النقد الدولي يحذر الدول من إضعاف عملاتها

الخميس 22 أغسطس 2019 02:51:57
النقد الدولي يحذر الدول من إضعاف عملاتها

حذر صندوق النقد الدولي الأربعاء من سعي الحكومات لإضعاف عملاتها عبر تيسير نقدي أو التدخل في السوق، معتبرا أن هذا سيلحق ضررا بعمل النظام النقدي العالمي ويتسبب في معاناة لجميع الدول.
وبحسب "رويترز"، ذكر صندوق النقد في منشور على مدونته، الذي يأتي في وقت يستعد فيه مصرفيون من بنوك مركزية عالمية للاجتماع هذا الأسبوع في جاكسون هول في وايومنج، إن المقترحات المتعلقة بالسياسة لاستخدام التيسير النقدي والمشتريات المباشرة لعملات دول أخرى من غير المرجح أن تكون ناجعة.
وقالت جيتا جوبيناث كبيرة الخبراء الاقتصاديين بصندق النقد الدولي والباحثان في الصندوق جوستافو أدلر ولويس كوبيدو: "لا يجب أن يعتقد المرء بقوة في الرأي القائل بأن تيسير السياسة النقدية يمكن أن يُضعف عملة دولة بما يكفي لتحقيق تحسن مستمر في ميزانها التجاري عبر تحويل في الإنفاق. السياسة النقدية وحدها من المستبعد أن تنتج التخفيضات الكبيرة والمستمرة في القيمة اللازمة لتحقيق تلك النتيجة".
وتثير سياسة معدلات الفوائد المنخفضة والسلبية التي يتبعها البنك المركزي الأوروبي منذ خمس سنوات قلق المصارف في منطقة اليورو التي تتوقع انخفاضا وشيكا آخر.
ويقرر البنك المركزي الأوروبي السياسة النقدية للدول الـ 19 الأعضاء في منطقة اليورو، وتحديدا مستوى سعر الفائدة الرئيس، وتؤثر هذه المعدلات في تكلفة البنوك من حيث الاقتراض وعوائد الادخار.
ومنذ آذار (مارس) 2016، خفض البنك الأوروبي معدل الفائدة الرئيسة إلى صفر في المائة، ما يسمح للبنوك باقتراض النقد مجانا لمدة أسبوع واحد.
ومنذ صيف عام 2014، قرر البنك المركزي الأوروبي أن تدفع البنوك عندما تضع فائض السيولة على المدى القصير لديه، ويبلغ معدل الفائدة على الودائع حاليا -0.40 في المائة.
ويتعين على المصارف الاحتفاظ بأموال لدى البنك المركزي الأوروبي من أجل التعامل مع عمليات سحب يقوم بها العملاء، ومع ذلك، فإنها تودع عموما أكثر بكثير من المبلغ الإلزامي.
وبالتالي، فإن أسعار الفائدة تشكل أداة حاسمة، ويعتزم البنك المركزي تحفيز النشاط الاقتصادي عبر خفض تكلفة الائتمان وإرغام المصارف التي تخزن الودائع بدلا من إقراضها على دفع أموال.
لكن المشكلة تكمن فيما تواجهه المصارف "منذ إدخال الفوائد السلبية على الودائع، فإن الأمر أصبح مكلفا بالنسبة لها"، وفقا لـ إريك دور، مدير الدراسات الاقتصادية في كلية الإدارة في المدرسة العليا للتجارة.
وأضاف: "تفيد التقديرات أن الفائدة الحالية على السيولة الزائدة، تكلف المصارف في منطقة اليورو ما لا يقل عن 7.5 مليار يورو سنويا".
وعلى نطاق أوسع، تؤثر هذه السياسة بشكل مباشر في ربحية البنوك في أعمال الإقراض عن طريق تقليل الهامش في كل مرة بين معدل الفائدة الذي تقرضه وذلك الذي تعيد تمويل نفسها بواسطته.
ومنذ أواخر تموز (يوليو)، بدأت آفاق القطاع المصرفي الأوروبي قاتمة في ظل توقعات بمزيد من الانخفاض في معدلات الفائدة لدى البنك المركزي الأوروبي في منتصف أيلول (سبتمبر).
ويعتقد نيكولا مالاتير، مسؤول القطاع المصرفي في فرنسا لدى وكالة التصنيف "ستاندرد آند بورز جلوبال رايتنجس" أنه "في بداية العام توقعت الأسواق ارتفاعا في معدلات الفائدة في النصف الثاني، لكن الاحتمالات الآن هي معدلات أدنى ولفترة أطول. ربحية البنوك في منطقة اليورو، وهي عرضة للضغوط، قد تصبح مشكلة هيكلية".
ويجب على البنوك إقناع المستثمرين بقدرتها على مواجهة معدلات سلبية مستدامة، مع الالتزام بالمتطلبات التنظيمية التي ترغمهم على تخصيص رأسمال إضافي لمواجهة صدمات مالية محتملة.
وتعاني المصارف التي تعتمد إيراداتها بشكل رئيس على نشاط الإقراض والودائع، على غرار البنوك الإقليمية الألمانية، أكثر من غيرها من البنوك التي تنوع خدماتها المالية أو تعمل في التأمين أو الأعمال والاستثمارات، كما هو حال المؤسسات الفرنسية.
وحتى الآن، يمكن فقط للزبائن من رجال الأعمال وضع ودائع كبيرة لدى أحد البنوك، ولكن استطلاعا أجري في ألمانيا في تموز (يوليو)، أظهر أن نحو 30 مصرفا في البلاد قررت الاستفادة من أغنى عملائها مع ودائع تصل إلى 100 ألف يورو على الأقل.
ومع ذلك، فإن ذلك يبقى أمرا نادرا في منطقة اليورو، حيث المنافسة شرسة بين البنوك التي يتعين عليها جذب مزيد من العملاء للتعويض عن فقدان الهامش.
وهكذا، أصبح الرهن العقاري ذي الفوائد التنافسية الطعم الرئيس الذي يستفيد منه المقترضون الجدد الذين يظهرون على أنهم الرابحون الأكبر في استراتيجية البنك المركزي الأوروبي.
من جهة أخرى، يبدو أن المدخرين هم الخاسرون بسبب تراجع عوائد منتجات الادخار تزامنا مع انخفاض المعدلات. ويشكل هذا مسألة حساسة بشكل خاص في ألمانيا، حيث يعتمد كثير من المتقاعدين على مدخراتهم المالية.
وتؤدي معدلات الفائدة السلبية إلى فقدان الاستثمارات المالية الآمنة جاذبيتها، ويقول إريك دور، إن ذلك يؤدي الى "تحفيز المخاطرة المفرطة، سواء من قبل الأفراد أو صناديق الاستثمار التي تبحث عن عوائد باي ثمن والتوجه إلى منتجات أكثر خطورة، إنه أمر خطر".