مجزرة سناح.. جرح ذاكرة الجنوب الذي صنع إرادة التحرير

السبت 27 ديسمبر 2025 20:50:36
testus -US

في ذكرى مجزرة سناح بمحافظة الضالع، تعود الذاكرة الجنوبية مثقلةً بصور الألم والفقد، لكنها في الوقت ذاته تستحضر معاني الصمود والإرادة التي صنعت التحول الكبير في مسار قضية الجنوب العربي.

لقد شكّلت تلك المجزرة واحدة من أبشع الجرائم التي تعرّض لها أبناء الجنوب، ضمن سلسلة طويلة من المجازر والانتهاكات التي ارتكبتها قوى الاحتلال والإرهاب اليمني بحق شعبٍ لم يطلب سوى حقه في الحياة الحرة والكرامة الإنسانية.

سنوات طويلة عاش فيها الجنوبيون تحت وطأة القمع، والاستهداف الممنهج، ومحاولات طمس الهوية، حيث كانت القرى والمدن مسارح للبطش، وكان المدنيون هم الضحية الأولى.

لم تكن مجزرة سناح حادثة معزولة، بل عنوانًا لمرحلة سوداء اتسمت بالاستهانة بدم الإنسان الجنوبي، ومحاولة إخضاعه بالقوة وكسر إرادته. غير أن تلك الجرائم، على قسوتها، لم تنجح في إخماد جذوة النضال، بل زادت الشعب إصرارًا على التمسك بحقه وقضيته العادلة.

واليوم، يقف الجنوب العربي على أرض مختلفة تمامًا. أرض تنبض بالحرية، ويتنفس أهلها العزة، ويعيشون كرامتهم بفضل تضحيات جسيمة قدّمها أبطال القوات المسلحة الجنوبية. فقد تحوّل الألم إلى قوة، والدم إلى طريق نحو المستقبل، بقيادة الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي، الذي جسّد مع رفاقه معنى القيادة المرتبطة بإرادة الشعب وتطلعاته. فأمن الجنوب واستقراره لم يكونا هبة، بل ثمرة نضال طويل، وتضحيات واعية، وإيمان راسخ بعدالة القضية.

استحضار ذكرى الشهداء في سناح وغيرها ليس مجرد وقوف عند الماضي، بل هو تجديد للعهد بأن تبقى تضحياتهم نبراسًا يهدي المسيرة. فدماء الشهداء أمانة في أعناق الأحياء، ومسؤولية وطنية وأخلاقية تفرض مواصلة النضال والكفاح، ليس بدافع الثأر، بل من أجل ترسيخ دولة العدالة، وحماية ما تحقق، ومنع عودة عصور القهر.

وفي هذه الذكرى، يؤكد أبناء الجنوب أن الحرية التي يعيشونها اليوم هي ثمرة وفاءٍ لتلك الدماء، وأن الحفاظ عليها يتطلب وحدة الصف، وتعزيز الوعي، والالتفاف حول مشروع وطني جامع. فالشهداء رحلوا بأجسادهم، لكن رسالتهم باقية: جنوبٌ حر، كريم، لا يقبل إلا بالحياة التي تليق بتضحيات أبنائه.