أطفال الجبهات.. السعودية تستأصل الإرهاب الحوثي من عقول الصغار
بنفس القدر الذي تهتم به المملكة العربية السعودية في مواجهة المليشيات الحوثية، فإنّها لم تغفل الجانب الإغاثي والإنساني للملايين الذي تضرَّروا من إرهاب الانقلابيين المدعومين من إيران، ومن بين هذه الجهود إنقاذ الأطفال الذين جنَّدتهم المليشيات.
مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية دشّن في الساعات الماضية، مرحلةً جديدةً من مشروع إعادة تأهيل الأطفال المجندين، حيث يستفيد من المرحلة 27 طفلًا مجندًا ليخضعوا لتأهيل نفسي واجتماعي يهدف لإعادتهم إلى حياتهم الطبيعية وإنهاء آلامهم النفسية جراء الصدمات السلبية التي تعرضوا لها نتيجة تجنيدهم قسرًا.
عملية التأهيل تستغرق 45 يومًا، يتلقّى فيها الأطفال إضافةً إلى برامج التأهيل النفسي والاجتماعي، برنامج تعليمي وفق المنهج المدرسي اليمني الرسمي بهدف إعادة الأطفال إلى مدارسهم واكتشاف مواهبهم وتنمية قدراتهم الإبداعية.
ويسعى المركز من خلال هذه البرامج الترفيهية إلى تعزيز ثقتهم بأنفسهم، وكسر حاجز الخوف لديهم، وإضفاء البهجة والسرور على قلوب الأطفال وتشجيعهم على الاستمرار في التعلم رغم صعوبة الظروف التي يمرون بها جراء استمرار انتهاكات المليشيات الحوثية لحقوق الأطفال وتجنيدهم قسريًا.
مشروع مركز الملك سلمان للإغاثة لإعادة تأهيل الأطفال المجنّدين، يتضمّن عشر مراحل، حيث يدخل الطفل الذي تأثر بما شاهد في ساحات المعارك، ويُحدِّد المختصون الاحتياجات الخاصة للطفل سواء علاج طبي أو طبيعي.
ويبدأ الطفل بمرحلة التأهيل النفسي من خلال جلسات السلوك المضادة للاكتئاب والقلق، ويتابع فريق التغذية صحة الطفل وفق برنامج غذائي يشمل خمس وجبات.
وينظم المركز رحلات ترفيهية يشارك فيها الطفل لاكتشاف موهبته، ويتم العمل على تنميتها، ويُمنح كل طفل حقيبة تعليمية متكاملة قبل التحاقه بالمدرسة مع متابعة لمستواه الدراسي، كما يتم إعداد محاضرات لأولياء أمور الأطفال قبيل التخرج للتوعية بمخاطر التجنيد والمسؤولية القانونية المترتبة على ذلك.
وقد كشفت إحصاءات رسمية أنّ المليشيات الحوثية جنَّدت نحو 30 ألف طفل لإشراكهم في المواجهات الدائرة خلال الحرب العبثية التي أشعلتها في صيف 2014.
وفي نهاية 2018، اعترفت المليشيات بأنّها جنّدت أكثر من 18 ألف شخص، وقد جاء ذلك على لسان قيادي حوثي كبير تحدّث لوكالة "أسوشييتد برس" التي قالت بدورها إنّ هذا الرقم أعلى من أي رقم تم الإبلاغ عنه سابقًا، حيث تمكنت الأمم المتحدة من التحقق من 2721 طفلاً تم تجنيدهم للقتال.
ونقلت الوكالة شهادات عن بعض الأطفال الذين أكدوا أنهم انضموا إلى الحوثيين وذلك بسبب الوعود بالمال أو بالفرصة لحمل السلاح، بينما آخرون وصفوا بأنهم مجبرون على خدمة الحوثيين وتم اختطافهم من المدارس أو المنازل أو أكرهوا على الانضمام مقابل إطلاق سراح أحد أفراد العائلة من المعتقل.
وأكد أطفالٌ وآباءٌ ومربون وأخصائيون اجتماعيون أن سياسة الحوثيين تجاه تجنيد الأطفال "حملة عدوانية تستهدف الأطفال، وليست دائمًا طوعية بالكامل".
وأوضحت الوكالة أنَّ المسؤولين الحوثيين يستغلون وصولهم إلى هيئة السجل المدني والسجلات الأخرى لجمع البيانات التي تسمح لهم بتضييق نطاق قائمتهم المستهدفة من الأسر الأكثر احتياجًا في القرى ومعسكرات النازحين، وأولئك الأكثر احتمالاً لقبول عروض نقدية مقابل التجنيد.
وعلى مدار سنوات الحرب المتواصلة، قدّمت المملكة العربية السعودية الكثير من سبل الدعم على الصعيدين الإغاثي والعسكري لانتشال ملايين المدنيين من براثن الحرب الحوثية.
وفي وقتٍ سابق من أكتوبر الجاري، أعلن المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية الدكتور عبدالله الربيعة أنَّ حجم المساعدات السعودية المقدمة إلى اليمن منذ العام 2015 بلغت 14,5 مليار دولار، منها ملياران و269 مليونًا و975 ألف دولار عبر مركز الملك سلمان للإغاثة.
وأكد الربيعة أنّ المساعدات كانت في عدة مجالات أبرزها الأمن الغذائي والصحة، والتعافي المبكر، ودعم وتنسيق العلميات الإنسانية، والمياه والإصحاح البيئي والنظافة، والإيواء والمواد غير الغذائية، والحماية، والتعليم، والخدمات اللوجيستية، والتغذية، والاتصالات في حالات الطوارئ وغيرها.
واستعرض الربيعة المشروعات النوعية للمركز في اليمن مثل المشروع السعودي لنزع الألغام (مسام) ومراكز الأطراف الصناعية التي تقوم بتعويض من فقدوا أطرافهم جرّاء الألغام والصواريخ، وإعادة تأهيلهم للتأقلم مع الأطراف الصناعية المناسبة التي تساعدهم في ممارسة حياتهم الطبيعية، ومشروع إعادة تأهيل الأطفال الذين جندتهم مليشيا الحوثي وزجت بهم في الصراع المسلح ممن هم تحت سن الثامنة عشرة، مبينًا أنه جرى العمل على دمجهم في المجتمع وتقديم الخدمات النفسية والاجتماعية والتعليمية لهم ولأسرهم من قبل خبراء متخصصين.
وأكَّد الربيعة حرص المملكة العربية السعودية على تقديم العمل الإنساني بكل شفافية ودون تحيز ليشمل مناطق اليمن كافة، وأوضح أنّ العمل الإنساني يواجه العديد من التحديات والصعوبات تتمثل في انتهاكات مليشيا الحوثي المدعومة من إيران للعمل الإنساني في اليمن، ومنها حجز سفن المساعدات والقوافل الإنسانية والاستيلاء عليها، وترهيب العاملين في الحقل الإنساني وتأخير وصول المساعدات الإنسانية إلى مستحقيها أو منعها.