الجياع قادمون
أحمد جباري
بلغ السيل الزبى والصورة أصبحت قاتمة سوداء كالحة السواد، لا شيء غير الموت ينتظرنا جميعا، فالناس تموت جوعا بعد ان اقتاتوا غذائهم الوحيد المتاح إمامهم - ورق الشجر - أو تموت برصاص الحوثيين ورصاص الخيانات المتعددة في جبهات القتال او تموت بالاغتيالات والاجساد المفخخة.
تأتينا صور الاطفال الذين يعانون من سوء التغذية وهم يموتون جوعا بالمئات، كنا نشاهد تلك الصور في الصومال وليبيريا ايام الديكاتورصمويل دو، ولكنها تأتينا اليوم من جنوبنا الحبيب ومن الضالع تحديدا الازارق بالذات أول من حقق انتصارات التحالف الذي قطع أرجل إيران وأفسد حلمها، وكأن من صنع هذا الجحيم يقول هزمناكم من جديد بالمجاعة والفتن والفساد وشراء الذمم، فمثل هؤلاء يتحدون جميعا حوثي ومؤتمري واصلاح وشرعية وناصرية ومخضرية، الفرق عندهم فقط بين الشمال الذي يحاولون اعادتنا اليه والجنوب المحرر، وليذهب شعب الجنوب إلى الجحيم طالما موائدهم عامرة وأرصدتهم تزداد يوما عن يوم في بنوك الخارج وبالدولار وأملاكهم وشركاتهم تتكاثر في انقرة من المتنفذين، وكذا التحالف العجيب الذي يبحث عن الانتصارات، إلا أنه لا يجد انتصارا غير في الجنوب أو يحققه غير أبناء الجنوب، ومع ذلك يكافئون الجنوب وشعبه بالتجويع والحرمان وبحكومة فاسدة لا يضاهيها فساد في العالم أجمع.
ماذا تنتظرون من شعب فتك به البلاء والغلاء معا، بعد أن انهارت عملته وانعدم أمنه، وزادت أسعار كل شيء لدرجة فضيعة لا تحتمل، وفتك المرض والجوع وسوء التغذية بهم وبأطفالهم.
ماذا تنتظرون من شعب لا يجد ماء ولا كهرباء ولا صحة ولا مرتبات، ولا ينتظره غير الموت ولا شيء غير الموت، عاد للخلف مئات السنين في ظل حكومة الفنادق في الخارج، حكومة لا تجيد غير اللصوصية والفساد ورفع الشعارات التي ليس لها وجود على الأرض، بعد أن سلموا البلاد والعباد للعصابات والمحتكرين وشلتهم، فلم تشهد البلاد مثيلا على ما نحن عليه من فساد.
نحن اليوم بأمس الحاجة من العالم أجمع وفي مقدمتهم دول التحالف ودول مجلس الأمن إلى معالجات سريعة للأوضاع المتفاقمة المخيفة والمنهارة، ولسنا بحاجه لحقن مسكنة، وإنما نحن بحاجة لمعالجات أساسية تبحث عن الأسباب وتضع الحلول الكاملة، فالسبب هو الفساد أولا وأخيرا، لم نجد في حكومة الشرعية غير اللصوص و الفاسدين وأبنائهم وأهليهم وذويهم الكثيرين يشغلون مناصب ووظائف غير جديرين بها وليسوا أهلا لها، وكأنهم في عزبة أبيهم، أطفال ونساء وأفراد لا وجود لهم غير في أوراق التعيينات، ووجنود وضباط وموظفون لا وجود لهم غير في كشوفات المرتبات التي يتقاضونها.
إن فرض واقع الجوع على أي شعب هو أمر أسوأ من الحرب نفسها بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فماذا تنتظرون من شعب جائع مريض معدم، غير الثورة لتغيير هذا الواقع المرير، غير العصيان واقتلاع حكومة الفساد ومن يتستر عليها ويطبل لها ويحميها.