الخفافيش بالجنوب
عادل المدوري
بالتزامن مع انتشار أسراب الجراد التي التهمت المحاصيل الزراعية للفلاحين في ربوع الجنوب الحبيبة هذه الأيام في النهار، انتشرت أسراب خفافيش الظلام البشرية في الليل، تعيث في الأرض فساداً، تعمل وفق أجندة خاصة وخفية وفي عتمة الليل، منها إثارة الفتنة بين الجنوبيين الإخوة، ومحاولة إثارة الهلع لدى عامة الناس البسطاء من خلال نشر الشائعات، بالحديث تارة عن توتر وحشود، وتارة أخرى عن وجود انقلاب، وفي أحايين ينشرون الرسائل التشاؤمية عن الجنوب ويشككون في كل شيء جنوبي له قيمة، بدءاً من القيادة السياسية والمقاومة الجنوبية وصولاً إلى العلاقة بيننا وبين شركائنا في التحالف العربي، يسخرون من كل منجز جنوبي تحقق منذ العام 2015م منذ أن تحررت العاصمة عدن وحتى اليوم.
الخفافيشيون تجدهم يظهرون مع كل أزمة في الجنوب، ويتداولون الأفكار والروايات والقصص المفبركة بصورة منظمة ومتشابكة، فمن رسالة واتس أب بالجوال مباشرة وعلى جناح السرعة تتحول إلى العناوين الرئيسية لنشرة أخبار قناة الجزيرة، وتنتقل من مجرد رسالة إلى قضية الشرق الأوسط الأولى قبل قضية فلسطين، ويتم استضافة المحللين المستأجرين مسبقاً من مختلف دول العالم، ويبدأ إعلام الفتنة والتدليس إقليمياً في إشعال الحرائق وقلب الحقائق، فتعظم الصغائر والنكرات والخفافيش والهاربين بملابس النساء، وتصّغر الرجال العظام، رجال الجبهات والخنادق والسلاح، وتتجمع علينا خفافيش الخراب من كل حدب وصوب، تفرد لهم المساحات الكبيرة في وسائل إعلامهم فيحاصرونا بالأكاذيب، وبسبب هلاميتهم وخبرتهم في تسويق الشائعات والكذب بكل ما أوتوا من قوه في ظل صمت العارفين وأصحاب الحق، تجد خفافيش الظلام تستحوذ على المنطق اللحظي لدرجة تجعل من أصحاب الرأي السديد يراجعون أنفسهم ويشكّون من قناعاتهم.
ما يحز في النفس أكثر أننا بالجنوب مجمعون على أن في أوساطنا متحزبين خونة للوطن وعملاء لصنعاء، وأقلام مأجورة تنفث سمومها كل يوم داخل الجنوب، وتسعى للخراب وإعادتنا إلى باب اليمن، ومع ذلك نجد بيننا من يردد، بحسن نية، شعاراتهم ويصدقونها ويفرضون أفكارهم علينا، في ظل تساهل حماة الأفكار وحملة الأقلام الشريفة، الإعلاميون الجنوبيون المؤمنون بالاستقلال واستعادة الدولة على أساس حرية الرأي والتعبير، بينما في واقع الأمر إن الثوابت الوطنية والثورة ودماء الشهداء لا تقبل المساومة ولا النقاش حولها.
آن لنا أن نواجه العملاء من يريدون العودة بنا إلى باب اليمن بما يستحقون من تجاهل، ودحض افتراءاتهم وأكاذيبهم. وآن للجنوب أن ينعم بخيراته واستقلاله ويعم فيه السلام والأمن والمحبة بين أبنائه، وسترحل خفافيش الظلام التي لا تقوى على المقاومة والوقوف طويلاً لأن أرجلها ضعيفة والتي لا تعمل إلا في الظلام، تحيك المؤامرات على الجنوب وأمنه واستقراره وهمها الوحيد البقاء في الثراء لامتصاص دماء الشعب ونهب خيراته وسرقة أراضيه.