صحيفة دولية: ارتباك في تركيا بعد نفاد ذخيرتها في قضية خاشقجي

الخميس 22 نوفمبر 2018 10:48:35
testus -US

تشعر الحكومة التركية أن قبضتها على ملف أزمة مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي تتراجع تدريجيا، بعدما تمكنت، على مدار قرابة الشهرين، من التحكم في مسار القضية من خلال سياسة التسريب الممنهج للمعلومات، سعيا لتوريط السعودية في أزمات جيوسياسية أوسع مع حلفائها الغربيين،.

وما بعد بيان الرئيس الأميركي دونالد ترامب لا يشبه ما قبله، في هذه القضية التي تحولت مع الوقت إلى صراع سياسي داخلي في الولايات المتحدة، إلى جانب إصرار تركيا على تحقيق مكاسب استراتيجية وإقليمية من ورائها.

ويقول محللون في الولايات المتحدة طبقاً لما أوردته يومية "العرب" الصادر من لندن، إن ترامب “سحب الذخيرة من سلاح تركيا”، عبر تأكيده على أنه مستمر في التحالف الاستراتيجي مع السعودية، بغض النظر عن علم ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بالجريمة قبل وقوعها من عدمه.

وتعهد ترامب في بيان، الثلاثاء، بأن يظل “شريكا راسخا” للسعودية على الرغم من قوله إنه “قد يكون من الوارد جدا” أن الأمير محمد بن سلمان كان لديه علم بخطة قتل الصحافي المعارض جمال خاشقجي.

وكان تحميل الأمير محمد بن سلمان مسؤولية مقتل خاشقجي آخر الأوراق التي يناور بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في سعيه لتقويض المشروع التحديثي الذي يقوده ولي العهد داخل السعودية وفي المنطقة. واليوم تدعو تركيا إلى نقل الملف إلى الأمم المتحدة للتحقيق فيه من قبل خبراء دوليين، بعدما فقدت الأمل في أي تحرك أميركي معاد للسعودية كانت تطمح إليه من قبل.

وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن بلاده غير راضية بشكل كامل عن مستوى تعاون السعودية في التحقيق في مقتل خاشقجي، وإنها ربما تطلب تحقيقا رسميا من الأمم المتحدة في القضية إذا وصل التعاون مع الرياض إلى طريق مسدود.

وأضاف الوزير للصحافيين في واشنطن، مساء الثلاثاء، عقب اجتماع مع نظيره الأميركي مايك بومبيو، أن تركيا أطلعت الولايات المتحدة على أحدث المعلومات بشأن مقتل خاشقجي، وكرر موقف أنقرة بأن الحقيقة يجب أن تظهر بشأن من أعطى التوجيهات بقتله.

وكانت تركيا تعوّل على ضغط تمارسه على ترامب مؤسسات حساسة في إدارته، بعد الكشف عن تقييم أعدته وكالة الاستخبارات المركزية (سي.آي.أي) قالت تسريبات غير مؤكدة إنه يخلص إلى اتهام ولي العهد السعودي.

وبعد ذلك، قال مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية، لم يفصح عن هويته، لوسائل إعلام أميركية إنه يدعم استنتاج سي.آي.أي. وتقول مصادر إن ترامب شعر بالخطر وبدأ في التحرك لمنع إفساد مثل هذه الادعاءات لعلاقات واشنطن مع الرياض.

وبعد بيان ترامب الذي أكد فيه أن “العلاقات بين البلدين لن تخرج عن مسارها”، وصف وزير الخارجية مايك بومبيو على الفور هذه العلاقات بـ”الشراكة التاريخية”، وقال إن “الرئيس ترامب سيستمر في التشبث بالعلاقات مع المملكة العربية السعودية”.

وأعلن ترامب أنه سيلتقي ولي العهد السعودي خلال اجتماعات قمة العشرين التي من المؤمل أن تعقد في الأرجنتين الأسبوع المقبل، فيما أكد متحدث باسم الرئاسة الروسية أن الرئيس فلاديمير بوتين قد يعقد بدوره لقاء مع الأمير محمد بن سلمان على هامش القمة.

وبذلك تكون كل النوافذ في الولايات المتحدة قد أغلقت عمليا في وجه تركيا. ويقول مراقبون إنه لم يتبق أمام أردوغان سوى اتخاذ إجراءات انتقامية -عبر التوجه إلى الأمم المتحدة- قد تشكل عبئا كبيرا على علاقات تركيا مع السعودية في المستقبل.

لكن مشكلة أردوغان ما زالت تكمن في مدى قدرته على حشد دعم دولي كاف لتمرير مثل هذا الاقتراح وتحويله إلى أولوية لمناقشته على طاولة مجلس الأمن الدولي، وهو الجهة الرسمية التي تملك تكليف الأمين العام بتشكيل لجنة قانونية للتحقيق في جرائم مشابهة لمقتل خاشقجي.

وبعد الإعلان صراحة عن موقفه تجاه القضية لأول مرّة، الثلاثاء، وضع ترامب بذلك حاجزا كبيرا أمام إمكانية نجاح تركيا دبلوماسيا في حشد الدعم لإجراء تحقيق دولي موسع.

وقال ريتشارد سبينسر، محرر شؤون الشرق الأوسط في صحيفة “التايمز″ البريطانية، في تقرير، الأربعاء، إن “ترامب أطلق تهديدات، إلا أنه كان واضحا منذ البداية بأنه ليست لديه أي نية لتطبيقها”.

وقالت مصادر إن الانزعاج في تركيا يكمن في نفاد التسجيلات التي كانت تمثل بالنسبة إليها “سلاحا حاسما” للانتصار في المعركة السياسية والإعلامية ضد السعودية.

وكان المسؤولون الأتراك يتوقعون رد فعل مغايرا تماما من قبل الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين بمجرد تسليمهم هذه التسجيلات.

كما تكمن مشكلة أردوغان الأخرى في أن الرئيس الأميركي ليس مسؤولا عاديا يمكن ابتزازه أو المزايدة على مواقفه، بعدما أثبت أنه يتمتع بدرجة صراحة غير مسبوقة حول قناعاته، وإصرار كبير على المضي قدما في تطبيق سياساته.