فساد الجبواني يبتلع حقائب الركاب.. فضيحة الوزير في مطار عدن (فيديو)
"ليست المشكلة الفساد أو الطمع، المشكلة هي النظام الذي يدفعك دفعاً لتكون فاسداً".. تلك مقولة للفيلسوف الشهير سلافوي جيجك تأبى أن تواري الثرى، صداها لا يزال قائماً ينخر في عظام اليمن أو ما تبقّىى منه.. الحديث عن صالح الجبواني.
الجبواني المعين من قِبل الرئيس عبد ربه منصور هادي وزيراً للنقل ملّ اليمنيون من إحصاء جرائم فساده، تتكشف فضائحه يوماً بعد يوم، يتمادى هو وفساده ويغرق الصامتون على محاسبته في مزيدٍ من الصمت المريب، وكثيرٍ من التواطؤ القاتل.
أحدث الجرائم "الجبوانية" أظهرتها لقطاتٌ حصل عليها "المشهد العربي"، حيث اصطف مئات ركاب إحدى رحلات طيران اليمنية في مطار عدن، تتعالى وتتوالى صرخاتهم بسبب تأخر تسلم حقائبها وفقدات الكثير منها.
لم يكن "الجبواني" حاضراً بجسده في الأزمة العاصفة، لكنّ الإهمال الذي سمح به انضم إلى عديد الجرائم المتورط بها هذا الوزير المثير للكثير من الجدل، وقد كان طيران اليمنية عنواناً لجريمة أخرى، عندما حاول سرقة مقاعد الركاب في أبريل الماضي.
مسافرون وشهود عيان قالوا إنّ كابينة الدرجة الأولى بأحد الطائرات كانت شاهدا على تعالي أصوات المسافرين بسبب الجبواني، إذ أنه كان ضمن الرحلة القادمة بتذكرة سفر عادية إلا انه راح للجلوس في مقعد بالدرجة الأولى واصطحب معه صديقا أيضاً في الدرجة نفسها بصورة غير قانونية.
وأشار الشهود إلى أن الموقف احتدم داخل كابينة الدرجة الأولى بعد أن حضر الراكب صاحب الحجز الحقيقي، وهو ما اضطر طاقم الرحلة إلى التدخل لتهدئة الأمور، غير أن وزير النقل الذي من المفترض أن يقوم على راحة الركاب ويلتزم بالقوانين والأعراف رفض المغادرة وأصر على البقاء باعتبار أنه المسؤول الأول عن النقل في البلاد.
وأوضحت المصادر أنّ أصوات المناوشات ما بين الجبواني والركاب ارتفعت حتى بادر طيار بالتخلي عن مقعده بالدرجة الأولى للراكب على يعود الأول إلى الخلف، وهو ما هدأ من روع الأزمة ولكن السخط كان على وجوه جميع الركاب الذين كانوا على متن هذه الرحلة.
فضيحة أخرى سبق أن كشفها "المشهد العربي"، حيث كان الوزير قد طلب من القائم بأعمال رئيس الهيئة العامة لتنظيم شئون النقل البري صالح الوالي، صرف بدل سفر لمدة عشرة أيام لهما، بالإضافة إلى حسن العطاس مدير عام مكتب الوزير في مطلع نوفمبر الماضي.
وأظهرت الوثيقة تعقيب المدير المالي للهيئة - فرع عدن - بأن المبلغ الذي يبلغ ثمانية ملايين و658 ألف ريال يُشكِّل عبئًًا على الهيئة، وبرغم ذلك وجّه الوالي بصرفه دون أدنى اعتبار للوضع المالي للهيئة.
وتبيّن أنّ السفرية المذكورة إلى العاصمة العمانية مسقط لم تتم أصلاً، أي أنّ الثلاثة المذكورين المصروف لهم مبلغ بدل السفر لم يسافروا أصلًا، حيث مثّل اليمن في ورشة العمل تلك سفيرها في مسقط.
واقعة أخرى كشفت تعالياً من الجبواني على القانون، حيث رفض أن يمرر حقيبته على جهاز كشف المعادن بمطار عدن الدولي.
في التفاصيل، كان الجبواني في طريقه إلى محافظة المهرة، وخلال مغادرته مطار عدن أصرّ على ألا يمرر حقيبته على جهاز كشف المعادن، متذرعًا بالقول: "أنا وزير ولن تمر حقيبتي بهذا المكان"، وغادر المطار دون أن يمرر حقيبته رغم أنّه لا يوجد نص قانوني أو احصانة تعطيه هذا الحق، وهو ما فجّر عاصفة غضب ضده.
في جريمة أخرى، أظهرت وثائق أنّه طالب مؤسسة موانئ البحر العربي بصرف خمسة آلاف دولار شهرياً لمكتبه وبأثر رجعي منذ عام 2018، وكذلك صرف عشرة ملايين ريال نفقات زيارته لمحافظتي حضرموت والمهرة.
واتهم "الجبواني" بالفساد وتهريب المشتقات النفطية والأسلحة، وصدرت مطالب بإقالته من منصبه.
كما بيّنت وثائق، منح الجبوانيّ تراخيص استثمار في مجال البناء وتشغيل محطات وزن لشاحنات النقل؛ في تجاوز صارخ لكل الصلاحيات والاختصاصات المُخول بها قانوناً بموجب التشريعات النافذة المنظمة لأنشطة الوزارة والجهات التابعة لها.
اللافت أنّ "الجبواني" ظهر في أكثر من مناسبة يتحدث عن المليشيات المناطقية والقروية ويتهمها بأنها تصادر حضور الدولة في عدن، لكنّه انتهك القانون على مرأى ومسمع من الجميع.
في خضم كل هذا، يخصّص الجبواني الكثير من وقته للهجوم فقط على المجلس الانتقالي وذلك عبر وسائل إعلام قطرية رغم عدائها للشعب اليمني، كما هاجم دولة الإمارات رغم دورها الذي يشيد به اليمنيون إنسانياً وعسكرياً، ولفّق إليها تهماً كاذبة تتعلق بدعم تنظيم القاعدة في وقتٍ تحظى الإمارات بتقدير دولي واسع في جهودها لمكافحة الإرهاب في المنطقة.
الجدل الذي رافق تعيين الجبواني بدأ منذ توليه منصبه وكان قد فجّر عاصفةً من الجدل آنذاك، والمثير للدهشة أنّه عند توليه الوزارة كان قد اتهم الوزير السابق مراد الحالمي بممارسة الفساد، لكنّ الحقيقة التي أثبتتها الوثائق أنّ الجبواني نفسه لم يتوقف عن انتهاك القانون متورطًا في كثيرٍ من قضايا الفساد.