بقيادة غريفيث ولوليسغارد.. خديعة أممية جديدة تؤمن بقاء الحوثي في الحديدة
الأربعاء 13 فبراير 2019 20:01:00
رأي المشهد العربي
على مدار اليومين الماضيين حاولت الأمم المتحدة عبر ذراعيها باليمن المتمثلين في مبعوثها الأممي مارتن غريفيث، ورئيس بعثة المراقبين مايكل لوليسغارد، الترويج للتعديلات التي أدخلتها على الآلية التنفيذية لاتفاق الحديدة، بعد أن كان مقررا تسلم المراقبين الممرات الإنسانية المؤدية للمدنية مع انسحاب قوات كلا الطرفين قبل أن تعترض مليشيا الحوثي لتعدل الأمم المتحدة من خطتها لتصبح تسلم الممرات مع بقاء قوات كلا الطرفين.
هذا التعديل الجوهري على الخطة يشكل التفافا على اتفاق السويد، والذي ينص على انسحاب المقاتلين الحوثين من ميناء ومدينة الحديدة، وبالتالي فإن التعديل الأخير يهدف إلى الإبقاء على المليشيا الحوثية داخلها، بل أنها تقلب اتفاق السويد رأسا على عقب، إذ تهدف إلى تشتيت ما تم التوصل إليه قبل نهاية العام المنقضي بين الحكومة الشرعية والمليشيات الحوثية، وهو هدف تسعى إليه العناصر الانقلابية لتمييع الاتفاقية والالتفاف عليها.
المهمة الأساسية لمراقبي الأمم المتحدة في الحديدة تكمن في مراقبة وقف إطلاق النار وإعادة الانتشار وسحب المليشيات الحوثية من موانئ وشوارع الحديدة، لكن الذي يحدث بعد التعديل الأخير هو أن الأمم المتحدة تسعى جاهدة لاستمرار بقاء الحوثي بالمدينة بعكس ما تروج له من أنها تحاول خلق ممرات إنسانية، ويعتبر ما تقوم به هو تدمير لكل معاني الإنسانية.
جولات غريفيث إلى صنعاء وبعدها إلى الرياض تعد مراوغة جديدة من عشرات المراوغات التي عهد عليها في السابق، فظاهريا يقول إنه يحاول إقناع الحوثي بالطلب الذي طالبوا به أساسا لضمان بقائهم، وحرص في البيانات الصادرة عنه التأكيد على لفظ "الضغط على الحوثي"، وهو أمر غير موجود على أرض الواقع ولكن ما يجري هو محاولة لخلق أمر واقع جديد يخدم الحوثي في المدينة الساحلية.
وكانت الأمم المتحدة اقترحت تعديلاً على الآلية التنفيذية لاتفاق الحديدة، حيث تتضمن الخطة تسلم المراقبين الدوليين المعابر البرية، وكل الممرات الإنسانية المؤدية إلى المدينة وخارجها، بما في ذلك مطاحن البحر الأحمر، مع انسحاب قوات كلا الطرفين من هذه المعابر.
الخطة السابقة تقضي ببقاء قوات كلا الطرفين في مواقعها بخصوص المعابر الإنسانية - وحسب المصادر فإن الجنرال لوليسغارد وبعد رفض ممثلي الميليشيا الآلية التي اقترحها سلفه الجنرال باترك كاميرت، اقترح أن تسلم المنافذ البرية لمدينة الحديدة والموانئ إلى فريق المراقبين التابعين للأمم المتحدة، وأن تنسحب قوات الطرفين منها من أجل تسهيل مرور القوافل الإنسانية إلى كل المحافظات، وأنه سلم هذه المقترحات إلى رئيس هيئة الأركان في الجيش اليمني، اللواء عبدالله النخعي، خلال لقائه أمس الأول في عدن.
الأمم المتحدة لم تكتف بهذا فحسب، لكنها أصدرت بيانا ثمنت فيه التزام مليشيا الحوثي بتنفيذ الاتفاق المبرم في السويد في شهر ديسمبر الماضي مع الحكومة المعترف بها دوليا، وتجاهل التحالف العربي والحكومة الشرعية، بالرغم من أن الذي خالف اتفاق السويد هي العناصر الانقلابية، وهو الأمر الذي عبر صراحة عن موقف موالي للحوثي ويفقد جميع معاني الوساطة التي يقوم على أساسها عمل الأمم المتحدة باليمن.
وتأتي الزيارة التي قامت بها غريفيث إلى الرياض، الثلاثاء، استكمالا للمسرحية التي بدأها بحجة الحصول على موافقة الشرعية ولقاء الرئيس اليمني عبدربه هادي منصور، إذ قال أن اللقاء شهد استعراض مقترح فتح الممرات الآمنة ونشر القوات الأممية في الوقت الذي كانت فيه مصادر حكومية قد رحبت أساسا بالتعديل.
لكن العديد من المصادر المقربة من الحكومة أشارت إلى أن الزيارة كانت تهدف إلى تلطيف الأجواء مع الحكومة التي اتهمت، الأمم المتحدة بالانحياز التام والواضح والفاضح لمليشيا الحوثي وقالت إنه أمر لا يمكن السكوت عليه كونه يخالف الواقع على الأرض.
وأكد سياسيون، عودة التوتر في العلاقة بين الحكومة اليمنية من جهة والأمم المتحدة ممثلة في مبعوثها إلى اليمن مارتن غريفيث الذي تتهمه بالانحياز للمليشيات الحوثية والالتفاف على جوهر القرارات الصادرة عن مجلس الأمن.
وبدا واضحًا أن تحركات غريفيث أضحت تصب في اتجاه وحيد وهو تخفيف الضغوط على الحوثيين، وترحيل قائمة استحقاقات السويد إلى أجل غير مسمى، وهو ما يتعارض مع طبيعة المهمة التي يفترض أن يقوم بها والتي دفعت الأمين العام للأمم المتحدة أنتونيو غوتيريش إلى التدخل المباشر في الملف اليمني عقب استقالة كاميرت بعد بروز مؤشرات قوية على انهيار وقف إطلاق النار في الحديدة.