(7 يوليو) عند أهل الشمال!!
د.عبده يحيى الدباني
يبدو أن إخواننا في الشمال لم يحتفوا بثورة 1948م ولا بثورة 26 سبتمبر 1962م كما احتفوا واحتفلوا وطنطنوا بيوم 7 يوليو 1994م، ولا يزالون يفعلون، مع أن هذا اليوم نفسه هو الذي قُتِلت فيه الوحدة السلمية بين دولتي الجنوب والشمال، ولكنهم قوم حاقدون ومجتمع تربى على ثقافة الثأر والغزو والانتقام مهما أظهرت نخبهم السياسية خجلها الشكلي من ذلك اليوم الكارثي.
اسمعوا إلى إذاعاتهم وقنواتهم كيف أنهم أطلقوا ذلك اليوم على أسماء كثير من مدارسهم وشوارعهم وجولاتهم ومخابيزهم وغير ذلك، حتى رئيسهم المقتول الذي لم يُدفن بعد اختار هذا اليوم للظهور بعد حادثة مسجد النهدين في صنعاء، حيث ظهر محروقا، بعد أن تعامل مع الرقم (7) كما يتعامل السحرة منذ توليه الحكم في (17/ 7/ 1978م) حتى قُتل في الرقم نفسه في نهاية 2017م؛ بل إن هناك أخبارا متواترة تؤكد أن «عفاش» كان يجمع حوله عدد من السحرة المحترفين يعود إليهم عند الضرورة.
الشماليون كذلك يحتفون بتسمية الوحدة ويطلقونها على كثير من مسمياتهم، تلك الوحدة التي لفظت أنفاسها في (7/7) من العام 1994م.. أما في الجنوب فقد اختفت هذه التسمية بعد أن كانت موجودة قبل عام 1990م حين كانت حلما في مخيلة الجنوبيين ببُعدها العربي والإسلامي؛ فقد كنا نجدها في أسماء البنات وأسماء المدارس وغيرها، ومن أعرق الفرق الرياضية في الجنوب هو فريق الوحدة في الشيخ عثمان.
ولكن من باب السخرية استخدم بعض الجنوبيين هذا الاسم في السنوات الأخيرة مثل (بنشر الوحدة) و(مطعم الوحدة للعصيد) وهذا الأخير جاءه رجال الأمن المركزي قبل حرب 2015م وهددوه وقالوا له إما أن تمسح كلمة الوحدة أو تمسح كلمة العصيد وإلا فأنت ضيفنا تأكل العصيد في السجن..! والحقيقة أن الوحدة ذهبت وبقيت (العصيد) وهي أشرف ألف مرة من وحدتهم المقتولة المقتول باسمها شعبنا.
إن الجنوبيين أولى أن يخلدوا يوم 14 يوليو 2015م يوم طرد القوات الشمالية من عدن، فهو يوم نصر حقيقي على الرغم من أن الجنوبيين لم يستثمروا سياسيا هذا النصر الكبير، فأمست تلكم القوات الغازية وأربابها يحاولون العودة إلى عدن ومحافظات الجنوب بطرق شتى؛ حيث انتقلنا من عصيد الوحدة إلى عصيد التحالف والحرب والشرعية وغيرها من التسميات التي ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب.
لقد تقاتل الجنوبيون في 13 يناير 1986م، ولكن ذلك التاريخ ظل يوماً مشؤوما في ثقافة الجنوبيين وذاكرتهم ولم يحتف به أحد أو يفتخر، بل استطاعوا أن يحولوه إلى يوم تاريخي للتصالح والتسامح، يُحتفى به كل عام تحت هذا العنوان الجديد.