الوقود الحوثي ينفجر.. افتعال الأزمات في شهر النفحات
عادت أزمة المشتقات النفطية تطرق أبواب المناطق الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي الانقلابية، ما يكبّد آلاف الناس ظروفاً حياتية مأساوية لا سيّما في شهر رمضان الكريم.
صنعاء ومناطق أخرى خاضعة لسيطرة الانقلابية تشهد في هذه الأيام، طوابير طويلة من السيارات والمركبات أمام محطات تعبئة الوقود المغلقة، وهي الثانية منذ بدء شهر رمضان.
أحد السائقين في صنعاء قال إنّ الأزمة يمكن أن تنعكس على ارتفاع أسعار كل المنتجات والسلع الغذائية والخدمات، ما يزيد الحمل على المواطنين، الذين باتوا على شفى المجاعة.
السائق، الذي طلب عدم الكشف عن هويته حرصًا على سلامته، اتهم قيادات حوثية بالوقوف خلف هذه الأزمة بهدف الحصول على عائدات كبيرة من بيع المشتقات النفطية في السوق السوداء.
فيما أوضح سائق آخر أنّ أزمة المشتقات النفطية بدأت مع إغلاق محطات تعبئة الوقود بشكل مفاجئ، وتشكل طوابير طويلة من السيارات أمامها، مقابل انتعاش حركة السوق السوداء لبيع المشتقات النفطية.
وأكد أنّ البنزين الذي كان بسيارته انتهى مع اقتراب فجر أمس الخميس، ليصطف مع مئات السيارات في إحدى المحطات بشارع الستين، وحتى صباح اليوم لم يحصل على شيء ولا تزال المحطة مغلقة.
وتتعمّد المليشيات الحوثية تأزيم الأوضاع الإنسانية على النحو الذي يضاعف من معاناة المدنيين ويطيل أمد الأزمة لأبعد حد ممكن.
وفي العام الخامس للحرب، يظل تجويع المدنيين السلاح الأكثر بشاعةً الذي تستخدمه مليشيا الحوثي الانقلابية لإطالة أمد الأزمة إلى أقصى أمد ممكن، بغية تحقيق مصالحها السياسية والعسكرية.
واتهم التحالف العربي، مليشيا الحوثي باستهداف مطاحن البحر الأحمر في الحديدة بالسلاح الناري من أجل تجويع الشعب، مؤكداً أنّ المليشيات لا تزال تراوغ وتماطل في موضوع تطبيق اتفاق استوكهولم، وتتخذ الاتفاق ذريعة لكسب الوقت ونقل المقاتلين والتعزيزات من وإلى الحديدة.
العقيد ركن تركي المالكي المتحدث باسم التحالف قال إنَّ القوات المشتركة والجيش يعتمدون ضبط النفس التكتيكي إزاء الانتهاكات الحوثية لاتفاق استوكهولم من أجل إنجاح جهود المبعوث الأممي لليمن مارتن جريفيث، ورئيس لجنة إعادة الانتشار في الحديدة الجنرال مايكل لوليسجارد.
وأشار المالكي إلى أنّ المليشيات حاولت خلال الفترة الماضية المراوغة وكسب الوقت ونقل المقاتلين والتعزيزات من الحديدة وإليها، وقال: "لقد حاولوا إجبار التحالف على عمل عسكري من خلال إطلاق الصواريخ الباليستية، لكننا نعتمد ضبط النفس التكتيكي مع الحكومة لإنجاح جهود المبعوث الأممي".
مليشيا الحوثي اسقبلت شهر رمضان لهذا العام بإتباع سياسة تجويع المدنيين، عبر افتعال أزمات إنسانية مختلفة بمناطق سيطرتها، وذلك وسط اختفاء مفاجئ لمادتي البنزين والغاز المنزلي، بالإضافة إلى ارتفاع مهول لأسعار السلع الأساسية التي يتسابق الناس عليها قبيل حلول الشهر المبارك.
ومنذ بداية الحرب، كان الوقود والغاز المنزلي التجارة المربحة لقيادات مليشيا الحوثي بحسب صحيفة العين التي أوضحت أنّ ذلك يتم من خلال أسواق سوداء تبيع بمبالغ مضاعفة عن تلك المقررة في المناطق المحررة، وتفاقمت معاناة سكان هم في الأصل محرومون من مرتباتهم منذ ثلاث سنوات.
وبحسب سكان في صنعاء، فإنّ مادة البنزين اختفت بشكل مفاجئ للمرة الثانية خلال ثلاثة أسابيع، ويتم بيع جالون الـ20 لتراً بـ 14 ألف ريال يمني، أي بأكثر من الضعف عن السعر الموجود في عدن 6300 ريال.
وتسبَّب انعدام المشتقات في شلل الحياة بصنعاء وارتفاع أسعار السلع الأساسية التي قفزت إلى الضعف جراء ارتفاع أجور النقل بين المحافظات.
لا تكتفي مليشيا الحوثي بتجويع اليمنيين وحرمانهم من الغذاء فحسب، بل تقوم بحرمانهم من المساعدات التي تقدمها المنظمات الدولية والأممية، وتمنع وصولها إلى المناطق المستهدفة.
وكانت أرقام أممية جديدة قد صدرت قبل أيام، بيّنت جانباً من هول الأزمة، حيث قال مكتب منسقية الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية إنّ اليمن يشهد أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وأن ما يقرب من 80% من إجمالي السكان -أي 24.1 مليون إنسان- بحاجة إلى نوع من أنواع المساعدات الإنسانية والحماية.
وأضافت الأمم المتحدة أنّ 230 مديرية من مديريات اليمن البالغ عددها 333، تواجه خطر المجاعة، وأوضحت أنّ خطة الاستجابة الإنسانية لليمن للعام الجاري تتطلب تمويلا بمقدار 4.2 مليارات دولار، بينما تم تمويل العملية بنسبة 14% فقط.
وبينما تمكّن فريق تابع للأمم المتحدة بقيادة برنامج الغذاء العالمي، من الوصول إلى مطاحن البحر الأحمر في ضواحي الحديدة لإنقاذ 51 ألف طن متري من دقيق القمح المخزن في المطاحن، صرحت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن ليز جراندي أنَّ المنظمة تسابق الزمن لإنقاذ مخزون المواد الغذائية في مدينة الحديدة، الذي يمكن به إطعام ثلاثة ملايين وسبعمئة ألف شخص لمدة شهر واحد.
وأشارت إلى أنَّ الوصول إلى المطاحن الذي توقف خلال الأشهر الثمانية الماضية، كان صعباً جداً، محذرةً من أنَّ آلاف السكان قد لا يعيشون حتى لحظة الوصول إليهم.
أمَّا مدير برنامج الأغذية العالمي في اليمن ستيفن أندرسون، فقال إنَّ مساعدة البرنامج ضرورية لتفادي وقوع مجاعة، مؤكدا أن مستوى الاحتياجات لا يزال ضخماً.