كيف سعى إخوان تونس لتفكيك التيار المدني وصناعة الأزمة ؟

الاثنين 26 نوفمبر 2018 21:35:07
testus -US
في ظل تفاقم الأوضاع في تونس وتوتر الساحة السياسية، بدت الصورة واضحة حول وجود بعض الأطراف المستفيدة من إحداث انقسامات وخلق أزمة في الداخل التونسي، أولها حركة النهضة الإخوانية التي يتزعمها راشد الغنوشي.
ورغم ما يبدو من تحالف معلن بين رئيس الحكومة التونسي يوسف الشاهد وحركة النهضة الإخوانية، إلا أن العارفين بخفايا الأمور يؤكدون أن مرحلة الود بين الجانبين على شفا التحول إلى جفاء مطبق.
هذه النتيجة توصل إليها خبراء استناداً إلى ردود الفعل الغاضبة والانتقادات بسبب تصريحات زعيم الإخوان في تونس راشد الغنوشي، والذي قال خلال اجتماع بكتلة حزبه النيابية، ما مفاده أن حركة النهضة هي "اللاعب الوحيد في المشهد السياسي التونسي"، ما سيدفع بدوره "الشاهد" إلى التخلي عن الحركة الإخوانية مقابل البقاء السياسي.
وفي تصريح خاص لـ"المشهد العربي"، قال الدكتور سعيد اللاوندى، الخبير فى الشئون الدولية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن السياسات التى تتبعها حركة النهضة ستؤدى فى النهاية إلى انهيار الحزب بشكل كبير، كما انهار الإخوان في مصر، مؤكداً أن حركة النهضة تحاول ضرب الحركة المدنية في تونس,
وأكد "اللاوندي" أن حركة النهضة تفعل ما فعله إخوان مصر خلال حكم "محمد مرسي"، وتسعى للسيطرة على مفاصل الدولة التونسية وأخونتها، كاشفا عن تعيين النهضة، ليهودى تونسى يحمل الجنسية الإسرائيلية، كوزير للسياحة.
وعن تصريحات زعيم الإخوان في تونس راشد الغنوشي، اعتبر مؤيدو الشاهد تلك التصريحات بمثابة "التنصل" و"نكران" التحالف بين رئيس الحكومة والحركة الإخوانية، وهو ما أدى إلى إثارة جدل واسع حول مستقبل هذا التحالف، في وقت تسير فيه تونس نحو انتخابات حاسمة مقررة نهاية العام المقبل.
من جانبه، قال المفكر التونسي يوسف الصديق، في تصريح لـ"المشهد العربي"، أنه في حال استمر يوسف الشاهد في تحالفه مع حركة النهضة، فلن يكون مصيره السياسي أفضل من مصير مصطفى بن جعفر، الرئيس السابق للبرلمان المؤقت.
ودخل بن جعفر، رئيس حزب "التكتل من أجل العمل والحريات"، في تحالف مع حركة النهضة الإخوانية، بعد انتخابات 2011، ما أدى إلى تفكك حزبه إثر احتجاج قواعده على قرار التقارب مع الإخوان، مؤكداً أن هذا التحالف "تقني وليس سياسياً، لأن المحيطين بيوسف الشاهد من مستشارين لا تجمعهم روابط جيدة بحركة النهضة، على غرار لزهر العكرمي، وهو أحد مؤسسي نداء تونس".
ويرى "الصديق" أن هناك ضرورة ملحة في حل حركة "النهضة"، مشيراً أنها لم تقطع مع الإرث الإخواني، وأن المُعلن في خطابها من تمدين، لا يعكس النوايا غير البريئة للحركة وقياداتها، وأن تاريخ الإخوان في تونس مثقل بالانقلابات وازدواجية الخطاب، والشاهد يعرف هذا جيداً.
وأجمع خبراء ومفكرون وسياسيون تونسيون على أن بلادهم لم تعرف الإرهاب إلا مع وصول حركة النهضة الإخوانية إلى الحكم قبل 6 سنوات.
يأتي ذلك تعقيبا على شبح الإرهاب الذي يطل في كل مرة على البلاد، والذي كان آخره التفجير الانتحاري الذي استهدف سيارة للشرطة بالعاصمة التونسية، وأسفر عن مقتل الانتحارية وإصابة 9 آخرين، 8 منهم من عناصر الأمن.
ومنذ صعود الإخوان إلى السلطة في 2012، بدأ التونسيون يعانون من الإرهاب، في سابقة لم تكن معهودة في بلد كان بمنأى عن هذه الظاهرة.
غير أن اللافت هو أنه كلما ضاق الخناق على الحركة الإخوانية الإرهابية وتوجهت إليها أصابع الاتهام في ملف شائك، خصوصا ما يتعلق منه بأمن تونس، يقع تفجير أو عملية إرهابية تحوّل الأنظار واهتمام الرأي العام إليها بعيدا عن الأداء السياسي والأمني لـ"النهضة".
فقبل أيام، عاد الجدل حول وجود تنظيم عسكري سري لإخوان تونس، ليطفو من جديد إلى واجهة الأحداث، عقب إثارة هذا الموضوع من جانب هيئة الدفاع عن الشهيدين المعارضين شكري بلعيد ومحمد البراهمي.
وقال عز الدين مرابط، الخبير الأمني التونسي، إن "تونس لم تعرف وتيرة متصاعدة للعمليات الإرهابية إلا منذ 7 سنوات"، أي في عهد حكومة حمادي الجبالي الأولى.
وأضاف مرابط، في تصريحات صحافية، أن تصاعد وتيرة العمليات الإرهابية تعود إلى "ضعف أجهزة الدولة، وعدم قدرتها على الحسم النهائي مع الخلايا الإرهابية النائمة"، وتابع قائلا إن "هذا الضعف لم يكن نتاج تسلسل طبيعي لخلل على مستوى معين، وإنما نجم عن حل الإخوان لجهاز (أمن الدولة) الذي كان تابعا للداخلية التونسية، وكانت مهمته ملاحقة المتطرفين".
ومنذ ذلك الوقت، انتشر السلاح داخل تونس قادما من الغرب الليبي (منطقتي طرابلس وزوارة) وهما المنطقتان اللتان يسيطر عليهما الإخوان في البلد المجاور.
ووفق الخبير الأمني التونسي، فإن وجود تنظيم "داعش" الإرهابي في تونس، بدأ من خلال "الذئاب المنفردة"، على غرار الهجوم الإرهابي الذي استهدف في 2015، فندقا بمحافظة سوسة الساحلية (شرق)، وأسفر عن مقتل العشرات من السياح، ثم حادثة التفجير التي استهدفت، العام نفسه، حافلة تقل عناصر من الأمن الرئاسي، وخلفت مقتل 12 منهم.
وتسير تونس باتجاه الانتخابات التشريعية والرئاسية المقررة في 2019، وسط ضبابية المشهد السياسي العام، نتيجة التجاذبات الحادة بين القوى السياسية، خصوصا بين حركتي "نداء تونس" و"النهضة".