تشعر إيران وتركيا وقطر بتضييق الخناق عليها، مع تواتر الأزمات السياسية والدبلوماسية وتأثيرات ذلك على الاقتصاد، ومن ثمة على الوضع الاجتماعي. وفي مسعى للبحث عن نافذة تسمح لها بالتنفس في ظل هذه الاحتقان الذي يحيط بها من كل جانب تتحدث عن إرهاصات تشكل تحالف ما زال غير معلن بين تركيا وإيران وقطر لمواجهة ما تعتبره الدول الثلاث تحديات مشتركة وفي مواجهة مزاج دولي متحوّل حيال أنقرة وطهران والدوحة.
واعتبرت المصادر أن استحقاقات العام الجاري أظهرت وجود تقاطع في المصالح بين الدول الثلاث على خلفية التوتر في العلاقة الأميركية التركية، والمواجهة التي تخوضها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ضد إيران، ومحاولة قطر الاستقواء بتركيا وإيران، في مواجهة الرباعية العربية التي تقاطعها، وإن كان ذلك لا يخفي أيضا أن هناك مصالح خاصة بكل دولة، فعلاقة قطر مثلا بالولايات المتحدة تختلف عن علاقة إيران بها.
ووفقًا لصحيفة"العرب" قال المحلل السياسي والاقتصادي الإيراني، سعيد ليلاز “إن جزءا رئيسيا من العلاقات بين إيران وتركيا يكمن في العوامل الاقتصادية، لأن اقتصاد البلدين مكمّل للآخر، وهو ما لا ينطبق على اقتصاد إيران والسعودية بوصفهما اقتصادين متنافسين”.
وأضاف أن “عدم التزام تركيا بالعقوبات لا يرجع بالطبع إلى حرص أردوغان الشخصي على مصالح طهران”، ولكن، وكما أشار وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، فإنه “ينبع من حاجة أنقرة إلى النفط والغاز وإلى ارتفاع حجم التجارة الاقتصادية بين البلدين”.
وعلى الرغم من ضراوة العقوبات التي تفرضها واشنطن على إيران والتي توصف بغير المسبوقة، إلا أن موقف روسيا في إدانة العقوبات والتمسك بالاتفاق النووي المبرم مع إيران في فيينا عام 2015 يضاف إلى موقف تركيا المشابه، مع ترجيح أن يبقى السوق التركي نشطا في تأمين متنفس يساهم في الالتفاف على عقوبات واشنطن ضد إيران.
من جهتها، تسعى قطر لتموضع رسمي في المنطقة يبعدها عن المنظومات التي انخرطت بها في السابق، ولطالما مارست الدوحة تقية سياسية داخل المنظمات الإقليمية، ذاهبة إلى كشف خياراتها، ويرى المحللون أن تموضع قطر في حلف يجمعها مع إيران وتركيا بات احتمالا راجحا، وأن كافة الأعراض السابقة والراهنة توحي بذلك.
وأكّد أردوغان مؤخرا على أن “تركيا وقطر أظهرتا مرارا أنهما أصدقاء في وقت الضيق” وأن “قطر كانت واحدة من الدول التي قدمت أقوى دعم لتركيا على الساحة الدولية بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة، كما وقفت إلى جانب تركيا في مواجهة مبادرات المضاربة التي استهدفت اقتصادنا”.
وتشعر تركيا وقطر، اللتان تتشاركان انتهاج الإسلام السياسي قاعدة لأنظمتهما السياسية، وفي دعم وتمويل كافة أشكال الجماعات الإسلامية في العالم، أن المزاج الإقليمي والدولي المنقلب ضد التطرف الإسلامي وتنظيماته مقلق لهما ويستدرج تحالفا بات حقيقيا منذ إرسال تركيا قوات عسكرية للمرابطة في قاعدتها في قطر كرد فعل على قرار السعودية والإمارات والبحرين ومصر مقاطعة قطر.
ويرى مراقبون أن إعلان قطر عن انسحابها من منظمة الأوبك يمثل أعراضا أولى لتموضع سياسي مقبل داخل المشهد الدولي. ودعا هؤلاء إلى مراقبة الضجيج الذي أثارته وسائل الإعلام الممولة من الدوحة حول إمكانية انسحاب قطر من عضوية مجلس التعاون الخليجي.
لا يتوقع أن تأخذ مسألة التحالف بين تركيا وإيران وقطر بالضرورة أشكالا رسمية معلنة، إلا أن الأمر سيجري وفق خارطة طريق واضحة تربط مصير أنظمة الإسلام السياسي في المنطقة بعضها ببعض.
ودعا الخبراء إلى تأمل التحولات المقبلة داخل ملفات مشتركة عديدة، لا سيما في سوريا والعراق واليمن ولبنان، والتي بدا في الأشهر الأخيرة أن إعلام الدول الثلاث كما مواقفها تكاد تكون واحدة وتصدر وفق تنسيق مسبق مدروس.