الجزائر والسودان أيضاً
د. عيدروس النقيب
عندما انطلقت حركة الاحتجاجات العربية في مطلع العام ٢٠١١م التي تحولت إلى ما عرف لاحقا ب”ثورات الربيع العربي” لم يكن هناك عنف يذكر، وحينما استجاب الرئيسان بن علي ومبارك لمطالب الشعبين التونسي والمصري، مرت الأمور بسلام بغض النظر عن التداعيات السياسية اللاحقة.
لكن صلف وغرور وعنجهية بعض الحكام، كحال اليمن وسوريا وليبيا وإصرارهم على أنهم كائنات مقدسة لا يمكن المساس بها أوصل البلدان الثلاثة إلى ما تعيشه اليوم من خراب ودمار وانهيار وتفتت وهشاشة وفشل في كل الميادين. ثورات الربيع العربي ليست خطيئة بل كانت حالة فيضان الوعاء بعد امتلائه بالظلم والقهر والاستبداد.
ثورات الربيع العربي طالبت بإسقاط الحكام المستجدين، لكنها لم تحمل برنامج سياسي شامل لما بعد التغيير. وعندما تدخلت الأحزاب السياسية في ثورات الربيع العربي جاء تدخلها انتهازياً لجني الحصاد وليس لتلبية تطلعات الشعوب.
لو عقل البشير ومن يحيطون بالكرسي النقال لبو تفليقه لقبلوا بالتغيير السلمي دونما حاجة لتوزيع الاتهامات البليدة على الشعوب وإدخال البلدين في متاهات التنازع والحروب المدمرة.
لكن ماذا تفعل لمن تجري الحماقة في دمائهم!!!! لم يتعلم حاكم السودان وحاكم الجزائر من تجربة بن علي ومبارك، بل يكررون تجربة القذافي وعفاش والأسد، رغم أن العبر ما تزال ماثلة والحصيلة مدونة على صفحات الارض وفي أطلال المدن المدمرة وأرواح الضحايا ووجوه الأحياء البائسة.
يفاضلون بين الصعب والأصعب فيختارون الأصعب وهو مواجهة الشعب، يفضلون مخادعة الشعب والكذب عليه اتكاءً على تقارير المخابرات الغشاشة والمغشوشة بدلا من الإنصات لصوت الشعب والاستجابة لمطالبه وهي أسهل من مجرد جرة القلم. صحيح إن الاستبداد وجه من أوجه الحماقة والغباء.
* د.عيدروس نصر النقيب.