العالم نفد صبره.. بوادر تحوّل دولي ضد المليشيات الحوثية
منح الكشف عن عديد الجرائم والانتهاكات التي ارتكبتها مليشيا الحوثي الانقلابية، أملاً في تحرّك دولي مختلف، يردع المليشيات ويجبرها على الالتزام بالاتفاقات الدولية، بعدما اتسم الموقف الدولي بمهادنة المليشيات بشكل كبير، وهو الأمر الذي يمكن اعتباره بمثابة انقلاب دولي "مطلوب" على الانقلاب الذي أشعل الحوثيون حرباً من خلاله في البلاد منذ صيف 2014.
صحيفة العرب اللندنية قالت إنّ اجتماع اللجنة الرباعية حول اليمن في العاصمة البولندية وارسو بمشاركة وزراء خارجية الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية والإمارات بدايةٌ لبلورة موقف دولي موحد وأكثر وضوحًا إزاء الملف اليمني وصياغة رؤية للتعامل مع الرفض الحوثي المزمن للالتزام باتفاقات السويد.
ونقلت الصحيفة عن وزير الخارجية البريطاني جيرمي هنت تلميحه - عقب الاجتماع - إلى سحب المليشيات لقواتها من مدينة الحديدة وموانئها، مؤكدًا نفاذ صبر المجتمع الدولي وإمكانية اتخاذ موقف دولي صارم بحق الطرف المعرقل (الحوثيين) لاتفاقات ستوكهولم.
تكتسب التصريحات البريطانية – توضح الصحيفة - أهمية خاصة بالنظر للدور المحوري الذي تلعبه لندن في إدارة ملف الأزمة اليمنية والاتهامات الموجّهة لها بالمسؤولية عن نهج التساهل مع المليشيات الحوثية عبر دورها الفاعل في الاتحاد الأوروبي أو من خلال مواطنها ودبلوماسيها السابق المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن جريفيث.
وجاء اجتماع «الرباعية الدولية» الخاص باليمن على هامش مؤتمر وارسو الذي تمحور حول الخروج بموقف دولي موحد لتحجيم دور النظام الإيراني في الشرق الأوسط، ومحاصرة نفوذ طهران في دول الإقليم وفي مقدمتها اليمن، وهو التطور الذي يسهم في ردم الهوة بين الاستراتيجيتين الأمريكية والأوروبية في طريقة التعاطي مع الملف الإيراني وأذرعه في المنطقة، وفق الصحيفة.
وفي انعكاس لحالة القلق الحوثية من نتائج هذا الاجتماع الدولي وتداعياته على الأزمة اليمنية خلال الفترة المقبلة، انخرطت المليشيات في حملة استباقية لمهاجمة الاجتماع والدول المشاركة فيه وفي مقدمتها دول الرباعية في معرض انتقاده لنتائج الاجتماع وانعكاساته المنتظرة على مجريات جلسة الأمن الدولي حول اليمن التي تنعقد بعد غدٍ الاثنين وتناقش مجريات تنفيذ الاتفاقات الموقعة في السويد بين الفرقاء اليمنيين.
وفي الفترة الأخيرة، شهد الموقف الأممي والدولي تصاعدًا تدريجيًّا في إدانة الخروقات الحوثية، بعد أن كان يوصف بالضبابية والاكتفاء بمنح التبريرات للسلوك الحوثي، حيث صدرت عِدّة بيانات وتقارير الرسمية عن الأمم المتحدة حمّلت الميليشيات الحوثية مسؤولية تدهور الوضع الإنساني في الحديدة ونهب المساعدات الإغاثية.
وفي أحدث موقف أممي، اتهم تقرير حديث صادر عن فريق الخبراء التابع لمجلس الأمن الدولي، المليشيات بممارسة الانتهاكات على نطاق واسع وخرق القوانين الدولية من خلال جملة من الممارسات التي طالت المدنيين والأقليات الدينية والصحفيين والمنظمات المدنية.
وأفرد التقرير النهائي الصادر عن الفريق، مساحة واسعة لرصد انتهاكات وممارسات المليشيات الحوثية التي قال إنّها تفاقم الأزمة الإنسانية المتصاعدة في اليمن، ومن ذلك نهب المساعدات واعتقال العاملين في المنظمات الإنسانية والتدخل في توزيع المساعدات الإغاثية ووضع العراقيل أمام وصولها إلى المحتاجين كما نقلت الصحيفة التي أشارت إلى أنّه طالب بإصدار قرار يلزم الانقلابيين باحترام الاتفاقات الدولية واتخاذ جملة من الإجراءات لعكس نتائج الضرر الذي تلحقه ممارساتهم.
ويُنتظر أن تنعكس حالة التوافق الدولي حول اليمن في اتخاذ مواقف أكثر وضوحًا وصرامة في مجلس الأمن الدولي (في اجتماع الاثنين)؛ لتضييق هامش المناورة أمام المليشيات الحوثية ووضعها أمام استحقاقات اتفاقات ستوكهولم وفق جدول زمني محدد.
في هذا السياق، كان رئيس بعثة المراقبين الدوليين في مدينة الحديدة الجنرال مايكل لوليسجارد قد لوّح - في وقت سابق - بتحول قد يطرأ على طريقة التعاطي الدولي والأممي مع آلية تنفيذ اتفاقات ستوكهولم وتصاعد الضغط الدولي لتنفيذ تلك الاتفاقات وخصوصًا الجزء المتعلق بالحديدة.
وينظر إلى تنفيذ مخرجات السويد بأنّه الفرصة الأخيرة لوقف الحرب التي أشعلتها المليشيات، والذهاب نحو تسوية سياسية تحت رقابة دولية صارمة وهو الأمر الذي تهدده المواقف الحوثية الرافضة لتنفيذ الاتفاق، وبالتالي من المطلوب موقف دولي أكثر فاعلية لإنقاذ هدنة الحديدة التي يأمل المجتمع الدولي أن تكون حجر الزاوية في اتفاق أشمل لوقف إطلاق النار في مختلف مناطق البلاد.