العقيد طاهر أحمد مقاوم مزقت جسده الحرب وخذلت جراحه الشرعية

السبت 13 أكتوبر 2018 22:13:00
testus -US
عدن - المشهد العربي - عادل حمران - علي عسكر

أصيب العقيد طاهر أحمد في جبهة كرش في يناير الماضي بلغم أرضي دمر سيارته ومزّق جسده نقل على إثرها الى أحد مشافي عدن ولأن جبهة " كرش " يتيمة لم يجد تلك الرعاية التي يحصل عليها جرحى الجبهات الأخرى .

وحينما قرر الأطباء سرعة نقله إلى الخارج بسبب تدهور حالته الصحية تم منحه 30 الف ريال سعودي وسافر باتجاه دولة مصر الشقيقة ، وهناك خضع لعشرات العمليات الجراحية في الأرجل و الأيدي وأجزاء متفرقة في جسده النحيل .وبسبب حالته السيئة صرف ما تم منحه لعلاجه ليطلب منه مغادرة المستشفى قبل أن تبرأ جراحه البالغة .

لكن وجع الحرب و مرارة الحاجة أجبرا العقيد طاهر على المكوث بين جدران غرفته سجينا يحمل جراح وطن تركه يعاني مرارات الفقر والحرب و الغربة ، ضَل يستخدم عقاقير مهدأة فقط بينما الأوجاع تلتهم جسده النحيل محاولة النيل منه.

وفي شهر رمضان زاره زميله العقيد محمد سعيد جراده إلى الشقة التي كان قد استأجرها في مدينة القاهرة بمصر وحينما شاهد صديقه يصارع الجراح من اجل البقاء اطلق نداء استغاثة لكل رجال الخير داخل الوطن وخارجه وقام بعرض عدد من صور الجريح طاهر ونشرها في نطاق واسع ليتم تلبية نداءه وبذل رجال الخير ما بوسعهم من اجل إنقاذ الجريح و لملمة جراحه العميقة

.

*اهمال و خذلان


العقيد محمد سعيد جرادة تحدث الينا قائلا :" زرت العقيد المناضل طاهر أحمد ومعي عدد من الزملاء لكنني حين شاهدت حالته شعرت باليأس من الحال الذي وصل اليه ، طاهر بذل روحه من اجل الوطن فهل من المعقول أن نتركه وحيدا يواجه أوجاعه وجراحه "٠

وتابع :" أطلقت نداء بكلمات كلها قهر ووجع والحمد لله تفاعل الناس ، أهل الخير اسعدوني وساهموا في إنقاذ حياة انسان كادت جراحه أن تعفن وكاد أن يموت بصمت دون ان يشعر به أحد "٠

واسترسل جرادة " بعد عطاء رجال الخير استطعنا نقل الجريح إلى مستشفى راقي في القاهرة وأجريت له عدد من العمليات التي تكللت بالنجاح حتى بدأ يستقيم ويمشي مستخدما العكاز الا ان بعض الجروح في فخذه لم تندمل رغم محاولات الأطباء مما خلقت نوع من اليأس في نفسه خوفا من تعرضه إلى اعاقة حركيّة لأنها تنزف كلما حاول التحرك بشكل مخيف "٠

واختتم حديثه : " ما تزال صحة الجريح غير مستقرة وحالته الصحية صعبة جدا ، جرحى جبهة كرش يعانوا الإهمال و الخذلان نتمنى من القائمين على ملف الجرحى الاهتمام بهم و رعايتهم ضمن جرحى الجبهات الاخرى على نفقة التحالف "٠

تنقل الجريح بين المشافي و العلاج الطبيعي داخل شقته لمدة تجاوزت 6 أشهر لكنها لم تندمل جراحه وكلما زادت العقاقير ازدادت حالته سوءا ، وزادت معاناة الجريح المادية و المعنوية حتى صار أمام خيبة أمل كبيرة وهو ينظر إلى جسده النحيل الذي قدمه لأجل الوطن وتركه قادة الوطن دون علاج بينما هم يتنزهون في أرقى الفنادق وعلى نهر النيل في المدينة التي يصارع فيها العقيد طاهر المرض من أجل البقاء .

*مسؤولون حكوميون يعرقلون قرارات هادي بشأن الجرحى


يعلق ناطق المنطقة العسكرية الرابعة النقيب محمد النقيب حول قصة الجريح العقيد طاهر أحمد بالقول :" جراح العقيد طاهر أحمد الشعيبي هي وجع أصاب الجبهة وكل أركانها ، أبطال الجبهة يعانون من الاهمال ، نحن لواء حربي ومع ذلك أحرموا جنودنا من الراتب المقدم من التحالف ( 1000 ) ريال سعودي لكل فرد ، وحتى الجرحى يتم منح الجريح مبلغ مالي عند سفره ، لدينا مندوب في مصر لكن امكانياته شحيحة ولا يستطيع تكفل علاج الجميع ".

وأضاف :"معظم الجرحى جراحهم بلغية وما الجريح طاهر إلا حالة واحدة من معاناة أبطال جبهة كرش ، يبذل القائد اللواء فضل حسن جهود حثيثة من أجل إنقاذ حياة الجرحى وناقش هذا الموضوع مع الرئيس هادي والذي بدوره أصدر توجيهات بصرف مبلغ مالي من أجل الجرحى ولكننا فوجئنا بأن الجهات ذات الشأن رفضت تنفيذ تلك التوجيهات الرئاسية "٠

وعرج النقيب :" عدد من القيادات في الشرعية تحاول عرقلة انجازات قادة المنطقة العسكرية الرابعة منها قطع المخصصات العسكرية وحتى اعتمادات الجرحى حيث تم تسليم لجنة الجرحى إلى رجل مدني يصعب الوصول اليه أو التعامل معه من اجل إنقاذ حياة ابطالنا الذين بذلوا ارواحهم رخيصة لأجل الوطن ".

وشكر النقيب :" الرئيس عبدربه منصور هادي و قيادة التحالف العربي على كل جهودهم الحثيثة ومواقفهم الطيبة مع أبطالنا و جرحانا وتمنى أن يلاقي أبطال جبهة كرش نفس الرعاية و الاهتمام التي يتلقاها المقاتلين في الجبهات الأخرى ، نطلب من قوات التحالف العربي التعامل مع ابطال جبهة كرش نفس التعامل مع بقية الجبهات , ابطالنا يموتون بصمت بسبب شدة الجراح وغلاء المعيشة و الأدوية في دول العالم "٠

*نموت كي يحيا الوطن

رغم مرور اكثر من عام ونيف إلا ان الجريح العقيد طاهر أحمد ما يزال يحمل جراحه و أوجاعه في مصر ، ولسان حاله دوما يتذكر قصيدة الشاعر أحمد مطر والتي جاء فيها :
أمي الوطن ، أبي الوطن ،
نموت كي يحيى الوطن ، يحيى لمن ؟ نموت كي يحيا الوطن
يا سيدي انفلقت حتى لم يعد
للفلق في رأسي وطن !
ولم يعد لدى الوطن !
من وطن يؤويه في هذا الوطن!
أي وطن؟
الوطن المنفي..
أم الوطن؟!
أم الرهين الممتهن؟
أم سجننا المسجون خارج الزمن ؟!
نموت كي يحيا الوطن!
كيف يموت ميت ؟
وكيف يحيا من أندفن ؟!
نموت كي يحيا الوطن
كلا .. سلمت للوطن !
خذه .. وأعطني به
صوتاً أسميه الوطن
ثقباً بلا شمع أسميه الوطن
قطرة أحساس أسميها الوطن
كسرة تفكير بلا خوف أسميها الوطن
يا سيدي خذه بلا شيء
فقط خلصني من هذا الوطن

الوطن الذي لم يتردد العقيد طاهر يوما في تقدم حياته رخيصة لم يشفع له اليوم ، او يتكرم بعلاجه ، تركه وحيدا يصارع الموت من أجل البقاء ، حيث أرسل نداء استغاثة إلى رجال الخير من اجل المساهمة في إنقاذ حياته بعد أن اصبح في دائرة صعبة بين الموت و الحياة فلا حياة بسعادة ولا موت ينسيك مرارة الوجع في وطن مثخن بالجراح.

مشكلة طاهر بانه جرح في جبهة تعاني الإهمال و النسيان مثله تماما جبهة كرش التي يتم التعامل معها من قبل الشرعية و التحالف كـ بنت الخالة رغم أنها تمثل حامية العند وقاعدته العسكرية عوضا عن كونها العمق الجيوعسكري للعاصمة عدن يمتد مسرحها العسكري العرضي قرابة 100 كيلو متر ، ويقود الجبهة وقطاعاتها نخبة من ضباط الجيش الذين لبوا نداء اللواء فضل حسن في الجبهة الغربية لعدن ومن ابرزهم العميد عبدالحكيم موسى والعميد فضل سالم والعميد علي المسلمي والعميد علي كحلان و العقيد الجريح طاهر أحمد .