قيام الساعة من عدن فور اكتمال الأبراج فيها

نجيب يابلي

عدن عرفت في مراحل التاريخ بأنها مدينة البساطة والتجارة والعلم.. البساطة في عدن تتمثل في العيش والسكن والملبس.. وثائق حكومة عدن تفيد بأن الأرض فيها ليست للنهب وإنما لحاجة السكان، فالذي لا يملك المال يُعطى أرضا مساحتها متواضعة في منطقة «ساعد نفسك» Help your self (حي القاهرة) لأن كلفة بناء المسكن كانت بحدود 1500 شلن (يعادلها اليوم 1950 ريالاً) وفتح صندوق «قرض الإسكان» Housing Loan يمنحك الأرض في بلوك 24 أو غيرها من البلوكات الموازية ويمنحك قرضا في حدود 7000 شلن (يعادلها اليوم 9100 ريال)، وكلما ارتفع المرتب ارتفعت مساحة الارض ومنطقتها، أي تمنح مساحة أكبر في خور مكسر ويرافق ذلك قرضا مرتفعا لأن صاحب القرض درجة راتبه A-2 أو Super Scale أو قد يكون B 2:6. 
كما عملت الإدارة البريطانية على إنشاء مشاريع سكنية لصالح البسطاء (بيوت اللبن في الشيخ عثمان) أو القلوعة أو كريتر أو المعلا، ناهيكم عن مساكن المرفق الذي تعمل فيه مساكن الشرطة، الليوي، ميناء عدن (المعروف شعبياً البوتريس المأخودة من Port Trust أي أمانة الميناء)، وفي الجانب الآخر هناك مشاريع سكنية كبيرة أنشأتها شركة مصافي عدن في البريقة.. كل ذلك أن بريطانيا كانت دولة رعاية Welfare State، وعرفت عدن دولة الرعاية بعد الاستقلال أما دولة الجباية فقد عرفتها بعد قيام مشروع الوحدة الذي أنهار بعد 7 يوليو 1994م السيئ الذكر.
التعامل مع الأرض انحدر كثيراً بعد عام 1990م ووصل إلى الدرك الأسفل من الحضيض بعد يوليو 2015م بفعل فاعل خارجي، فبعد هذا التاريخ تدفق على عدن مال غزير استخدم في إغراء وشراء بيوت السكان في عدن ووفدت على عدن قيم فاسدة وبشر فاسدون في ظل غياب الدولة وتغيب عدن وأهاليها عن حقهم في الأرض وتحسين ظروف معيشتهم والتصرف ولو بنسبة 10 % من تعامل بريطانيا مع السكان المدنيين في هذه المدينة الطيبة التي أحسنت إلى كل مدن الجنوب والشمال والجزيرة والخليج وكانت تمد يدها إلى حلوقهم في حين أنهم مدوا أصابعهم إلى عيون أبنائها.
جنوبيون أدخلوا مليارات ومليارات ومليارات على مدى السنوات الثلاث الأخيرة لشراء بيوت أهالي عدن وشراء أراض نهبها أبناء قبائل أخرى، وأصبح حديث المجتمع أن أبناء قبيلة A ينهبون وأبناء قبيلة B يشترون، وهو عرف ساد عدن في السنوات الأخيرة لأنه عرف سائد في المحافظات الشمالية.
من يراقب أحياء عدن والتوسع الجاري في مناطق أخرى يجدها تتداخل مع مناطق محافظة لحج ومحافظة أبين، حيث أصبحت عدن عامرة بالأبراج السكنية والتوسع جار على قدم وساق بشراء البيوت من أهالي عدن والتي تتحول إلى أبراج شاهقة يسكنها سكان من خارج عدن وبثقافة مغايرة لثقافة عدن المدنية، ولذلك تسمع عن تحكيم في قضايا قتل والأوضاع في عدن خارجة عن السيطرة تماماً بموجب المخطط الاستخباري الدولي الذي انطلق من مساحة الشباب في صنعاء مع صرخة «ارحل!! ارحل!!» وكل ما أعقب ذلك من فصول حتى اليوم يندرج في سياق وفصول المخطط الاستخباري الدولي.
ما يهمنا في هذا المقام أن نشير إلى التوسع الجاري رأسيا وأفقيا في تشييد الأبراج الشاهقة، وعند اكتمالها ستنطلق ساعة الحشر من عدن إلى بيت المقدس، كما أفادنا الحبيب المصطفى وستسمع أبناء عدن يبتهلون إلى خالقهم: سبحانك ربي ما أعظمك.. ها نحن نحشر مع أصحاب الأبراج ويرد عليهم خالقهم ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون وإنني أمهل ولا أهمل!!

مقالات الكاتب