رغم خلو اليمن من المرض في 1977.. هذه أسباب انتشار «الكوليرا» بالبلاد
تتضاعف عدد المصابين بمرض الكوليرا في شهر مارس الماضي، مسجلاً إصابة 76 ألف شخص، مقابل إصابة 32 ألفاً في فبراير، في بلد أصبح الأكثر تضرراً في العالم من الكوليرا – بحسب تقرير الأمم المتحدة.
وأدى سرقة مليشيات الحوثي الانقلابية للأدوية والمنح المقدمة من المجتمع الدولي إلى زيادة حالات الإصابة بالمرض وأنه منذ عام 2016 حصد الوباء أرواح أكثر من 3 آلاف شخص وأصاب ما يزيد عن مليون و400 ألف آخرين – بحسب العربية.
وأضاف التقرير أن الممرات والآسرة في المستشفى الجمهوري بتعز تكتظ بالمرضى، كباراً وصغاراً، بحثاً عن علاج غلا ثمنه، مشيرا إلى وفاة أربعة أشخاص بالوباء حتى الآن .
ويخشى المواطنون أن تكون موجة تفشي الكوليرا هذه في اليمن أسوأ، مما كان الحال عليه في العام الماضي، حينما كان يتم تشخيص إصابة 50 ألف حالة إصابة أسبوعية بهذا الداء.
عادت جائحة «الكوليرا»، لتنهش أجساد اليمنيين النحيلة والمتعبة فعلياً جراء الحرب وآثارها القاسية التي أشعلتها مليشيات الحوثي الانقلابية لكن هذه العودة ظهرت أكثر ضراوة وفتكاً.
تعود «الكوليرا» إلى اليمن أكثر وحشية هذا العام، رغم الأموال الطائلة المقدمة من الدول المانحة للمنظمات الدولية خلال السنوات الماضية للحد من انتشارها، فأين ذهبت هذه الأموال؟ ولماذا لم تقض عشرات الملايين المقدمة للمنظمات الدولية على هذا المرض الفتاك لأربع جولات رغم خلو اليمن منها عام 1977 – بحسب الشرق الأوسط.
أعلن الحوثيون في 21 مارس 2015، ما سمي «التعبئة العامة»، ليكون هذه القرار واحداً من أهم عوامل صناعة الكارثة الإنسانية، فقد سخرت الجماعة كل إمكانات الدولة من رواتب الموظفين، وموازنات المؤسسات الحكومية، بما فيها وزارة الصحة العامة والسكان الخاصعة لسيطرتهم، وكثير من المؤسسات الخدمية مثل صناديق نظافة المدن وهيئة المياه والصرف الصحي لصالح ما سمي «المجهود الحربي» وغزو المحافظات.
وبناءً على قرار تصعيد الحرب، سرقت المليشيا رواتب ومستحقات عمال النظافة، وصادرت عربات نقل ورش النفايات بالمبيدات الحشرية الناقلة للأمراض لاستخدامها في المواجهات المسلحة، وأوقفت تشغيل وصيانة شبكات الصرف الصحي، لتعتمد هذه المؤسسات الحيوية في تسيير أعمالها على المساعدات المقدمة من المنظمات والمراكز الدولية، وهي لا تلبي أبسط الاحتياجات جراء النهب المستمر من قبل المشرفين الحوثيين في كل مؤسسة.
انتشرت النفايات في شوارع صنعاء بعد إضراب عمال النظافة عن العمل، بسبب عدم صرف مرتباتهم، وهو الأمر الذي تسبب بظهور مرض «الكوليرا» وغيره من الأمراض الأخرى.
ومع بداية ظهور المرض في 2016، ناشد بعض الأطباء في «مستشفى الثورة العام» في صنعاء، وزارة الصحة الخاضعة لسيطرة الحوثيين، توفير المحاليل والأدوية لمواجهة المرض، للحد من انتشاره في بداياته، لكن من دون جدوى حتى انتشر المرض بشكل واسع.
وكشفت دراسة تقييم نفذها «مركز جونز هوبكنز للصحة الإنسانية» التابع لجامعة «جونز هوبكنز» الأمريكية، عن أهم العوامل التي تسببت في فشل المنظمات الإنسانية العاملة في اليمن السيطرة على وباء «الكوليرا».
أكدت الدراسة أن المنظمات لم تكن لديها خطة كافية للاستعداد والاستجابة لـ«الكوليرا» قبل تفشيه، على الرغم من تفشي وتوطن «الكوليرا» في بعض دول المنطقة، مثل العراق والصومال.
كما أن المسح الذي نتجت عنه الدراسة، أظهر وجود «ثغرات أولية لم تملأها المنظمات، بما في ذلك التحليل الوبائي من أجل تشخيص الاستجابة المناسبة، واللجوء للقاح (الكوليرا) الفموي، والمراقبة السلوكية للمجتمع، والوقاية من العدوى ومكافحتها»، إضافة إلى أن المنظمات لم تجعل مراكز علاج المرض تعمل لا مركزياً، بل جعلتها «في أو حول المرافق الصحية، وليس في مناطق البؤر الوبائية والمناطق النائية، التي تُعرف بعدم امتلاك سكانها قيمة الانتقال للمراكز الصحية».
الدراسة المعنونة بـ«حالة الاستعداد والاستجابة للأوبئة»، أكدت أن المنظمات تأخرت في توفير الدعم الفني والانتباه للفئات الأكثر تعرضاً لخطر «الكوليرا»، مثل النساء الحوامل والأطفال الذين يعانون سوء التغذية الحاد الوخيم.
أما عن دور الحوثيين في استمرار هذا المرض في الانتشار، فقد أكد التقرير أن «السلطات الصحية التابعة لمليشيا الانقلاب في صنعاء رفضت توريد واستخدام لقاح الكوليرا الفموي OCV، ولم تتعامل معهم المنظمات بحزم
.
ولم يتوقف دور الحوثيين في تلك الفترة على منع تنفيذ حملات التحصين لإنقاذ اليمنيين من هذا المرض، بل استمروا في رفض دخول اللقاح الفموي مجدداً بنهاية شهر مارس الماضي، واشترطوا على المنظمات مقابل ذلك أن تسلم مواد النظافة الشخصية (صابون ومنظفات وملابس داخلية للذكور والإناث وحفاضات نسائية وللأطفال... إلخ) إلى منظمات أنشأتها المليشيا خلال سنوات الحرب «لتوزعها بنفسها على أتباعها».
وفي 25 يوليو 2017 تحديداً، منع الحوثيون افتتاح مركز عمليات الطوارئ (المركز الإقليمي الدولي) لـ«الكوليرا» في صنعاء، بعدما اقتحم مسلحون حوثيون غرفة العمليات ومنعوا تدشين العمل.