بعد قصف المكلا وقرارات العليمي والبيان السعودي.. قراءة في بيان القادة الأربعة

الثلاثاء 30 ديسمبر 2025 22:53:13
testus -US

في خضم التطورات الخطيرة في حضرموت بعد قصف ميناء المكلا وما أعقبه من قرارات انفرادية من رئيس مجلس القيادة وكذلك حملة تشويه ممنهجة ضد دولة الإمارات، صدر بيان مشترك عن أعضاء مجلس القيادة الرئاسي، وهم الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، وكذلك كل من عبدالرحمن أبو زرعة المحرمي وفرج البحسني وطارق صالح.

قال بيان القادة الأربعة إنهم تابعوا بقلق بالغ ما أقدم عليه رئيس مجلس القيادة الرئاسي من إجراءات وقرارات انفرادية، شملت إعلان حالة الطوارئ، وإطلاق توصيفات سياسية وأمنية خطيرة، وصولًا إلى الادعاء بإخراج دولة الإمارات العربية المتحدة من التحالف العربي ومن الأراضي اليمنية.

وفي رد مباشر وقاطع على هذه الخطوات، أكد البيان عدم قانونية الإجراءات المتخذة، وقال إن ما صدر عن رئيس مجلس القيادة يُعد مخالفة صريحة لإعلان نقل السلطة، الذي نص بوضوح على أن مجلس القيادة الرئاسي هيئة جماعية، تُتخذ قراراتها بالتوافق، أو بالأغلبية عند تعذر التوافق، ولا يجيز بأي حال التفرد باتخاذ قرارات سيادية أو عسكرية أو سياسية مصيرية.

وأضاف البيان أن أي قرارات تصدر خارج هذا الإطار الجماعي تفتقر إلى السند الدستوري والقانوني، وتُحمّل من أصدرها المسؤولية الكاملة عن ما يترتب عليها من تداعيات.

وفيما يتعلق بالتحالف العربي ودولة الإمارات، أكد البيان بصورة قاطعة أنه لا يملك أي فرد أو جهة داخل مجلس القيادة، أو خارجه، صلاحية إخراج أي دولة من دول التحالف العربي، أو الادعاء بإنهاء دورها أو وجودها، فذلك شأن تحكمه أطر وتحالفات إقليمية واتفاقات دولية لا تخضع للأهواء أو القرارات الفردية.

وأشار إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة كانت، ولا تزال، شريكًا رئيسيًا في مواجهة المشروع الحوثي، وقدمت تضحيات جسيمة، ودفعت أثمانًا باهظة من دماء أبنائها، وأسهمت بدور محوري في تحرير مناطق واسعة، وفي بناء قدرات أمنية وعسكرية كان لها الأثر الحاسم في حماية اليمنيين، وتأمين الملاحة الدولية، ومكافحة الإرهاب.

ولفت إلى أنّ محاولة شيطنة هذا الدور أو التنصل منه لا تخدم سوى أعداء اليمن، وتُعد إساءة للتاريخ القريب، وتفريطًا بشراكة ثبتت بالدم لا بالشعارات.

وفيما يخص خطورة الزج بالشرعية في صراعات عبثية، قال البيان: "استخدام مؤسسات الدولة، أو ما تبقى منها، لتصفية حسابات سياسية داخلية أو إقليمية، يمثل انحرافًا خطيرًا عن الهدف الذي تشكل من أجله مجلس القيادة، ويقوض ما تبقى من الثقة الوطنية والإقليمية والدولية، ويفتح الباب أمام مزيد من الانقسام والفوضى".

وعن الموقف والمسؤولية الوطنية، ذكر البيان: "نؤكد تمسكنا بمبدأ الشراكة، وبالعمل الجماعي، وبحماية ما تبقى من الإطار السياسي الذي وُجد لتوحيد الصف لا لتمزيقه".

وأضاف: "كما نؤكد رفضنا القاطع لأي قرارات انفرادية تُقحم اليمن في صدامات جديدة، أو تستهدف حلفاءه الإقليميين، أو تُقوّض أسس التحالف العربي الذي قام لمواجهة خطر وجودي لا يزال ماثلًا".

وختم بالقول: "نحمل من يتخذ هذه المسارات مسؤولية ما قد يترتب عليها من عواقب سياسية وقانونية وأمنية واقتصادية، ونؤكد أن تصحيح المسار، والعودة إلى منطق الشراكة والتوافق، هو السبيل الوحيد لتجنيب البلاد مزيدًا من الانهيار".

بيان القادة الأربعة يشكّل موقفًا متوازنًا يعكس قدرًا من المسؤولية السياسية، وينحاز بوضوح إلى منطق التهدئة والاستقرار، بعيدًا عن مناخ التصعيد وتوسيع دوائر الخلاف.

البيان حمل دلالات مهمة، أبرزها أنه لم ينجرّ خلف السرديات المتوترة أو محاولات تصدير الأزمة، بل أعاد التأكيد على أولوية حماية الاستقرار والحفاظ على السلم، وهو ما يتقاطع بوضوح مع السياسات العقلانية التي ينتهجها الجنوب، والتي تقوم على تغليب الحكمة وضبط النفس، ورفض تحويل الأحداث إلى أدوات صراع مفتوح أو تبادل اتهامات.

كما تميز البيان بالإشادة الواضحة بدور دولة الإمارات، وما قدّمته من إسهامات محورية في دعم الأمن والاستقرار، ومساندة الجهود الإنسانية والتنموية، وهو اعتراف سياسي يعكس قراءة واقعية لدور فاعل لا يمكن إنكاره أو السماح بتشويهه.

هذه الإشادة تمثل رسالة مهمة مفادها أن الشراكات القائمة على دعم الاستقرار لا ينبغي أن تكون ضحية لتجاذبات طارئة أو حسابات ضيقة.

بيان القادة الأربعة يؤكد أن معالجة الأزمات لا تكون بالتصعيد أو تدويل الاتهامات، بل بالمسؤولية السياسية، والحفاظ على الاستقرار، واحترام أدوار الشركاء الحقيقيين في دعم أمن المنطقة.