الكلمة للشعب

عادل المدوري

قدمت الثورات الشعبية الأخيرة في البلدين العربيين الجزائر والسودان دليلاً دامغاً على أن الأنظمة والأحزاب بما فيها جنرالاتها العجوزة، لن تقوى على مواجهة كلمة الشعب والإرادة الشعبية ومطالب الحرية والاستقلال واستعادة الدولة والقرار المسلوب من قبل العصابة الحاكمة، مهما كانت حجم القوات التي يملكها النظام والعلاقات والصداقات والشراكات المعلنة والمخفية، والشرعية وغير الشرعية، كلها تتبخر ولن تصمد لأيام أمام الإرادة الشعبية، والسياسي الفطن والحليم من يلتقط الإشارة ويستجيب للمطالب الشعبية، بلا مكابرة وسفك مزيد من الدماء والدمار الآتية على الأخضر واليابس والهالكة للحرث والنسل.
من الواضح أن أنصار مشروع “الوحدة أو الموت” والأقاليم وغيرها من المسميات القادمة من الهضبة والتباب الشمالية لم يستخلصوا حتى اليوم الدروس المستفادة من موجات الغضب والثورات الشعبية التي انطلقت من تونس الخضراء وتمددت إلى ليبيا ثم مصر وسوريا واليمن التي سحبت البساط من تحت أقدامهم وزحزحت نظامهم المتخلف، وحالياً الجزائر والسودان والحبل على الجرار، ومع ذلك مازالوا يعيشون عصر الولاية والخلافة وأفكار الحشد الشعبي وتنظيم داعش، قادة لصوص جل تفكيرهم بالغنائم واضطهاد الناس وأفاعيل عفى عليها الزمن.

الشعب قال كلمته منذ وقت مبكر كفى فسادا وكفى ظلما وضيما وإلحاقاً، لقد انتهى عهد الفيد والنهب والتهديد والقوة، ولم يعد في الجنوب قبول لأصحاب العقول المضطربة والعقليات المتخلفة، لم يعد هناك متسع يحتمله أبناء الجنوب لأي فوضى أو تعامل معه من خلال الخطط والمشاريع القائمة أساساً على مبدأ “فرق تسد” ليسهل السيطرة على الشعب والتحكم في مقدراته.

فعملية الاستقواء والهيمنة التي رافقت عقد جلسة مجلس النواب المنتهي صلاحيته بمدينة سيئون المحتلة، واختطاف المحامي طاهر باعباد رئيس القيادة المحلية للمجلس الانتقالي بمدينة سيئون من قبل قوات الاحتلال اليمني المتخلف، أعادت للأذهان حوادث الاختطاف والإخفاء القسري التي كانت تمارس ضد نشطاء الحراك السلمي في العقد الماضي، وممارسة الترهيب والتعسف والسجن ضد النشطاء والقيادات وضد الإرادة الشعبية، وهذا دليل على أن النظام الحالي هو نفس النظام السابق لعفاش، وأن الأفعى لم تمت أو تتغير بل خلعت جلدها وأبقت على سمومها وخطورتها تهدد السلم الاجتماعي في الجنوب.

قطار الحرية والتحرير أنطلق ولن يتوقف حتى يتم تحقيق أهدافه باستعادة السيادة والهوية الجنوبية، وآن الأوان للتخلص من الأفعى من مدينة حضرموت لأنها ربما قد تتعافى سريعاً مع وجود زخم عودة مجلس النواب أحد أبرز مؤسسات الاحتلال لنظام صنعاء في مدينة حضرموت، ونشوة الانتصار الوهمي والهامشي قد تعود لتنفث السموم ونكتشف أن الوضع يراوح مكانه، إذا ما أدركنا الأمر وهبينا هبة شعبية للتخلص من الاحتلال ومؤسساته وأفاعيه، وحضرموت هي رائدة الهبات الشعبية التي تزلزل الأنظمة وترعب الطغاة.


مقالات الكاتب