انقلب السحر على الساحر، فالذي كان ينتظر القضاء على الضالع ويافع والجنوب وانهيار المجلس الانتقالي في عرينه وبيته، ها هو يشاهد ويسمع انتصارات الضالع والجنوب بقيادة المجلس الانتقالي الذي أصبح - بفضل الله أولا ثم بفضل ودعم الإمارات العربية المتحدة والتحالف - يملك ألوية مقاتلة وجيشا وحزاما أمنيا ومقاتلين أشاوس لا يعرفون التراجع والانهزام.
فخاب الحوثي وخسر خسرانا مبينا عندما عاود الهجوم المباغت على محافظة الضالع التي أذاقتهم مرارة الهزيمة النكراء عام 2015م ضنا منهم أن الضالع واحدة، وأن شمالها التي انبطح مثل جنوبها، ولكنهم فشلوا فشلا ذريعا في كل حساباتهم.. ولعله كان مقررا الهجوم على الضالع بسيل من المقاتلين الحوثيين لشل وإرباك المقاومة، ومن ثم الهجوم عبر يافع والصبيحة ومكيراس لتشتيت فاعلية المقاومة أيضا، ومن ثم يسهل دخول عدن واحتلالها، وبالتالي السيطرة على الجنوب كله ونسف حلم الجنوبيين باستعادة دولتهم، ولكن نسوا أن الضالع وأخواتها يافع وردفان والصبيحة والجنوب العربي ككل عبر التاريخ القديم والحديث أسطورة من الأمجاد والبطولات لا تنفصم أو تنفصل منطقة عن أخرى، فجميعها يعزفن سيمفونية واحدة هي الانتصارات على مر التاريخ، وبالمقابل فإن النصر ثمنه تضحيات جسام تدفعه تلك المناطق بسخاء لا حدود له، ربما يحاول الحاقدون أحيانا طمس أو ذر الرماد على العيون لإهمال ونسيان تلك التضحيات.
نتساءل: ما الذي جعل الحوثي يغامر مرة أخرى على الاقتراب من أسوار الضالع وحدود الجنوب؟
لعل خيانة من أبناء المناطق الوسطى الشمالية مناطق العود ومريس وقعطبة والحشاء مديريات الشمال من محافظة الضالع وإعلانهم الولاء للحوثي نكاية بالشرعية كما يقولون أسالت لعاب الحوثي وجعلته يغامر بالاقتراب من حدود الضالع جنوبا ولم يكن بحسبانهم أنهم سيجدون حمم جهنمية ومقاومة باسلة بانتظارهم من أبناء الضالع والقوات المسلحة الجنوبية.
كما تعود هؤلاء أن التخاذل وانعدام المسئولية سمة غالبة لدى الشرعية المهترئة الفاسدة، ولعل ذلك طمأنهم أن الضالع سيتم خذلانها كما تم خذلان حجور وتركها تواجه مصيرها، ولا يمكن الاقتراب من حدود الجنوب دون أن يكون لدى الحوثيين ضوء أخضر من أطراف الشرعية التي تعتبر الجنوب قاطبة والمجلس الانتقالي الجنوبي عدواً لها أجمعين.. وكذلك جمود وركود كل الجبهات الأخرى في نهم وصعدة وتعز والحديدة التي ضمنها اتفاق ستوكهولم الأممي جعل الحوثيين يتجهون بقوتهم باتجاه الضالع بوابة الجنوب، فإذا تم كسرها كسر الجنوب قاطبة، ولكنهم وجدوا مقاومة باسلة تصد هجومهم وتذيقهم حمم براكين الضالع التي لا ترحم أعداءها.