في ظل دولة استشرى الفساد بمؤسساتها حتى النخاع الأمر الذي عكس نفسه على طبقات المجتمع بغياب واضح للدولة ودورها الاجتماعي حتى بات من المألوف رؤية مشاهد الأكل من القمامة من قبل طبقة المعدمين والمسحوقين من فئة "الغلابة"سواء كانوا مهمشين في عدن أو نازحين.
ما رصدته عدسة "المشهد العربي" يترجم الواقع اليومي بمرارة في جميع أنحاء المدينة الرامزة إلى كومة من القصص والأوجاع الأليمة لشريحة من الناس في عدن مازالت تنتظر وبكل شغف العدالة الاجتماعية.
ففي كل حي من أحياء مدينة عدن ستشاهد ملامح الجوع والتقشف والأوضاع الصعبة التي يعيشها المواطنون.. فهنا كهل يشحت، وهناك فتاة (عشرينية) تتسول، وشاب على استحياء يكسر مكان عائلته بتراكم الدين عليه يتسول خلسه .
كل هذه الأوضاع الصعبة وغيرها تشاهدها في العاصمة عدن، والتي لم يشفع لها ولا للقاطنين فيها تكريمها بإعلانها عاصمة الدولة التي لم تجني من ذلك الإعلان سوا مزيداً من المعاناة .
ويشهد اليمن حربا منذ 2015 بين الحكومة الشرعية للرئيس عبدربه منصور هادي المدعومة من تحالف تقوده السعودية بمشاركة عدد من الدول العربية وعلى رأسهم دولة الإمارات، وبين جماعة الحوثي المتمردة والتي انقلبت على السلطة، وتسببت في مقتل 10 آلاف شخص وتسببت في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.
وكان مسؤول الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة مارك لوكوك، قد حذر من أن نصف سكان اليمن (حوالي 14 مليون نسمة) يواجهون خطر المجاعة الذي أصبح وشيكا جداً.
وقال لوكوك في كلمته أمام مجلس الأمن الدولي "إن المهمة الملقاة على عاتق وكالات المعونة ضخمة وأكبر من أي شيء آخر واجهوه من قبل."
وقال لوكوك إن الأمور على الأرض "ساءت بشدة" أكثر مما كانت عليه منذ التحذير الأخير الذي أصدرته الأمم المتحدة .
ووصف حجم الكارثة في اليمن بأنه "صادم"، بعيدا عن حالتي المجاعة التي تم إعلانها في العالم خلال العشرين عاما الماضية، الأولى في الصومال عام 2011، والثانية في جنوب السودان العام الماضي.
وازدادت المخاوف بشأن الوضع بسبب انخفاض قيمة الريال بشكل حاد منذ أواسط أغسطس من 547 ريـالا يمنيا للدولار الأمريكي.
وحذرت الأمم المتحدة من أن هذا الانخفاض في قيمة الريال سيوسع من الأزمة الغذائية بسبب عدم تمكن المواطنين من شراء احتياجاتهم الغذائية.
واهتم التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن على مدار 3 سنوات بالجوانب الإنسانية وخاصة دولة الإمارات العربية المتحدة، لكن يبدو أن فساد بعض المؤسسات الحكومية بمثابة غول يهدم ما يبنى في الجوانب الإنسانية .
واحتلت دولة الإمارات المركز الأول كأكبر مانح للمساعدات الإنسانية المباشرة في حالات الطوارئ على مستوى العالم إلى الشعب اليمني خلال عام 2018، كما احتلت المركز الثاني بعد المملكة العربية السعودية كثاني أكبر مانح للدعم الموجه لخطة الأمم المتحدة الإنسانية في اليمن للعام نفسه.
وفي عام 2018 بلغت قيمة المساعدات الإماراتية الموجهة لليمن نحو 7,838 مليار درهم (2,13 مليار دولار أميركي)، منها 1,840 مليار درهم (500 مليون دولار) تم تخصيصها لدعم خطة الأمم المتحدة للاستجابة الإنسانية في اليمن للعام 2018.
ومنذ عام 2015، وتكثف هيئة الهلال الأحمر الإماراتية جهودها الإنسانية في اليمن، ورفعت الهيئة من وتيرة مساعداتها الإنسانية والإغاثية في اليمن لتخفيف معاناة أهالي المحافظات اليمنية٬ بعد الممارسات القمعية والدموية الممنهجة لميليشيات الحوثي ضدهم.
ويبقى السؤال شاهد بالعار على الحكومة..متى تنتهي رؤية أمثال هذه المشاهد التي تشير لواقع أليم؟!