاً وفحشاً وفساداً، مما أوصل الجميع في الداخل والخارج إلى قناعة بأن تلك التركيبة الفاسدة المسيطرة على قرار الشر/عية، أصبحت تمثل جزءاً من المشكلة لا جزءاً من الحل.

وهو الأمر الذي يجعل من مسألة الخلاص من أعمدة الفساد المستشري في أروقة الدولة، ليس مجرد قرارٍ محلي فقط بل هو قرار إقليمي دولي، إذ لم يقتصر ضرر ممارساتها العابثة وسياساتها الناقمة وفسادها المستطير على مواطني المحافظات المحررة أو الجمهورية وحسب، بل أصبحت تهدد بإفشال دول التحالف العربي عن الانتصار بحربها على الحوثيين المدعومين من إيران، خدمة لأجندات دول إقليمية معادية لدول التحالف العربي.

حيث تقوم قوى الشر/عية باستنزاف دعم دول التحالف وتبديد مساعداتها، وتعمل على تأسيس وزرع بؤر توتر تخدم أجندات دول إقليمية معادية للجنوب ولدول التحالف العربي، لإدخال التحالف في سلسلة لا متناهية من الصراعات الداخلية، وتخفيف الضغط على الحوثيين، وإفشال أي مساعي لإحلال الأمن والاستقرار في المحافظات المحررة.

إذ تعمد تلك القوى لتسخير إمكانيات الدولة وقدراتها والدعم المقدم للحكومة من دول التحالف العربي، من أجل محاربة أبناء الجنوب وإفشال مساعيهم لامتلاك حكم ذاتي أو استقلال إداري يمكنهم من بناء جيش وأمن وانتزاع السيطرة على حقول النفط المصالح والمنشآت الإيرادية على طريق استعادة وبناء دولة الجنوب، حيث لا يزال يتقاسم إيرادات تلك المنشآت حتى يومنا هذا حفنة من المتنفذين (سياسيين - عسكريين - شخصيات قبلية) المحتكرين للسلطة ورأس المأل، والذين لا يرون في الجنوب سوى أرض شاسعة وثروات وفيرة ويتعاملون معها كأرضٍ خالية من السكان أو يجب أن تكون خالية، ولهذا لا ينظرون إلى الجنوب إلا من باب سيطرتهم واستحواذهم على ثرواته ومدى تمكنهم من خيرات أرضه.

وأمام ما يستجد اليوم على الأرض في أعقاب البيان الصادر عن هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي، فإن الواجب يحتم على كافة أبناء الجنوب من نخب وساسة ومكونات وهياكل إدارية للمؤسسات والسلطات المحلية بمحافظات الجنوب وقوى سياسية ومنظمات مجتمع مدني ومواطنين، ضرورة الاصطفاف معاً إلى جانب صاحب المبادرة (المجلس الانتقالي الجنوبي) لتحقيق ما ورد في البيان، فالفرصة اليوم مواتية لقطف ما نضج من الثمار على طريق الحصاد النهائي.

على جميع قوى الجنوب على مستوى النخب والشارع، ترحيل أي تحفظات أو ملاحظات لهم بشأن الانتقالي، إلى ما بعد الاستحقاق الراهن، حتى يلتئم الجميع على طاولة واحدة للحوار ورسم مستقبل الجنوب معاً (جنوب لكل وبكل أبناء الجنوب).

ومن جهة أخرى يقع على قيادة المجلس الانتقالي ضرورة الانفتاح والتواصل مع كافة القوى الجنوبية الفاعلة، واستيعاب جميع الملاحظات، وتقييم عملها وتقويمه وتصويب سياساتها، بالاستفادة من أخطاء الماضي وإخفاقاته، وضرورة العمل بديناميكية ومرونة تتسق مع متطلبات المرحلة وضروراتها، وأن تؤسس لشراكة وطنية تستوعب تمثيل كافة أبناء الجنوب بأبعادها الجغرافية والسياسية والاجتماعية.

#أنيس_الشرفي
9 اكتوبر 2018م


مقالات الكاتب