كفى نفاقاً
حنان الحدي
في بلادنا كثيرون هم الذي يحدثونك عن الوطن ،، ويدعون حباً وإنتماءاً إليه ، وبأنه يسكن حدقات العيون .
الساسة والمثقفون والكتاب والتجار وحتى رجال الدين ، جميعهم يرددون عبارات الثناء للأرض ، والولاء والحرص على كل ذرة في رمالها.
يحدث كل ذلك في الإعلام وفي الخطابات الرنانة وفي غثيان وسائل التواصل الإجتماعي ، حتى صرنا أكثر من يتغنى بالأمجاد ويقيم الأفراح والأعياد في وطن غارقٌ حتى أذنيه في مستنقع الأحزان.
عن الوطن والوطنية يصمون آذاننا وفي واقع الأمر لاشيء ملموس مما يردد كل أؤلئك ، الناهبون والمنافقون والمغرمون بالجاه والسلطة والمهووسون ببهرج الحياة الدنيا وزينتها.
في نظر السياسين الوطن عزيز وغالي لكنه في بالنسبة لهم، ليس أعز وأغلى من الكرسي الذي يدمرون في سبيله كل شيء ويستميتون بالدفاع عن أطماعهم في البقاء عليه ولا يغادرونه سوى من القصر إلى القبر.
وكذلك هم المثقفون ، لا يتغنون بالوطن إلاّ تزلفاً لكنهم واقعاً سلبيون وصامتون ولا ينطقون -إلاً من رحم ربي - في اللحظة التي ينبغي ان ينطقوا بها دفاعاً عن وطنهم وحق شعبهم في الحياة.
ومثل هؤلاء يبيعنا الإعلاميون والشعراء كثيراً من الكلام ، لكنهم لا ينسون في غالب ان يسخروا أقلامهم لإثارة الدمار والتشجيع على إراقة الدماء، طمعاً في حفنة مالٍ مدنس يغدق عليهم به نخاسو السياسة وتجار الحروب.
في بلد كبلدنا نسمع الكثير من الكلام (المليح) ولا نلمس سوى الكثير والكثير من الفعل القبيح ، فيه كثر النفاق فأزداد الشقاق ، لقد تمادى الجميع في هوس الكذب والتجارة بالشعارات، فيما تراجع صدق الانتماء للوطن والأرض والإنسان ، ولذلك حلت علينا الكوارث وتكالبت علينا المحن، وتزاحمت طواهيش الأرض علينا لتنهش في جسدنا المثخن بالجراح منذ ان سقط في براثن ساسة ومثقفون كاذبون ومنافقون.