تحليل: معركتنا الاقتصادية من زاوية سياسية
معركتنا الاقتصادية من زاوية سياسية
ثابت حسين*
الحرب الاقتصادية لتدمير مقدرات الجنوب بدأت مباشرة بعد الوحدة وبشكل مكثف بعد حرب 1994 بمجرد ان تمكن نظام 7/7 من تدمير الجيش الجنوبي قتلا وتسريحا وتطفيشا.
ومنذ صبيحة 1994/7/7 باشر نظام صنعاء بمصادرة ونهب ممتلكات الجنوب العامة والخاصة كالعقارات والأراضي ومؤسسات الدولة والمصانع والمزارع والثروة النفطية والغازية والسمكية...الخ
حينما سأل علي عبدالله صالح هل صحيح أنكم صادرتم ممتلكات عامة وخاصة في الجنوب؟ اجاب بنعم "نحن وزعنا هذه الأراضي لمن قاتل معنا ضد الانفصاليين خلال حرب 1994".
طبقت حينها سياسة الفيد حتى أصبحت ثقافة مغطاة بفتاوي "علماء" حزب الإصلاح ضد الجنوب والجنوبيين.
كان على رأس "المتفيدين" بالإضافة إلى امراء الحرب القادمين من الشمال تجار وشركات كبرى كمجموعة هائل سعيد وأخوان ثابت وشاهر عبد الحق والحباري وتوفيق عبدالرحيم وحسن جيد...الخ.
وهؤلاء تولوا مهمة تدمير اقتصاد الجنوب بشكل ممنهج ومحاربة رأس المال الجنوبي الذي حاول مقاومة تتار العصر لكنه اضطر الى الانسحاب أو الإنكفاء المؤقت في ظل معركة غير متكافئة القوى والوسائل.
ومن حينها ظل شعب الجنوب يعاني من الاحتلال اليمني بكل أشكاله السياسية والاقتصادية والثقافية.
بعد تحرير الجنوب عسكريا من عصابات صنعاء العفاشية والحوثية والاخونجية منذ منتصف 2015م حاول الرأسمال الجنوبي إعادة نشاطه ومواجهة احتكار مجموعات الشمال لاقتصاد ومعيشة الجنوبيين.
لكن نظام صنعاء ممثلا بسلطة "الشرعية" بدلا من تحرير الشمال من الحوثيين انتهج سياسة تقوم على خوض حرب اقتصادية شاملة ضد الجنوب حتى لا يتمكن من استعادة حقه في الحياة واستعادة دولته.
هدفت سياسة سلطة الشرعية إلى إفساد نصر الجنوب وابقائه غير مستقر، مما صب في خدمة الحوثيين وخاصة في ملف العملة وأسعار الصرف، مع بقاء السيطرة المطلقة التي كانت تتمتع بها المليشيا الحوثية الإرهابية على القطاع المصرفي، عبر سيطرتها على إدارات البنوك التجارية ووكلاء التحويلات الخارجية.
وأمام ذلك حاول المجلس الإنتقالي الضغط لكسر هذه السيطرة من خلال القرارات التي أصدرها البنك المركزي في إبريل 2024م، حيث كان أهم القرارات نقل إدارات البنوك التجارية والاتصالات والنقل من صنعاء إلى عدن.
وهو ما أثار جنون المليشيا حينها، ودفعها إلى التهديد، لأول مرة، بقصف موانئ ومطارات ومصالح حيوية في السعودية في حال لم تقم بالضغط على الشرعية للتراجع عن هذه القرارات، وهو ما تم أواخر يوليو من العام الماضي، برعاية أممية.
لكن الجنوبيون لم يستسلموا لهذا الابتزاز الحوثي المدعوم دوليا، وواصلوا حراكهم الشعبي والسياسي والدبلوماسي، ومع التطورات التي حدثت اقليميا ودوليا اضطرت بعض البنوك التجارية إلى المسارعة في نقل مقراتها إلى عدن، والانضواء تحت سلطة البنك المركزي عدن.
خلاصة الخلاصة المعركة الاقتصادية التي يقودها المجلس الانتقالي الجنوبي وكل القيادات الجنوبية الشريفة هي معركة وجود وحياة وأمن واستقرار الجنوب والمنطقة كلها.
*باحث ومحلل سياسي وعسكري