تكريم حوثي لـأول الثانوية.. الجائزة كلاشينكوف والفائز مقاتل في صفوف المليشيات
في مشهدٍ يليق بالمليشيات جيداً، انتشرت صورةٌ تؤكّد انتهاج الانقلابيين الحوثيين لـ"السلاح" الذي بات سمة دائمة تتحدث لها المليشيات الموالية لطهران، أظهرت تكريم طالب بمنحه سلاح "كلاشينكوف".
قصة الصورة تعود إلى حفل تكريم عُقد في محافظة ذمار، حيث كُرِّم طالبٌ يُدعى علي ناصر من قِبل محمد المقدشي الذي عينته المليشيات محافظًا لذمار بجائزة الطفل المثالي، لكنّ اللافت أنّ الطالب لم يحضر الحفل من الأساس، فتسلم الجائزة بدلًا منه مدير مدرسة ثانوية عقبة؛ وكانت الجائزة عبارة عن سلاح كلاشينكوف.
النصف الثاني من تلك الكوميديا السوداء تمثّل في سبب غياب الطالب، فـ"ناصر" كان أثناء هذا التكريم متواجداً في ساحات القتال إلى جانب زملاء له، جنّدته المليشيات الحوثية ضمن سياساتها بالزج بالأطفال والشباب صغار السن إلى ساحات القتال لتعويض الخسائر التي تُمنى بها في مواجهاتها مع الحكومة والتحالف العربي.
كثيرةٌ هي الصور التي كشفت عن الوجد المسلح للمليشيات الحوثية في خارج ساحات القتال، فيوم السبت الماضي، التُقطت صورةٌ نشرتها وسائل إعلام ناطقة بلسان المليشيات، لمؤتمر صحفي زعم الانقلابيون أنّه للإعلان عن توزيع سلال غذائية، حيث قيادي بالمليشيات الحوثية يُدعى القاسم عباس في المنتصف، على يمينه مدير برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة في اليمن ستيفن آندرسون، وعلى يساره الممثل المقيم للأمم المتحدة منسقة الشؤون الإنسانية ليز جراندي.
في الخلفية، لم تُعلّق الورود ابتهاجاً بتوزيع المساعدات، لم تهب رياح الإغاثة لبشرٍ يدفعون ثمن حرب المليشيات، لكنّ مسلحاً حوثياً انقلابياً ظهر حاملاً لسلاحه، وهو على أهبة الاستعداد، وكأنّه يجبر الضيفين الدوليين للإدلاء بقولٍ ما في وقتٍ ما بلغةٍ ما، مفاده محاولة غسل أيدي المليشيات المتسخة بالحرب التي أشعلتها في البلاد بتمويل وتخطيط من إيران.
يُمثل تجنيد الأطفال أحد أخطر الجرائم الحوثية في اليمن وأكثر بشاعةً، يدفع ثمنها الآلاف، بين طفلٍ تُسرق منه طفولته قسرًا، وأبٍ يرثي الحال وهو مكبل بيدي الخوف والتهديد، وأمٍ ثكلى تموت مرةً في كل لحظة؛ رثاءً لفلزة كبدها الضائع.
قبل أيام، كُشف النقاب عن جريمة حوثية مروّعة في مديرية جبل الشرق بمحافظة ذمار، بقيادة محمد حسين القاري الذي عيّنته المليشيات مديراً لمكتب التربية في مديرية جبل الشرق، إذ يفرض على مدراء المدارس تجنيد خمسة أطفال من كل فصل بالمدارس الابتدائية والثانوية والزج بهم في ميادين القتال ضمن ما يُسمى بـ"لواء صماد3" التابع للمليشيات.
وأرجعت مصادر أهلية في المحافظة هذا القرار لما تعانيه المليشيات من نقصٍ في عدادها جرّاء تزايد قتلاها من جهة، ورفض الأهالي الانضمام إلى صفوفهم من جانب آخر بعدما فضحت ممارساتهم وانتهاكاتهم حقيقة توجّههم أمام الشعب اليمني.
فجّرت هذه التصرفات المروعة من قبل المليشيات الحوثية عاصفة غضب من قبل أهالي المديرية الذين طالبوا بالتدخل العاجل لإنقاذ أطفالهم، وكذا فضح هذه الجماعة المدعومة من إيران أمام العالم أجمع.
ويمثل استمرار مليشيا الحوثي بتجنيد الأطفال والزج بهم في المعارك واختطافهم من المدارس والضغط على الأسر وأولياء الأمور لإرسالهم إلى المعارك تمثل جرائم حرب، ومخالفة لكل القوانين الدولية الخاصة بالطفل، وفق الوزيرة التي أكّدت أنّ الانقلابيين تسبّبوا في دفع أكثر من مليوني طفل إلى سوق العمل جرّاء ظروف الحرب.
كما أنّ إتباع المليشيات الحوثية "لغة التهديد" ورفع السلاح في كافة المناسبات ليست جديداً، كل سياساتها تعتمد على هذا النهج، وأبرزها مثلًا كيفية تجنيد الأطفال، حيث يجبرون أسرهم على الاستغناء عنهم كوقودٍ للحرب، في مشهد يخالف كافة المواثيق والأعراف الدولية.
وإذا كانت المليشيات قد حملت السلاح خلف مسؤولين دوليين، فهي كانت قد أطلقت رصاصاتها على مسؤولين أمميين كانوا في طريقهم إلى الحديدة قبل أسابيع، وهو مشهدٌ أكّد النوايا الحوثية نحو تصعيد الأزمة وفرض "طلقات النار" لغةً رسميةً؛ استمراراً للحرب التي أشعلتها منذ سنوات.
وبيّنت دراسة استقصائية أجراها برنامج الأغذية العالمي على مستفيدين مسجّلين، أنّ العديد من سكان العاصمة لم يحصلوا على استحقاقاتهم من الحصص الغذائية، وفي مناطق أخرى حُرم الجوعى من حصصهم بالكامل من قِبل المليشيات الحوثية.
في هذا السياق، صرح ديفيد بيزلي المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي: "هذه الممارسات هي بمثابة سرقة الغذاء من أفواه الجوعى.. يحدث هذا في الوقت الذي يموت فيه الأطفال في اليمن لأنهم لا يجدون ما يكفيهم من الطعام، وهذا اعتداء بالغ.. يجب العمل على وضع حد فوري لهذا السلوك الإجرامي".
الأمم المتحدة نفسها - على لسان وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية مارك لوكوك - كانت قد أعربت أمس الأول الخميس، عن القلق البالغ بشأن عدم قدرة الأمم المتحدة في الوصول إلى مطاحن البحر الأحمر في الحديدة، والتي يوجد بها حبوب تكفي لإطعام 3.7 مليون شخص لمدة شهر، وقال إنّ كميات الحبوب مخزنةً في صوامع في مطاحن البحر الأحمر منذ أكثر من أربعة أشهر وقد تتعرض للتلف، فيما يشرف نحو عشرة ملايين شخص في أنحاء اليمن على المجاعة.
وشدّد "المسؤول الأممي" على الضرورة الملحة للوصول إلى المطاحن مع مرور الوقت وزيادة مخاطر تلفها، لافتًا إلى أنّ المليشيات الحوثية رفضت السماح للأمم المتحدة بعبور الخطوط الأمامية إلى المناطق التي تسيطر عليها الحكومة للوصول إلى المطاحن.