حضرموت العمق التاريخي والحضاري للجنوب

م . جمال باهرمز

حضرموت الريادة والقيادة حضرموت المدرسة العالمية في المعاملة بالتي هي أحسن وأدعو بالحكمة والموعظة الحسنة وبهذه الصفات نشر رجالها ودعاتها وتجارها دين محمد صل الله عليه واله وصحبه وسلم في أصقاع الأرض بلا سيف ولادم ولا غزو وكان سلاحهم الدين المعاملة. فكسب الإسلام مسلمين أكثر مما كسبوا بالسيف.

 حضرموت هذه البقعة الكبيرة الرائدة المشعة في جسم الجنوب العربي والوطن العربي والعالم برجالها وارثها وثقافتها لها ولازال التأثير الاكبر لتسيير دفة الجنوب وسلطناته وولاياته وشعبه وهويته.

حضرموت منها انطلقت قبائل الغساسنة والمناذرة حراس البوابتان العربيتان الشرقية والشمالية.

حضرموت روح الجنوب وحياته ومماته ,فللحضارمة كرجال وقبائل وتجمعات موطئ قدم منذ القدم وقد يشكلوا نصف السكان في أي محافظة من محافظات الجنوب وبالذات في العاصمة عدن. قبل ان يجرفهم تيار اليمنية الشمالي الحاقد في الجبهة القومية.

لا يحتاج القادة الجنوبيين إلى من يشرح لهم حالة الانكسار النفسي للحضارم الذي سببه تيار اليمننة الشمالي في الجبهة القومية.

 تكاد الأقوال إن يروها واقعا بالعين المجردة، فالحضرمي الأفضل عقلية تجارية وأكثر الناس اعمارا للأرض. عمر أوطان الاغتراب وتصدر ساستها وقاد سياساتها ودينها ودنياها. وفي وطنه لم يستطع ان يعمر مسكنا شخصيا له. 

 كان تيار اليمننة الشمالي في الجبهة القومية يدرك ان الطريق الاسهل لجر الجنوب الى باب اليمن يبدا من السيطرة على قراره وذلك بأبعاد رجال حضرموت أولا ثم رجال الجنوب ثانيا الرافضين يمننه الجنوب تحت مبررات وشعارات الوحدة العربية والقومية آنذاك.

نعم فهذا التيار كان يعلم ان من يسيطر على عدن سيسيطر على اغلب سلطنات وولايات ومشيخات الجنوب. الم تسمي بريطانيا هذه السلطنات والولايات والمشيخات في محافظات الجنوب الست بمحميات عدن السياسية.

وعمل هذا التيار مالم يعمله الانجليز أنفسهم بالتنكيل والتهميش والإقصاء والاعتقالات والاغتيالات ومصادرة الأموال وتأميم المساكن والشركات لرجال حضرموت العدنيين ولكل رجال الجنوب.

-مجموعة اليمننة في الجبهة القومية. أدركوا مسبقا ان الجنوب بلا حضرموت. جنوب يسير نحو المهلكة اليمنية. فاكبر تجار عدن هم الحضارم العدنيين واكبر ساستها ومثقفيها وروادها ومناصبها هم الحضارم العدنيين .

فبدأوا بتطبيق قانون التأميم واممت اغلب مساكن وشركات الحضارم وغيرهم مع تنبيه تجار الشمال مسبقا واعطائهم الحلول حتى تظل مكانتهم موجودة ولا تتأثر كثيرا وذلك للسيطرة على التجارة والاقتصاد والإدارة في عدن.

وكان لهذا التيار ما اراد منذ 1969حتى الوحدة اليمنية والا ألان وأتذكر ان بن محفوظ قال مره (نحن الحضارم استثمرنا في كل اصقاع الدنيا. لكن في بلدنا لم نستطع بسبب محاربة نظام صالح لنا).

ومع كل هذا التآمر والإقصاء والغدر والإبعاد والتهميش. عادت حضرموت لتكون في الريادة تقود الجنوب نحو استعادة دولته.

في ساحل المكلا بالفعل لمسنا دولة الجنوب الحقيقية. وصلنا من عدن انا وزملائي الاستاذين عبد الحميد الدرويش ووضاح العوسجي والدكتور عبد الله باصهيب والدكتور احمد بن قديم لحضور الدورة الثانية لانعقاد الجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي الجنوبي 16-18 فبراير. هذه الدورة التي نجحت بقرارات واقعية وإستراتيجية قوية. ورغم ترددي على مدينة المكلا الساحرة باستمرار للعمل.

الان ان انبهار وإعجاب الزملاء قد لفت نظري.

بالفعل اثلجت صدورنا المكلا وأخواتها من مدن ساحل حضرموت.

وجدنا فيهما حقيقة الدولة الجنوبية القادمة.

وجدنا الأمن والأمان فلا تسمع صوت طلقة رصاصه ولا أحد يمضغ القات في الأركان ولا أصوات هون السيارات المزعج ولا مظاهر مسلحة ولا اطقم تقحط فوق النساء والمسنين وعباد الله ولا رامبو وهامبو ونهابو.

تجد في النقاط كل الاحترام والترحاب. مع صرامة التفتيش للمزيد من التامين والأمن. وكل نقطه ومؤسسه تجد علم الجنوب يرفرف فوقها باعتزاز.

 وجدنا الوجوه البشوشة المرحبة المتواضعة جدا الغنية بالمعرفة والذكاء الوقاد. وجدنا الكل يتكلم ويمشي ويجلس ويقوم في ادب وتواضع كبير يبهرك. وما يتواضع الا من امتلئ عقله بالمعرفة وقلبه بالأيمان.

وجدنا الكل في قمة التواضع ودماثة الأخلاق ورقي المعاملة. الغني والفقير والقائد والمسئول وابن الشارع. الكل لوحة كبيرة من التواضع والمعاملة الحسنة.

ولم نكن مخطئين في اللجنة التنسيقية للتوافق الوطني الجنوبي والذي كان لي الشرف بأنني كنت أحد أعضائها الفاعلين حين قررنا إعطاء حضرموت الحصة الأكبر في الجمعية الوطنية ومجلس المستشارين بحسب المساحة والسكان. فهي كل يوم تؤكد لنا باستحقاقها. 

في ساحل حضرموت لم نسمع بناهب لمنشاة او سكن او موقع او باسط على ارض. لم نسمع لمغتصب طفل او مروج مخدرات. قد يكون السبب ان النسيج الاجتماعي الحضرمي واحد ومتجانس والوعي لدى الناس مرتفع. عكس عدن التي تم ارسال وتوطين فيها كثير من مرتادي السجون في الشمال والجنوب وأصحاب الإحكام المؤبدة او الإعدام ليصبحوا أدوات تحركها أحزاب الوحدة او الموت الشمالية.

انها حضرموت عمق الجنوب الحضاري والتاريخي.

كل ما لمسناه ناتج عن ثقافة ووعي الإنسان الحضرمي الجنوبي.

ولكن وللحقيقة والإنصاف كل هذا كان ولازال نتاج التنسيق والتفاهم بين المجالس المحلية للانتقالي في المديريات وبين السلطات المحلية والعسكرية والأمنية. وهذا أنتج حضرموت امنة قوية جنوبية تشد من ازر الانتقالي.

تجربة رائده في السيطرة واستعادة مؤسسات الجنوب بالتي هي أحسن وأفضل.

وأيضا ما ساعد على نجاح هذه التجربة وجود محافظ مخضرم محبوب متمكن جنوبي الهوى والهوية.

العقلية الحضرمية أدركت مسبقا كما توضح لنا من النقاش مع بعض الزملاء في الجمعية ان العالم والتحالف وشعبنا يقدموا لنا ان نبسط ونستحوذ على الشرعية لأننا الشرعية الحقيقية على الأرض.

والفشل ان نتخلى عنها لأحزاب الشمال وعصاباته ليستخدموها ضدنا.

فزمن الاعتكافات ولى.

 كيف نعتكف في أرضنا ونتركها ونترك مؤسساتنا لتديرها أحزاب الوحدة او الموت الشمالية.

 استعادة دولة الجنوب يمر عبر استعادة مؤسساته والسيطرة عليها ولن يتم ذلك الا بطريقين لا ثالث لهما:

1-ان نبتعد عن قرارات الشرعية ونبسط بالقوة. وفي ذلك قد نصنف في خانة الحوثيين كمتمردين. وندخل شعبنا مرة أخرى النفق بعد ان تحرر عسكريا من الشمال.

2-ان نسيطر على الشرعية تدريجيا لنجعلها جنوبيه خالصة ونطرد منها أحزاب الشمال بالتعاون مع جنوبيي الشرعية وبذلك نكون قد سيطرنا على مؤسساتنا.

لان البسط على المؤسسات هي أقرب مسافة لاستعادة الجنوب.

فمن اراد استعادة الجنوب لا يهمه المنصب مادام من يشغل المنصب او الموقع جنوبي ومع الهدف نفسه.

اما من يبحث عن وظيفة او موقع،

ويرفع لأجل ذلك شعارات الجنوب. فهو اول من يمارس الإقصاء ولا يريد التعاون مع الجنوبي الأخر في اي موقع حتى وان كان يسعى لنفس الهدف وهو استعادة الجنوب.

فاي قيادي في الانتقالي او مسئول في الشرعية يرفع شعار استعادة الجنوب ولا يتعاون مع الجنوبي الأخر الذي له نفس الهدف. فهذا القيادي او المسئول كان يناضل طوال السنين لأجل موقع او منصب وان كان يرفع شعارات واعلام جنوبية

الواجب علينا ان نضع من تجربة مدن حضرموت الساحل وقياداتها المحلية في الانتقالي وفي السلطة أساسا لاستعادة مؤسسات الجنوب ونعتبرها نموذجا ان أردنا سرعة استعادة الجنوب.

لأنها نموذج يدل على الوعي بالطريقة السلمية التوافقية لأحد أسس استعادة مؤسسات الجنوب والمشاركة في إدارتها. لانقصد بالمؤسسات فقط المنشآت. بل المنشآت والإيرادات والكوادر وغيرها.

- (لا تصدق يا الحبيب / ما با نخلي حضرموت تنفصل عن حبيبتها عدن / ما با نخلي الشيطان يقسم الأخوة في الوطن / جنوب واحد او الموت أحسن والكفن / قد عرفنا الاعيب / ومكر ابليس من قديم الزمن / لا تخاف يا الحبيب / ما حد يبيع قلبه ويرمي البدن)





مقالات الكاتب