الصرخة الأخيرة لإنقاذ أطفال اليمن
رأي المشهد العربي
يشير التاريخ العسكري أو السياسي إلى أنّ أي جماعة مارقة تخرج على القانون فإنّ مصيرها الانهيار حتى وإن ظلّت تعيث في الأرض قتلاً وحرقاً، لكنّ بعض العواقب يطول تأثيرها جرّاء مثل هذه الحروب العبثية.
يحدث هذا في اليمن، فكلما أقدمت مليشيا الحوثي على التوسُّع في آلة القتل، مضيفةً مزيداً من القتلى إلى عداد الإحصاء الذي لا يكاد يتوقف فإنّ الانقلابيين بذلك يحفرون الخندق الذي سيدفنون فيه بدون رجعة.
بيد أنّ أحد الجوانب المظلمة يتمثل في مستقبل آلاف الأطفال الذين عاصروا القتل والتعذيب والترويع من قِبل المليشيات، وهو ما سيلقي بظلاله الكبيرة على مستقبلهم، يربطهم بأعمال القتل والترويع.
تكبّد الأطفال في اليمن، أثماناً فادحة جرّاء انتهاكات المليشيات الحوثية، بين قتل وتهجير وحرمان من التعليم وتفشٍ في الأمراض وصولاً إلى التجنيد الإجباري الذي زجّ بهم في ساحات القتال، في جريمة يندى لها الجبين.
لا يمكن التفرقة بين المخاطر التي تهدّد هؤلاء الأطفال ومستقبلهم، سواء أولئك الذين اعتادوا على مشاهد القتل الحوثي المروّع لأقرب الناس إليهم أو غيرهم الذين يرفعون السلاح في سن صغيرة، وبين هذا وذاك سيدفع اليمن ثمناً كبيراً في مستقبله القريب، جرّاء التهديد الذي يلاحق هذا النشء.
هذا الوضع المأساوي يفرض معالجة من نوع آخر، يتم من خلالها العمل على شقين، سواء لضحايا الحرب، ويتم ذلك بالاعتماد على متخصصين نفسيين يعيدون تأهيل هؤلاء الأطفال على النحو الذي يعيد إليهم حاضرهم حتى لا يتضرر مستقبلهم.
الجانب الثاني من المشهد الخاص بالأطفال المجندين لدى الحوثي، يتوجب أولاً مواجهته من خلال إجبار المليشيات على تجنيدهم ولا ضير في استخدام أي من الوسائل المتاحة سواء من الجيش أو التحالف العربي حتى وإن لزم الأمر تغيير جانب من استراتيجية التعاطي مع الحوثيين، ثم العمل على إعادة تأهيل هؤلاء الأطفال ودمجهم في المجتمع الذي يليق بطفولتهم.
ويجب التدخل سريعاً والعمل على ذلك لا سيّما في ظل تكثيف الحوثيين لتجنيد الأطفال بشكل كبير في الفترة الأخيرة، وتنشط المليشيات في تجنيد أطفال لا تزيد أعمار بعضهم عن 15 عاماً واستخدامهم جنوداً في الخطوط الأمامية، حتى بلغ عدد الأطفال الذين تم تجنيدهم قسراً من قِبل الحوثيين ما يزيد عن 23 ألف طفل بصورة مخالفة للاتفاقيات الدولية، وقوانين حماية حقوق الطفل.