استعادة دولة الجنوب العربي.. مسار إنساني للخروج من الانسداد التاريخي

الأحد 28 ديسمبر 2025 23:06:00
testus -US

في ظل الانسداد التاريخي الذي تعيشه البلاد، ومع تراكم الأزمات السياسية والاقتصادية والإنسانية، يبرز طرح استقلال الجنوب العربي بوصفه مسارًا عمليًا ذا بعد إنساني، لا كمجرد شعار سياسي.

فهذا الطرح ينطلق من واقع ملموس أثبتت فيه الصيغ المفروضة عجزها عن إنتاج دولة قادرة على حماية مواطنيها أو إدارة شؤونهم، ما جعل البحث عن بدائل واقعية ضرورة لا ترفًا.

تمكين الجنوب العربي من إدارة شؤونه ومؤسساته يمثل مدخلًا أساسيًّا للخروج من دوامة الفشل المتكرر. فالإدارة الفاعلة، حين تستند إلى إرادة المواطنين واحتياجاتهم المباشرة، تكون أكثر قدرة على ضبط الأمن، وتقديم الخدمات، ومحاسبة المسؤولين.

وقد أثبتت التجارب أن المركزية المفروضة من خارج الواقع الاجتماعي والسياسي للجنوب لم تنتج سوى هشاشة مؤسسية وفراغات أمنية انعكست سلبًا على حياة المدنيين.

ويمثل الأمن أحد أبرز الملفات التي يمكن للاستقلال الجنوبي معالجتها بصورة أكثر كفاءة، فبناء منظومة أمنية وطنية جنوبية، متجذرة في المجتمع يفتح الطريق أمام استقرار حقيقي، ويحد من ظواهر العنف والفوضى.

ولا ينفصل ذلك عن استعادة الخدمات الأساسية، من كهرباء ومياه وصحة وتعليم، وهي ملفات لا تحتمل المساومات السياسية، بل تتطلب قراراً مستقلاً وإدارة رشيدة تضع الإنسان في صدارة الأولويات.

استقلال الجنوب العربي، في جوهره، ليس مشروع إقصاء أو صراع، بل رؤية لبناء مستقبل أكثر عدالة وتوازنًا، فهو يمنح أبناء الجنوب فرصة صياغة عقد اجتماعي جديد، يقوم على الشراكة، وسيادة القانون، واحترام الحقوق، ويعيد تعريف الدولة بوصفها أداة لخدمة المجتمع لا وسيلة للهيمنة عليه.

كما يفتح المجال أمام علاقات إقليمية ودولية قائمة على المصالح المتبادلة والاستقرار، بدلاً من الارتهان لأزمات مزمنة.

وفي المقابل، فإن حرمان الجنوب من حقه في تقرير مصيره يعني عمليًّا الإبقاء على جذور الأزمة قائمة، فاستمرار تجاهل هذا الاستحقاق سيقود إلى مزيد من الاحتقان، ويعمق الأزمات الاقتصادية والإنسانية، ويقوض أي فرصة حقيقية لبناء سلام مستدام.

في حين أن الاستقرار لا يمكن فرضه بالقوة أو تأجيله بالحلول المؤقتة، بل يتحقق حين تُحترم إرادة الشعوب وتُمنح القدرة على إدارة مستقبلها.

من هنا، يطرح استقلال الجنوب العربي كمسار إنساني واقعي، يهدف إلى إنقاذ الإنسان قبل الأرض، وبناء دولة قادرة على الحياة، بدلاً من الإصرار على صيغ أثبتت فشلها وأرهقت الملايين.