مصطلحات الثورة.. أداة مليشيا الحوثي لتغيير الواقع الديموغرافي
الثلاثاء 12 فبراير 2019 03:57:34
منذ أن خرجت مظاهرات الشباب في الحادي عشر من فبراير في العام 2011، وحتى عامنا هذا لم تتوقف مليشيا الحوثي عن استخدام مصطلحات الثورة كغطاء لعملياتها الإجرامية التي تهدف من ورائها إلى تغيير الواقع الديموغرافي بمخطط إيراني يدعم هذه التحركات ماليا وعسكريا.
وعهد الحوثي على استخدام مصطلحات من نوعية "تحقيق إرادة التحرر للشعب اليمني"، و"رفض الاستبداد"، و"تحقيق الكرامة والعدل والمساواة"، للتغطية على مشروع "الإمامة" والذي يعد الخطر التاريخي على اليمن، بعد أن استغل جولات الصراع فأسقط الدولة والجمهورية وسعى لتغيير الواقع الديمغرافي ليُنتج جيلاً متخلفاً يدمر وطنناً لقرون قادمة.
ويرى سياسيون أن المشروع الطائفي لمليشيا الحوثي يزحف كل يوم ويقضم رقعة جديدة من الجغرافيا ومن وعي المواطن العادي ووعي الطفل والشاب؛ فيما المشروع الوطني يغيب يوماً بعد يوم، وأن ماكينة التخلف الحوثية تعمل على مدار اليوم.
وتشير العديد من الأبحاث السياسية إلى أن الحوثيون لجأوا من أجل استهداف مؤسسات الدولة والسيطرة على الدولة برمتها، إلى استهداف النسيج الاجتماعي اليمني وتمزيق هويته الجامعة، للحصول على أتباع وأنصار ومقاتلين، ولأجل تحقيق تلك الأهداف استخدم الحوثيون تغيير الديموغرافيا اليمنية والحصول على مناطق سيطرة وحكم فعلي للجماعة، حتى تأمن البقاء ولأجل ذلك قامت بتجريف الهوية الوطنية وتجريف كل ما يتعلق بمعاداة الأخر والانتقاص من تكوينه، والانحياز لهوية فرعية أخرى.
ويرى مراقبون إلى أن مخطط التغيير الديموغرافي في اليمن استهدف ثلاثة مستويات مهمة، أولها تغيير ديموغرافي يتعلق بالنسيج الاجتماعي اليمني، وحدثت فيه حملات من تجريف الهوية الوطنية وإحياء الهويات الفرعية (الطائفية-الاثنية-المناطقية)، بالإضافة إلى تغيير ديموغرافي متعلق بالحرب والدمار وعمليات النزوح الداخلي والخارجي، وثالث ديموغرافي متعلق بعمليات التهجير الممنهجة وعمليات الإحلال السُكاني كبديل.
ويوضح خبراء في الشأن الإيراني إلى أن طهران استخدمت هذه المستويات من التغير الديموغرافي في مناطق ذات قوميات أخرى عد القومية الفارسية، واستخدمها تنظيم حزب الله في لبنان، ومؤخراً يستخدم بشكل ممنهج في سوريا، وإن كانت اليمن هي الأقل بشكل كبير مقارنة بهذه الدول.
ولكن يصعب تحديد نتائج التغيير بشكل واضح؛ لأنه لا توجد حتى الآن دراسات مسحية تكشف حجم التغير الديموغرافي داخل الجمهورية، لكن ملامح ذلك تحضر بشكل لافت في مناطق سيطرة جماعة الحوثي المسلحة نتيجة الفروض والخلفيات التي تستند إليها الجماعة (عقائدياً- واثنيناً).فيما شُجّعت المناطقية كوسيلة للتمدد أكثر في مناطق خصومها؛ ما يعني مخاطر تتجاوز مخرجات الحرب الحالية داخل البلاد وستضع أية حكومة قادمة في اختبار صعب وتحديات كبيرة لتسوية المظالم الجديدة، وفي حال تجاهلها سيعني مرحلة انتقالية باتجاه حرب أخرى.
وفي الذكرى الثامنة لما يسمى بـ"ثورة الشباب"، يرى غالبية اليمنيين، أن أحداث 2011، كانت الضربة الأولى التي تلقاها البلد، حيث سقطت الدولة ولم يسقط النظام حينذاك، بل شارك حزب المؤتمر الشعبي العام، الحاكم قبل 2011، بنصف الحقائب الوزارية فيما عُرف بعد ذلك بـ"حكومة الوفاق الوطني".
وأنتجت ثورة الشباب سلسلة من النكسات التي تعرض لها اليمن، فمنذ ذلك الحين، بدأ كيان الدولة بالتشظي لصالح المليشيات المسلحة، وعلى رأسها الحوثيون.
وعادت التنظيمات الإرهابية إلى الواجهة، ففي العام ذاته، بدأ تنظيم القاعدة الإرهابي بالظهور إلى العلن، وسيطر على عدد من المدن في محافظة أبين جنوبي اليمن، معلنا عن إمارات له، ما زالت جهود التصدي لها قائمة حتى اللحظة بإسناد من التحالف العربي.
ومع تراخي أجهزة الدولة، برزت عمليات الاغتيالات التي طالت شخصيات عسكرية ومدنية مختلفة في صنعاء وباقي المدن اليمنية.
وفيما كان اليمنيون يتطلعون إلى تعايش وشكل جديد للدولة بعد حوار وطني جامع استمر لمدة عام، استغلت مليشيا الحوثي ذلك التراخي، وهجمت على عدد من المحافظات في الشمال اليمني، لتتوج انقلابها على السلطة باجتياح صنعاء في 21 سبتمبر 2014.