جرى هذا في نقطة تفتيش أمنية أمام أعيننا !!
د. علي صالح الخلاقي
شخصيا أشعر بارتياح بالغ وأريحية نفسية وأنا أرى جنود النقاط الأمنية التي تنتشر في مداخل عدن أو المكلا وهم يؤدون واجباتهم بدقة وإخلاص، ولا أتفق مع من يتمللون من الوقت الذي تستغرقه هذه العملية، طالما وهي تسير سيراً صحيحاً، ونعذر لهولاء الجنود الأبطال الطرق البدائية التي تطيل أمد التفتيش، وهذا ما هو بمقدورهم، والعتب يوجه إلى مؤسسات الدولة التي لم توفر لهم وسائل حديثة تساعدهم على القيام بمهامهم بصورة أدق وأسرع..
وقد رأينا يوم أمس، في نقطتي دوفس والعلم، هؤلاء الجنود وهم يتفانون في أداء مهامهم الأمنية بكل يقظة واهتمام، من خلال التحقق من هوية الركاب أو تفتيش الأمتعة والباصات بطريقة تنم عن تجربة ودراية، تراكمت لديهم بمرور الأيام، وقد تمكنت هاتان النقطتان في أوقات سابقة من اكتشاف حالات متعددة لدخول أسلحة متنوعة ومخدرات..الخ.
كما أعجبني وجود مفتشات من النساء، كما هو الحال في نقطة المكلا، ويا ليت تختفي ظاهرة تناول القات من قبل الجنود في النقاط، كما هو معمول في المكلا، ومع كل ذلك لا نملك إلا أن نرفع لمثل هؤلاء الجنود آيات التقدير والاحترام على ما يقومون به من عمل عظيم متحملين حرارة الشمس وموجات الغبار ومتاعب التعامل مع الركاب وغيرها..
ومع هذه التحية لا نعفي أنفسنا من توجيه وخزة نقد لبعض الحالات الشاذة من الجنود، ممن يسعون للتكسب الشخصي، فيسيئون بتصرفاتهم السيئة تلك لسمعة بقية زملائهم، كما رأيت وزملائي الأساتذة د.محمد بن هاوي باوزير، د.طه حسين هديل وبقية الركاب عند عودتنا عصر امس من المكلا، في نقطة المجاري بالقرب من كنديان أوكسيان، حينما صعد جندي بعد أن استكملنا للتو في نقطة العلم المجاورة لها التفتيش الكامل، وإذا به يطلب إيقاف الباص جانباً ثم صعد وأخذ مباشرة يساوم السائق الذي يبدو أنه يعرفه على استلام مبلغ خمسة ألف إلى جيبه الشخصي بحجة أنه يوجد ركاب غير المسجلين في الكشف حتى يسمح بمرور الباص دون تأخير، وحينما رفض السائق تلبية طلبه، سمعناه يهدد بأنه سيؤخر الباص إلى المغرب وسيقوم بالتفتيش من جديد، الأمر الذي دفعنا إلى التدخل وطلبنا منه بدلاَ من تأخيرنا في مساومات مع السائق أن يقوم باجراءات التفتيش، وبالفعل بدأ يطلب بطائقنا نحن الذي كنا في مقدمة الباص ويقارنها بصعوبة مع الكشف، حتى بدا لنا وكأنه لا يجيد القراءة أو يقرأ الأسماء بصعوبة، ثم توقف فجأة بعد أخذ ثلاث أو أربع بطائق وكأنه شعر باليأس من تحقيق طلبه، وعاد إلى السائق واقتنع بأخذ ألف ريال اعتبرها السائق منه شخصيا، كما سمعناه يقول له، وكشف عن حقيقة مهمته التي سعى لها والتي لا صلة لها بالتفتيش، وإنما بأخذ (البقشيش) وهو بيت القصيد لموقفه البليد، ولما كان يضمره لنا من (عصيد) وتأخير غير مفيد!!..
ومثل هذا التصرف الفردي لا شك أنه يسيء إلى سمعة بقية الجنود النموذجيين الذين نجلِّهُم ونرفع قبعات الاحترام لهم، وأحببنا عدم السكوت عن هذه التصرفات الشاذة والإشارة إليها، لعل وعسى أن يتم وقف ومحاسبة مثل هؤلاء أو استبعادهم من هذه النقاط الأمنية، فقد يمرِّرون مقابل مبلغ ضئيل من المال ما يهدد أمن الوطن والمواطن من أسلحة ومخدرات!!..