بالأرقام.. الانهيار الإيراني قادم بلا محالة
منذ قيام النظام المتطرف في إيران، كانت الأجندة الرسمية تسعى إلى الحفاظ على سلطة الملالي عبر الادّعاء بأن الأوضاع جيدة، بينما الانهيارات مستمرة والفشل الاقتصادي واقع يعيشه الإيرانيون رغم الثروات الطائلة التي يستغلها مستوى محدود من النخبة المذهبية، إلا أن التقارير والاستطلاعات الخاصة وكافة المؤشرات أصبحت تزلزل الروح المعنوية لنظام الملالي الذي يزداد اعتماده على القبضة الحديدية للحرس الثوري في قمع المعارضين.
قال الدكتور سالم حميد رئيس مركز المزماة للدراسات والبحوث- دبي عبى صفحات "العرب" من علامات الانهيار الجديدة في إيران رحيل مئات الآلاف من اللاجئين الأفغان الذين كانوا يقيمون في أوضاع مأساوية داخل إيران، لكنها الآن أصبحت بيئة طاردة حتى لمن كانوا يقبلون بحياة البؤس والحرمان. وفي التفاصيل التي نشرتها مصادر إعلامية دولية مثل “رويترز”، نتج عن تفاقم حدة الأزمة الاقتصادية قيام حوالي 700 ألف لاجئ أفغاني بمغادرة إيران بالتدريج.
واستنادا إلى إحصائيات منظمة الهجرة الدولية، فإن هؤلاء قد غادروا إيران خلال العام الجاري نتيجة للأزمات الاقتصادية التي تعاني منها إيران، والتي لم تعد توفر الحياة المعيشية البسيطة للإيرانيين أنفسهم، رغم ذلك تحاول السلطات الإيرانية إخفاء مؤشرات الانهيار دون جدوى، خاصة مع تداعيات العقوبات الأميركية وانحسار كمية النفط الذي كانت إيران تقوم بتصديره والاستفادة من عائداته. رغم أن عائدات النفط الإيراني كانت ولا تزال تُستغل لتمويل النفوذ الإيراني والتدخلات التي تزرع الفتن وتشجع على خوض الحروب القذرة نيابة عن إيران في مناطق أخرى.
ومن المؤشرات التي تفيد بعدم استطاعة طهران الاستمرار في الإنفاق على أعوانها ومن يخدمون أجندتها في الخارج، ما تسرب مؤخرا من خبر عن دعوة إيران لحلفائها الحوثيين بتقليص الإنفاق على وسائل الإعلام والقنوات الفضائية التي تستنزف الكثير من الأموال والنفقات، إلى درجة أن الامتعاض الإيراني وصل إلى مرحلة الاقتراح بدمج قنوات ووسائل إعلامية تابعة للحوثيين تبث من الضاحية الجنوبية في بيروت.
كما لا يستبعد أن يكون خضوع الحوثيين هذه المرة لدعوات التفاوض والتشاور وهرولتهم إلى السويد من المؤشرات الإضافية التي تكشف عن ضعف إيران في هذه الفترة السوداء من تاريخها ووصولها مرحلة الاستنزاف، ولا يزال القادم أخطر عندما تتضح معالم الأضرار الفادحة الناجمة عن تضاؤل حجم الصادرات النفطية الإيرانية وتجفيف الموارد المالية التي كانت تتيح لإيران تمويل تدخلاتها العبثية في المنطقة العربية.
ويتداول الإيرانيون وكل من يهتم برصد الوضع في إيران نتائج استطلاع كانت تعتبر في نظر السلطات الإيرانية سرية، لكنها انكشفت وظهرت إلى العلن، وجاءت أرقام الاستطلاع صادمة للغاية، وكشف عن جانب منها موقع إخباري معارض تابع للشخصية السياسية الإيرانية البارزة مهدي كروبي، الذي يخضع للإقامة الجبرية المفروضة عليه من قبل النظام الإيراني منذ اندلاع مظاهرات ما عرف بالحركة الخضراء عام 2009.
نتائج الاستطلاع كشفت أن نحو 90% من الشعوب الإيرانية غير راضية ومستاءة جدا من أداء الحكومة والنظام الإيراني، في حين قال 9.6 % فقط إنهم راضون عن أداء إدارة البلاد، وهي النسبة التي تسيطر على الحكومة والنظام وتمتلك ثروات البلاد وتنهب خيراتها، 83 %غير محبين لروحاني، و9.1 % راضون عنه بشكل متوسط، و7 بالمئة هم من المحبين له والمعجبين به بشدة.
وحول شعبية المسؤولين الإيرانيين، قال 85% إنهم لا يحبونهم، و8.4 % متوسط، و4.5 % يحبونهم كثيرا. وكشفت نتائج هذا الاستطلاع أن غالبية الشعوب الإيرانية مصابة باليأس والإحباط تجاه أسلوب إدارة البلاد ومستقبل الأوضاع في إيران، حيث قال 67 % إن الأوضاع سوف تزداد سوءا، ورأى ما نسبته 15.4 % أن الأوضاع سوف تستمر على ما هي عليه من التدهور، وقال 13.5% أن الأوضاع في إيران سوف تتحسن في المستقبل.
من الواضح أن الأرقام في الاستطلاع المشار إليه كانت مخيفة، بما كشفت عنه من تدنّ لشعبية النظام الإيراني في أوساط الإيرانيين، وكان ذلك سببا في رغبة الحكومة الإيرانية بالتكتم على نتائج الاستطلاع، لكن الحقيقة ظهرت مجددا لكي تكشف الغضب الكامن لدى عامة الإيرانيين تجاه نظام الملالي.