هزائم الحوثي بالحديدة..كلمة السر في الطلب الأممي بوقف إطلاق النار
رأي المشهد العربي
بعد اقتراب ساعات حسم القوات المشتركة بدعم من التحالف العربي لمعركة الحديدة، ومحاصرة مليشيات الحوثي الانقلابية وتكبدها خسائر كبيرة بالحديدة عادت الأمم المتحدة من جديد لتطالب بوقف إطلاق النار لاحتمالية إجراء محادثات سلام.
وغاب عن المجتمع الدولي أن مسألة انهيار محاولات التفاوض في الأزمة اليمنية مبكراً لا يرتبط مطلقاً بالمملكة العربية السعودية وحلفائها من قوى التحالف وغيرهم من الداعمين وإنما المسألة تتعلق بإجبار مليشيا الحوثي على الدخول في مفاوضات فعلية.
وطالب مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، "ماركلوكوك" الثلاثاء بوقف إطلاق النار حول مدينة الحديدة اليمنية التي تستمر فيها المعارك بين قوات تابعة للحكومة اليمنية والمتمردين الحوثيين المدعومين من إيران، لاحتمالية إجراء محادثات سلام الشهر الجاري.
واشتدّت المواجهات في الحديدة في الأول من نوفمبر الجاري ، ونجحت القوات المشتركة في اختراق دفاعات المتمردين والتوغل في شرق وجنوب المدينة المطلة على البحر الأحمر.
وتقع محافظة الحديدة على ساحل البحر الأحمر، وتبعد عن العاصمة اليمنية صنعاء بمسافة تصل إلى حوالي 226 كيلو مترًا يشكل سكانها (11%) بتعداد "2،621،000" من إجمالي سكان الي من تقريبًا،وتحتل المرتبة الثانية من حيث عدد السكان بعد محافظة تعز،وعدد مديريات المحافظة (26) مديرية، ومدينة الحديدة مركز المحافظة.
ويرى مراقبون أن دعوة الأمم المتحدة لم تأتي من فراغ وإنما جاءت من الحوثي الذي خسر غالبية الموانئ مثلا لمخا وغيره، ويرى أن نهايته اقتربت بهذا الميناء الحيوي الذي يستخدمه كمنفذ بحري لتهريب الأسلحة والصواريخ التي تأتي له من إيران.
الكاتب السعودي خالد السليمان قال إنه لا أحد يريد استمرار الحرب في اليمن إلى الأبد، والتدخل العسكري الذي قادته السعودية في اليمن هدف لمنع تهيئة ظروف لاندلاع حرب أكبر كانت ألسنة له بها ستطال جميع دول المنطقة ،لذلك عندما يطالب المجتمع الدولي بوقف الحرب في اليمن ،فإن عليه أن يحدد الأسس التي ستتوقف عليها الحرب ،ورسم ملامح المستقبل الذي ينتظر الشعب اليمني ،حتى لا تذهب تضحياته هباء منثورا كما ذهبت أرواح ضحايا الانقلاب الحوثي وأعماله الحربية فيسعيه للاستيلاء على السلطة وإخضاع معارضيه.
وأضاف السليمان أن إيقاف الحرب دون معالجة أسباب اندلاعها ،ليس أكثر من هدنة هشة مؤقتة لنتمنع اندلاع حرب أخر بأشد ألما وأطول مداً.
ولا يخفى على أحد التصريحات الأخيرة لرئيس ما يعرف بـ" اللجنة الثورية العليا" محمد الحوثي والتي قال فيها إن أمريكا وقادتها هم من يجب عليهم وقف الحرب في اليمن،وذلك فيرد على دعوات من وزيري خارجية ودفاع أمريكا لوقف إطلاق النار باليمن خلال 30 يوماً.
ونقلت قناة المسيرة التابعة للحوثيين على لسان محمد الحوثي قوله: " التصريحات الدولية الأخيرة أكدت أن الحرب على اليمن لا مخرج لها،وأنه قد حان الوقت لكي تنتهي".
لكن يبدو أن مارتن غريفيث مبعوث الأمم المتحدة يغمض عينيه ولا يشغل عقله بالتصريحات والتحركات الحوثية وينشغل فقط بالمعسكر المقابل وهو التحالف العربي والحكومة اليمنية الشرعية، ليخرج بتصريحات غريبة قال فيها إن " مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي لعب دوراً في دفع الحكومة الأمريكية إلى دعوة مفاجئة تطالب بوقف إطلاق النار في اليمن والانتقال من الحرب إلى السلام".
وقال غريفيث إن "هناك بالفعل بداية لرغبة قوية في الانتقال من الحرب إلى السلام، لكن القضايا بما في ذلك مقتل خاشقجي حفزتا لمصالح في هذه الدول".
ويرى غريفيث أن العامل الأكثر إلحاحاً الذي يبرر تحرك السياسة الخارجية الأمريكية في اليمن كان تهديد المجاعة،موضحا " إن تهديد المجاعة تهديد حقيقي للغاية ويخاطر بمضاعفة أعداد الناس في الي من المعرضين لخطر الموت من الجوع أو المجاعة، هذا هو العامل الملح هنا ".
لكن غاب عن غريفيث وحتى واشنطن نفسها أن الصحفي جمال خاشقجي كان أحد أهم وأبرز المؤيدين للحرب في اليمن رفضاً لما تفعله إيران بالمنطقة ، ولو خير في التوجه الذي تحاول من خلاله أمريكا إخضاع التحالف لرفض ذلك بشدة.
الكاتب السياسي مشاري الزايدي قال إن من الفواتير المطلوبة من السعودية في واقعة مقتل خاشقجي ،التوقف عن مواجهة عملاء إيران باليمن، الجماعة الحوثية، بحجة الشفقة على الإنسانية ، وهي الإنسانية التي لم نرى جورنالجية اليسار البريطاني، يذرفون الدم عسحّاً على أكبر كارثة إنسانية بالقرن الجديد سوريا.
وأضاف الزايدي أن المبادرة الأمريكية لوقف القتال باليمن وفتح طريق سياسية ،يجب العلم أن السعودية ولا أعضاء التحالف باليمن لم يقولوا إنهم ضد الحل السياسي ،على العكس فمن اليوم الأول كان الحل السياسي مطلوباً ومدعوماً،ونتذكر محطات الكويت وجنيف التفاوضية لليمن ،بل إن السعودية والتحالف أفسحوا المجال للحل السياسي وإيقاف القصف الجوي أكثر من مرة ،لكنك لمرة يعتبر الحوثي الأمر مجرد هدنة لترتيب الصفوف ليس أكثر.
ولفت إلى أنه هذه المرة فإن الأرجح أن الحوثي سيتعامل مع وقف النار بوصفه هدنة تكتيكية ليس أكثر. ومع ذلك ستدعم السعودية والتحالف المسعى السياسي وهو ليس أمراً جديداً.
بدوره يرى الخبير في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية وليد الحريري ،أن الموقف الأمريكي الجديد قد يكون مؤشراً إلى شعور الحكومة الأمريكية بالإحباط من فلتان الوضع ،أو طريقة للقول إنهم يحاولون أن يفعلوا شيئاً لكنهم عاجزون ويلومون أطراف النزاع لإخفاقهم في تسويته.
ولفت إلى أن التصريحات الأمريكية الأخيرة هي إعلان سياسي جيد لكنه ليس مدعوماً بتحرك حقيقي وملموسأ وجهد على نطاق واسع لتسوية النزاع.
ويشهد اليمن ،منذ أربعة أعوام ،حرباً عنيفة بين القوات الحكومية الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي،المسنودة بقوات التحالف بقيادة السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة،منجهة،ومسلحي جماعة الحوثي منجهة أخرى.
وفشلت كل المفاوضات ومحاولات التوصل إلى وقف لإطلاق النار منذ سيطرة مليشيات الحوثيين على العاصمة اليمنية صنعاء في سبتمبر 2014.