مرحلة إعادة الانتشار.. مساعي أممية في الحديدة تهددها المراوغة الحوثية
عقدت أولى اجتماعات لجنة إعادة الانتشار المشتركة بحضور الجنرال الهولندي باتريك كاميرت، رئيس فريق المراقبين الدوليين، ممثلو الحكومة اليمنية والمتمردون الحوثيون ،والتي ستستمر حتى انتهاء المرحلة الأولى من خطة وقف إطلاق وقف النار ـ وإعادة انتشار القوات الحكومية، وميليشيات الحوثي إلى خارج مدينة الحديدة، ومينائها.
وكشفت مصادر قريبة من أجواء اللقاءات التي يعقدها رئيس فريق المراقبين الدوليين بأعضاء لجنة إعادة الانتشار أن الجنرال الهولندي سلّم ممثلي الطرفين خطة مكتوبة لإعادة الانتشار والانسحاب من الحديدة وموانئها والصليف ورأس عيسى وأن ممثلي الطرفين اتفقوا على دراسة الخطة ووضع ملاحظاتهم عليها لمناقشتها في الاجتماع القادم، كما تمّ التطرّق للترتيبات الخاصة بمقر إقامة أعضاء اللجنة والإجراءات الأمنية.
وتعترض مهمة الضابط الهولندي العديد من التحديات في مقدمتها حالة عدم الثقة بين الأطراف اليمنية، ومحاولة الحوثيين إفراغ اتفاقات السويد من محتواها من خلال تصدير تفسيرات مغايرة لجوهر الاتفاق يمكن أن تساهم في تعقيد الجهود الأممية لتطبيع الأوضاع في مدينة الحديدة كمرحلة أولى ضمن اتفاق أوسع يشمل محافظة الحديدة.
وأكدت مصادر مقرّبة من الاجتماع الذي عقده كاميرت مع ممثلي لجنة إعادة الانتشار تمسك الحوثيين بتفسيرهم الخاص لاتفاق ستوكهولم، وإصرارهم على أنّ مهمة فريق المراقبين الدوليين تنحصر فقط في تثبيت وقف إطلاق النار، وترتيب انسحاب القوات من داخل مدينة الحديدة من دون تسليمها للحكومة الشرعية.
وأدلى وكيل محافظة الحديدة المعيّن من قبل الميليشيات الحوثية عبدالجبار الجرموزي بتصريحات تناقلتها وسائل إعلام حوثية قال فيها، إن تسليم ميناء الحديدة ليس مطروحاً أبداً.
وظهر القيادي الحوثي البارز والمرافق الشخصي السابق لزعيم الجماعة الحوثية أبوعلي الكحلاني في لقاء مشترك مع باتريك كاميرت وهو يرتدي الزي العسكري.
واعتبر مراقبون يمنيون ظهور الكحلاني المدرج ضمن قائمة المطلوبين للتحالف العربي مؤشرا على رفض الحوثيين إخلاء المدينة واستمرارهم في المضيّ قُدما في تثبيت سياسة الأمر الواقع من خلال منح ميليشياتهم في المدينة وموانئها صفة الأجهزة الأمنية الرسمية.
ويخشى متابعون للشأن اليمني من أن يقتصر دور الأمم المتحدة وفريق المراقبين التابع لها على منح الحوثيين الفرصة لتثبيت سيطرتهم الأمنية والعسكرية على مدينة الحديدة، وخصوصا أن بضعة أيام من تواجد كاميرت لم تكن كافية لفرض إيقاف تام لإطلاق النار.
وذكرت صحيفة "العرب"، أن الخروقات الحوثية لوقف إطلاق النار، ما زالت مستمرة، حيث قامت صباح الأربعاء بقصف مناطق محررة شرق المدينة بالمدفعية الثقيلة، إلى جانب مواصلة زراعة حقول الألغام في منطقة الدريهمي جنوب الحديدة.
وقال حمزة الكمالي وكيل وزارة الشباب اليمنية، إن ميليشيات الحوثي تعمل على تقويض جهود السلام ولا تريد الوصول إلى اتفاقية حقيقية وتنفيذ اتفاق ستوكهولم بشكل كامل.
ولفت الكمالي إلى أن الحوثيين ينظرون للاتفاق من منظورهم الخاص ويريدون وقف الغارات الجوية على ميليشياتهم وأن يبقوا في الميناء والمناطق التي تحت سيطرتهم وفي المقابل لازالوا يقومون باختراق وقف إطلاق النار.
وتتمحور مهمة فريق المراقبين الدوليين حول تثبيت وقف إطلاق النار ومراقبة آلية تنفيذ إعادة الانتشار والتزام الطرفين بها، إضافة إلى فتح المنافذ البرية والبحرية في الحديدة أمام المساعدات الإنسانية، في الوقت الذي سيعمل فيه المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث على عقد جولة مشاورات جديدة بهدف انتزاع المزيد من الحلول الجزئية للملف اليمني.
ويرى الباحث السياسي باسم الحكيمي، أن المشكلة الأساسية تكمن الطبيعة الأيديولوجية لميليشيا الحوثي التي تمنعها من الانخراط في عملية سلام حقيقة تنهي الانقلاب والحرب.
وأشار الحكيمي إلى أن اتفاق السويد وبعده قرار مجلس الأمن 2451 مؤشر للقياس بأن الحوثيين لن ينفذوا ما وقّعوا عليه، بالنظر إلى أن اتفاق السويد وقرار مجلس الأمن 2451 ينصان على أن يتم الانتهاء من إعادة الانتشار الكامل للقوات في مدينة الحديدة وموانئها خلال مدة أقصاها 21 يوما من دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ، بينما في الواقع دخل وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في 18 ديسمبر ولم يتم تنفيذ أي شيء حتى الآن.
وعن السيناريو المرتقب أضاف الحكيمي “إذا استمر رئيس لجنة إعادة الانتشار بالتغاضي عن مماطلة الحوثيين لتنفيذ اتفاق السويد ستدخل اتفاقية الحديدة مرحلة الرتابة والمراوغة وعندها سيكون الخيار الحسم العسكري هو الخيار المتاح”.