تونس..محاولات من السبسي لحل أزمة المرتبات
من أجل احتواء الخلاف، بين حكومة يوسف الشاهد والاتحاد العام التونسي للشغل، كثف بعض المسئولين جهودهم لإزالة النقاط الخلافية الخاصة بزيادة الأجور.
و قال المحلل السياسي التونسي، منذر بالضيافي، إن تونس التي تعيش هذه الأيام على وقع الأزمات الاجتماعية والاحتجاجات تحتاج إلى مبادرات جادة، من أجل إعادة ترتيب البيت الداخلي، وامتصاص غضب الشارع الذي تأجج على وقع الأزمة السياسية.
وقال بالضيافي، إن الباجي قائد السبسي وضع الحكومة أمام مسؤولياتها كما حمّل الاتحاد أيضا مسؤولية تاريخية بالنأي بالبلاد عن مربع الإضرابات مذكّرا جميع الأطراف بخطورة الأزمة وبضرورة تقديم التنازلات من أجل تجاوز هذه المرحلة الصعبة .
ولفت بالضيافي إلى أن اللقاء الثاني الذي دعا إليه الرئيس بعد نحو أسبوع، قد يكون حاسما في قرار الحكومة بشأن الزيادة في رواتب الموظفين، مستبعدا أن يواصل الاتحاد العام التونسي للشغل تمسكه بتنفيذ إضراب عام ثان .
و دعا الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي الجمعة، إلى اجتماع “مفاجئ” كلاّ من رئيس الحكومة يوسف الشاهد والأمين العام للاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي وقيادات الأحزاب المكونة للائتلاف الحكومي، واضعا جميع الأطراف أمام مسؤولياتهم من أجل تفادي أزمة اجتماعية قد تنحرف بالبلاد نحو مستنقع العنف .
ومنذ أشهر تحتدم الأزمة بين الحكومة واتحاد الشغل بسبب غياب التوافقات بشأن الزيادة في رواتب العاملين في القطاع العام ورفض الحكومة أي تعديل جديد في الرواتب احتكاما إلى توصيات صندوق النقد الدولي الذي دعا تونس إلى تجميد كتلة أجور موظفيها، بعد أن وصفتها رئيسة الصندوق كريستين لاجارد بأنها الأرفع في العالم .
وتلتهم كتلة أجور موظفي القطاع الحكومي نحو 14 % من إجمالي الناتج المحلي فيما تسير الحكومة نحو خفض فاتورة أجور القطاع العام إلى 12.5% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020.
وتقدر كتلة الأجور في القطاع الحكومي، وفق مشروع ميزانية الدولة لعام 2019، بنحو 16.48 مليار دينار (5.88 مليارات دولار)، أي ما يعادل 14.1% من الناتج الإجمالي.
و كانت الحكومة قد توصلت إلى اتفاق مع اتحاد الشغل في أكتوبر الماضي، يقضي بزيادة أجور نحو 150 ألف موظف في الشركات الحكومية، إلا أنها قررت تجميد أجور موظفي الوزارات وباقي مؤسسات القطاع العام بعد تحذيرات صندوق النقد.
وتمثل وساطة الباجي قائد السبسي بين حكومة الشاهد واتحاد الشغل تمهيدا لاحتواء الأزمة وتفادي الإضراب العام الثاني المقرر يوم 17 يناير المقبل، بحسب مراقبين .
وكانت النقابات العمالية قد نفّذت في 22 نوفمبر المنقضي إضرابا عاما شمل كافة الوزارات هو الأول من نوعه لم يتسبب في وقف السير المؤسسات العمومية، فيما ينتظر أن يشل إضراب 17 يناير المقبل، الحركة الاقتصادية في البلاد بسبب قرار التحاق شركات النقل بجميع تفرعاتها وشركات الكهرباء والماء وكل المؤسسات العمومية بالإضراب .
و انتقد الأمين العام لاتحاد الشغل، الذي التقى الرئيس الباجي قائد السبسي في اجتماعات أحادية في أكثر من مناسبة، سياسة الحكومة في إدارة المفاوضات بشأن الزيادة في الرواتب، معتبرا العرض الحكومي استخفافا بمطالب الشغالين رافضا أن تقتنع النقابة بما وصفه بـ”الفتات”.
وفي 20 ديسمبر/ كانون الأول الحال استؤنفت المفاوضات بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل بشأن الزيادة في رواتب العاملين في القطاع العمومي، بعد أن أعلنت الحكومة في وقت سابق تجميد الأجور لعدم قدرتها على توفير مخصصات الزيادة في رواتب 650 ألف موظف، ويأتي ذلك وسط متابعة صندوق النقد الدولي.
وتجري المفاوضات بشأن الزيادة في الرواتب وسط ضغوط صندوق النقد الدولي الذي يجري وفد من خبرائه زيارة إلى تونس، في إطار المراجعة الخامسة التي ينتظر أن تنتهي بعد انعقاد اجتماع مجلس إدارة الصندوق في فبراير/ شباط المقبل بمنح قسط جديد لتونس بقيمة 255 مليون دولار من القرض المتفق عليه بين الجانبين.