ميناء الحديدة.. لايزال عقدة في منشار المفاوضات وسط نزيف اليمنيين

الخميس 13 ديسمبر 2018 20:02:16
testus -US


رأي المشهد العربي

يعد ميناء الحديدة الاستراتيجي من أهم الموانئ اليمنية والذي تسيطر عليه مليشيات الحوثي وترفض التنازل عنها لما يحمله من أهمية كبرى بالنسبة لها كونه المنفذ البحري الرئيسي لليمن.

وأصبح الميناء مرتعا حوثيا لتهريب الأسلحة إلى الداخل اليمني لا سيما من إيران، فضلا عن التلاعب بالمساعدات الإنسانية التي تصل عبره وهو الأمر الذي كانت تعيه جيدا القوات المشتركة وأصرت على تحريره واقتربت منه قبل أن تبدأ مشاورات السويد برعاية الأمم المتحدة والتي عبر فيها الحوثيين عن التنازل عن الميناء .

كذلك عمليات النهب التي تنفذها الميليشيات المتمردة عبر الميناء، فضلا عن كونه نقطة التهريب المفضلة للأسلحة، تحول دون موافقة الحوثيين على ترك إدارة الميناء لمؤسسة الدولية أو تسليمه للشرعية اليمنية.

وعمد الحوثيون إلى نهب الحاويات والسيطرة على المساعدات التي تصل اليمن عبر ميناء الحديدة على مدار سنوات، سواء كانت أغذية أو أدوية أو وقود، واحتكار توزيعها بما يخدم أجندتهم.

كذلك استخدمته المليشيات كمنصة لتنفيذ هجمات، تهدد عبرها طرق التجارة البحرية الدولية.

ودفع هذا المشهد الفوضوي الذي ترسمه ميليشيات الحوثي، تحالف دعم الشرعية للدعوة مرارا لتحويل سفنِ الإغاثة، إلى الموانئ الخاضعة للحكومة الشرعية، أو إخضاعِ ميناء الحديدة لإشراف الأممِ المتحدة.

ويعد الميناء الممر الأهم إلى كافة الجزر اليمنية ذات العمق الإستراتيجي، وأهمها جزيرة حنيش الكبرى والصغرى وجبل صقر الذي يرتفع أكثر من 3700 قدم عن مستوى البحر.

وميناء الحديدة آخر الموانئ المتبقية بأيدي الحوثيين، بعدما استعادت الشرعية ميناءي المخا وميدي الإستراتيجيين.

وكونه المنفذ البحري الوحيد الذي يمكن من خلاله توصيل المساعدات الغذائية والطبية لليمنيين في المناطق الخاضعة لسيطرة المتمردين، يجعل ذلك من سيطرة الحوثيين عليه عائقا كبيرا أمام وصول المساعدات إلى الشعب الذي يرزح في معاناة إنسانية تحت سلطة الانقلابيين.

وتمثل محافظة الحديدة، التي تقع على بعد 226 كيلومترا غربي العاصمة صنعاء، أهمية بالغة للمتمردين الحوثيين، فهي حلقة الوصل البحري مع إيران من أجل تلقي إمدادات السلاح لهم عبر مينائها.

ومن شأن استعادة قوات الشرعية لميناء الحديدة، إنهاء تهديد الحوثيين للملاحة البحرية في باب المندب وقطع الإمدادات الإيرانية لهم عن طريق البحر، وحصرهم في المناطق الداخلية والجبلية.

وعرضت الأمم المتحدة مبادرة لوقف الحرب في مدينة الحديدة، وذلك خلال محادثات السلام الجارية في السويد، تنص على انسحاب الحوثيين من المدينة الساحلية مقابل وقف القوات الشرعية لهجومها، ثم تشكيل لجنة أمنية وعسكرية مشتركة.

وبحسب نص المبادرة فإن الأمم المتحدة تعرض نشر عدد من مراقبيها في ميناء الحديدة وموانئ أخرى في المحافظة التي تحمل الإسم ذاته للمساعدة على تطبيق الاتفاق.

وبحسب مصدر في الأمم المتحدة، فإن مصير مدينة الحديدة هو البند الأكثر تعقيدا في محادثات السلام التي بدأت الخميس في ريمبو في السويد، وهي الأولى بين الحكومة اليمنية والحوثيين منذ 2016، ومفترض أن تنتهي اليوم الخميس.

وتنص مبادرة الأمم المتحدة على "وقف شامل للعمليات العسكرية في مدينة ومحافظة الحديدة على أن يشمل ذلك الصواريخ والطائرات المسيرة والضربات الجوية"، وأن تلتزم الأطراف "بعدم استقدام تعزيزات عسكرية" إلى المحافظة.

وتدعو إلى "انسحاب متزامن لكافة الوحدات والميليشيات والمجموعات المسلحة لخارج مدينة الحديدة" ومن مينائها، في إشارة خصوصا إلى الحوثيين.

بعد وقف العمليات العسكرية، وانسحاب الحوثيين، يتم تشكيل "لجنة أمنية وعسكرية مشتركة ومتفق عليها للحديدة من الطرفين بمشاركة الأمم المتحدة للإشراف على تنفيذ الترتيبات الأمنية" الخاصة بالمدينة.

وتطالب المبادرة بأن تتولى الأمن في المدينة "قوات أمن محلية"، بإشراف من اللجنة المشتركة، وأن تلتزم الأطراف بإنهاء المظاهر المسلحة وبتسليم خرائط الألغام للمدينة.

وبالنسبة إلى ميناء الحديدة، فإن المبادرة تنص على أن يخضع إداريا للمسؤولين المعينين قبل سيطرة الحوثيين على المدينة، بينما تقوم الأمم المتحدة بدور "قيادي" في الإشراف على عمليات التشغيل والتفتيش في الميناء والموانئ الأخرى في المحافظة.

وستقوم الأمم المتحدة بنشر "عدد من مراقبي آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش" في الموانئ، وفق تفويض من قبل مجلس الأمن الدولي.

أما إيرادات الموانئ، فتقترح الأمم المتحدة تحويلها إلى فرع للمصرف المركزي اليمني في الحديدة لدفع رواتب الموظفين.

من جانبه، أكدت الحكومة، على لسان خالد اليماني وزير الخارجية ورئيس وفد الحكومة التفاوضي في مشاروات السويد، لـ«رويترز»، أنها ترفض إشرافا أمميا على ميناء الحديدة، ولكن تقبل بدور تنسيقي للأمم المتحدة في ميناء الحديدة.

ورفض اليماني كذلك نشر قوات لحفظ السلام أو نوع من الوجود الدائم للأمم المتحدة في الحديدة، مؤكدا أن الحديدة التي تسيطر عليها حاليا حركة الحوثي المدعومة من إيران، ينبغي أن تكون تحت سيطرة الحكومة المعترف بها دوليا.

وقال اليماني، وهو أيضا رئيس وفد الحكومة في محادثات سلام، إن المدينة ينبغي أن تكون تحت سيطرة قوات الشرطة التابعة لوزارة الداخلية، باعتبار ذلك مسألة تتعلق بالسيادة.

وفي المقابل لم يعلن الحوثيون موقفهم من المبادرة الأممية حول إدارة نشر قوات حفظ سلام في المدينة، وكذلك الإشراف على الميناء الأهم والشريان الوحيدة للجماعة الحوثي في اليمن وان كانت هناك بعض التصريحات بأنهم وافقوا إلا أنها لم تؤكد بعد.

ولكن محمد عبد السلام، كبير مفاوضي جماعة الحوثي اليمنية، قال إنه ينبغي إعلان مدينة الحديدة الساحلية "منطقة محايدة"، في إشارة إلى موافقة الجماعة المتمردة على اقتراحات الأمم المتحدة.

وقال عبد السلام، لرويترز، إن الحوثيين يتقبلون فكرة أن تلعب الأمم المتحدة دوراً في مطار صنعاء في إطار مسعى لإعادة فتحه.