خسائر الحوثي في الحُديدة تدفعه للتفاوض.. دلالات وأسباب واضحة
رأي المشهد العربي
في تطور جديد للأوضاع في مدينة الحديدة، انحرفت المليشيات الحوثية عن مسار المواجهات العسكرية إلى المسار السياسي والتفاوض بعد الخسائر التي منيت بها خلال الفترة الأخيرة.
وتوقفت العمليات العسكرية بشكل جزئي بعد انطلاق دعوات أمريكية إلى وقف إطلاق النار والذهاب إلى مفاوضات سياسية لكن هذه المرة في السويد.
وخاطبت المليشيات الحوثية مؤسسات دولية وعربية من أجل إقناع التحالف العربي بوقف العمليات العسكرية للدخول في مفاوضات على الأرض خلال المرحلة المقبلة.
ويرى البعض أن الخلافات التي تعصف بين الحوثيين وحلفائهم والنخب هو ما دفعها إلى المجاهرة بضرورة حل النزاع وعودة الشرعية.
وتضمنت آخر كلمة للحوثي إشارات واضحة إلى الانهيارات التي تشهدها صفوف ميليشياته وفرار المئات من على الجبهات؛ قائلًا "عاد الكثير منهم لظروف معينة أجبرتهم على العودة أو أثرت عليهم في المرابطة، وأتوجه إلى الجميع وإلى غيرهم أيضاً اليوم نحن معنيون بالتحرك الجاد للتصدي لهذا العدوان في الساحل والحدود وسائر الجبهات والمحاور".
كل الدلالات السابقة تشير بوضوح إلى حقيقة واضحة تخص أسباب انتقال الحوثي إلى مسار المفاوضات من جديد وترك المسار العسكري.
وبعيداً عن توجهات المليشيات الحوثية فإن المصادر الغربية التي كشفت صراحةً عن وجود انفراجة في ملفات الأسرى ومطار صنعاء ودفع الرواتب سيتم الإعلان عنها قريباً، تؤكد مدى خضوع المليشيات الحوثية للتفاوض بجدية.
وقالت المصادر وفقاً لـ"الشرق الأوسط"، إن الأطراف تسلمت وثائق مقترحة للحل، وتجري دراستها لتلقي الملاحظات، على أن تبدأ المشاورات بأرضية أكثر صلابة، وأن تتجاوز لاحقاً مسألة بناء الثقة بالتحدث عن الحل الشامل.
ويبدو جلياً أمام المتابع للمشهد أن الحوثي ظل رافضًا لمسألة التفاوض والجلوس على مائدة واحدة لإنهاء الأزمة حتى انطلاق عملية تحرير الحديدة ودخول المواجهات العسكرية في إطار شديد مع تحقيق القوات المشتركة وألوية العمالقة والتحالف العربي لانتصارات حقيقية على الأرض.
ورغم هذا التحول الكبير في التوجهات والأفكار الحوثي إلا أن هناك محاولات لاستفزاز قوات التحالف وألوية العمالقة من قبل المليشيات لإظهارها بمشهد غير جيد أمام المجتمع الدولي.
هذا الأمر كشفت عنه تصريحات المتحدث باسم قوات الجيش العميد عبده مجلي الذي حذر من استمرار استفزازات مليشيا الحوثي بمدينة الحديدة، قائلاً: "إن مليشيا الحوثي تمارس استفزازات وتحاول تنفيذ هجمات وإطلاق القذائف العشوائية على المنشآت الحيوية والأحياء السكنية في الربصة وغليل وشارع جمال ومستشفى الثورة".
ولفت إلى أن استفزازات الحوثيين تأتي مع توقف مؤقت للعمليات العسكرية في الحديدة وهدوء نسبي، مشدداً على أن صبر القوات المرابطة داخل مدينة الحديدة لن يطول في حالة استمرار الاستفزازات الحوثية.
الأمر نفسه تحدث عنه زعيم مليشيا الحوثي، فمع بدء العد التنازلي لإطلاق الأمم المتحدة جولة جديدة من المفاوضات لحل الأزمة اليمنية وعلى وقع تصاعد النقمة الشعبية في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، خرج عبدالملك الحوثي بكلمة متلفزة ليؤكد مرة أخرى أن الحرب والدمار هي اللغة الوحيدة التي يتقنها.
وقال الحوثي إن المسار العسكري هو الحل في محاولة أخرى لوأد المفاوضات حتى قبل تحديد موعدها، لكن ذلك إنما يدل على طبيعة هذه الجماعة وتلاعبها المستمر بكافة الأوراق.
وتنطلق أهمية الحديدة من الكلمات التي أطلقتها إليزابيث ديكنسون الباحثة في مجموعة الأزمات الدولية بقولها إن معظم الزخم الذي رأيناه على الجبهات في العام الماضي كان على ساحل البحر الأحمر، باتجاه الحديدة شمالاً أكبر الأهداف الاستراتيجية.
وأضافت: "لكن الأسباب ذاتها التي جعلتها استراتيجية على الصعيد العسكري، تثير مخاوف منظمات الإغاثة من تبعات الحملة العسكرية، موضحاً أن أي ضرر في عمليات الميناء وفي تدفق البضائع قد يؤدي إلى كارثة ليس في الحديدة وحدها، بل في كل أنحاء شمال اليمن الذي يعتمد على هذا الممر للحصول على كل الأغذية والبضائع".
يشار إلى أن المبعوث الأممي لدى اليمن، مارتن غريفيث، أكد خلال جلسة طارئة بمجلس الأمن الدولي مساء الجمعة، إن الأطراف المتحاربة في اليمن قدَّمت "تأكيدات جادة" بالتزامها بحضور محادثات سلام من المقرر إجراؤها قريبًا في السويد.
وأضاف غريفيث أمام مجلس الأمن الدولي:"هذه لحظة حاسمة لليمن.. تلقيت تأكيدات من زعامة الأطراف اليمنية بالالتزام بحضور هذه المشاورات.. وأعتقد أنهم صادقون".
وسعى التحالف العربي للخروج بحل سلمي لإعادة الاستقرار إلى اليمن في مقابل إصرار ميليشيات الحوثي المرتبطة بالنظام الإيراني على إفشال كافة جولات محادثات السلام والانقلاب على تعهداتها والسير قدماً في المسار العسكري.